Monday, January 31, 2005
Saturday, January 29, 2005
BABA Dramaخبر عاجل: أحداث دراميّة في مسابقة بابا! ـ
بعد أقلّ من ساعة تبدأ الانتخابات العراقيّة داخل العراق (بعد أن بدأت في الخارج) وسط مخاوف وتوقّعات لأحداث دراميّة دامية.
لستُ عن هذه الانتخابات أتحدّث، بل عن انتخابات مسابقة "فضلى المدوّنات العربيّة" بابا
BABA "Best Arab Blogs Awards"
التي اشتركتُ فيها أنا والكثيرين، والتي تنتهي بعد يومٍ وبعض يوم (أو أقلّ من يوم، حيثُ لا أعرف بأيّ توقيت ستُغلق أبواب الاقتراع).
الحدث الدراميّ اكتشفتُه منذ سويعات، وهو أنّ المسابقة قد أُلغيَت في نصف الفئات تقريباً (بعضُها كُنتُ أنافِس فيه)، وذلك لاكتشاف حالات تلاعُب وأصوات مبالغ فيها (على حدّ قول منظّمي المسابقة).
لا أعرف هل أنا حزين أم مرتاح أم فخور.
في الحقيقة لاحظ الكثيرون أنّ بعض الفئات قد حظيت بعدد من الناخبين يفوق المئتين يوميّاً تقريباً، ولاحظ منظمو المسابقة مخالفات عديدة كما يبدو مممّا كتبوه:
لم تُغلق تلك الفئات المشكوك فيها فحسب، بل سيقتصر التصويت للفئات الأخرى في الساعات المُقبلة على من سيُسَجّل نفسه في الموقع (مستخدماً بريد إلكترونيّ وهويّة معروفة).
ماذا أقول؟
هل أشعر بالأسف لمثل هذه المخالفات؟ في مسابقة سابقة عالميّة حدثت مخالفات مماثلة، ولم تقتصر على المدوّنات العربيّة. فلا داعي لجلد الذات ولوم ثقافتنا مثلاً.
من الملوم؟
لا أستطيع لوم لجنة المسابقة ذوي النوايا الحسنة، خاصّةً أنّهم حذّروا من التصويت المتكرّر. كُنتُ قد اقترحتُ عليهم استخدام التحقيق عن طريق عنوان البريد الإلكترونيّ، لكن... مَن لا يملُك أكثر من عنوان؟
هل ألوم أصحاب المدوّنات المتسابقة؟ من يعرف إن كانوا أساساً على علم بما حدث؟ كثيراً ما يكون المتحمّسون لمرشّح في أيّ مجال أكثر رغبةً منه في الفوز. نار المنافسة عمياء، وروح "ستار أكاديمي" و"أمريكان أيدول" تحلّق في الفضاء (حيث التصويت المتكرّر مشروع بل ومُستحبّ-طبعاً لنفع شركات الاتّصالات).
بصراحة قام منظمّو هذه المسابقة بالكثير (ولا أقول بالكافي) لتلافي التلاعُب:
على العُموم، ستوجد وسائل أفضل للتقييم والتنافس في المستقبل.
ومازلتُ-وغيري-نردّد: جميعنا فائزون لتعرّفنا على مدوّنات جديدة، ولحصولنا على مكان للتعريف بمدوّناتنا.
ملحوظة أخيرة: ما زال لي ناقة وجمل في بعض الفئات بالمسابقة، فلا تتردّدوا (إن كنتُم لم تنتخبوا بعد) أن تذهبوا، وتسجّلوا أنفسكُم، وتنتخبوني-إن شئتُم-في الفئات المتبقيّة.
اسم مدوّنتي بالمناسبة
BEYOND NORMAL
لستُ عن هذه الانتخابات أتحدّث، بل عن انتخابات مسابقة "فضلى المدوّنات العربيّة" بابا
BABA "Best Arab Blogs Awards"
التي اشتركتُ فيها أنا والكثيرين، والتي تنتهي بعد يومٍ وبعض يوم (أو أقلّ من يوم، حيثُ لا أعرف بأيّ توقيت ستُغلق أبواب الاقتراع).
الحدث الدراميّ اكتشفتُه منذ سويعات، وهو أنّ المسابقة قد أُلغيَت في نصف الفئات تقريباً (بعضُها كُنتُ أنافِس فيه)، وذلك لاكتشاف حالات تلاعُب وأصوات مبالغ فيها (على حدّ قول منظّمي المسابقة).
لا أعرف هل أنا حزين أم مرتاح أم فخور.
في الحقيقة لاحظ الكثيرون أنّ بعض الفئات قد حظيت بعدد من الناخبين يفوق المئتين يوميّاً تقريباً، ولاحظ منظمو المسابقة مخالفات عديدة كما يبدو مممّا كتبوه:
"Due to rampant forgeries in some polls, we have had not alternative but to close and disqualify all those participants in the following polls:... "
لم تُغلق تلك الفئات المشكوك فيها فحسب، بل سيقتصر التصويت للفئات الأخرى في الساعات المُقبلة على من سيُسَجّل نفسه في الموقع (مستخدماً بريد إلكترونيّ وهويّة معروفة).
ماذا أقول؟
هل أشعر بالأسف لمثل هذه المخالفات؟ في مسابقة سابقة عالميّة حدثت مخالفات مماثلة، ولم تقتصر على المدوّنات العربيّة. فلا داعي لجلد الذات ولوم ثقافتنا مثلاً.
من الملوم؟
لا أستطيع لوم لجنة المسابقة ذوي النوايا الحسنة، خاصّةً أنّهم حذّروا من التصويت المتكرّر. كُنتُ قد اقترحتُ عليهم استخدام التحقيق عن طريق عنوان البريد الإلكترونيّ، لكن... مَن لا يملُك أكثر من عنوان؟
هل ألوم أصحاب المدوّنات المتسابقة؟ من يعرف إن كانوا أساساً على علم بما حدث؟ كثيراً ما يكون المتحمّسون لمرشّح في أيّ مجال أكثر رغبةً منه في الفوز. نار المنافسة عمياء، وروح "ستار أكاديمي" و"أمريكان أيدول" تحلّق في الفضاء (حيث التصويت المتكرّر مشروع بل ومُستحبّ-طبعاً لنفع شركات الاتّصالات).
بصراحة قام منظمّو هذه المسابقة بالكثير (ولا أقول بالكافي) لتلافي التلاعُب:
ـ حجبوا النتائج لتثبيط حدّة المنافسة (رغم أنّ هذا يغيظني فأنا أسأل كلّ من صوّت مؤخّراً عن الأخبار).
ـ حذّروا مراراً وتكراراً.
ـ لم يُعلنوا عن جوائز ماديّة لتلافي إثارة الأطماع. ـ
على العُموم، ستوجد وسائل أفضل للتقييم والتنافس في المستقبل.
ومازلتُ-وغيري-نردّد: جميعنا فائزون لتعرّفنا على مدوّنات جديدة، ولحصولنا على مكان للتعريف بمدوّناتنا.
ملحوظة أخيرة: ما زال لي ناقة وجمل في بعض الفئات بالمسابقة، فلا تتردّدوا (إن كنتُم لم تنتخبوا بعد) أن تذهبوا، وتسجّلوا أنفسكُم، وتنتخبوني-إن شئتُم-في الفئات المتبقيّة.
اسم مدوّنتي بالمناسبة
BEYOND NORMAL
Thursday, January 27, 2005
The Aviator عن "الطيّار".. باختصار
Photo © Copyright Miramax Films
لستُ من مُدَوِّني اليوميّات كما تعلمون.. ولا من المدوّنين التلقائيّين في أكثر الأحيان..
لكن...
شاهدتُ لتوّي فيلم الطيّار* المُرَشَّح لإحدى عشر جائزة "أوسكار" لهذا العام... والمتوَقَّع أن يتربّع على قمّة تلك المسابقة...
الفيلم يستحقّ المُشاهدة.. غنيّ بالـ... المشاعر؟ موَلِّدات المشاعر؟
مُحرِّك للوجدان.. شاحذ للإرادة.. مُثير للأفكار..
لا أريد أن أصِف القصّة.. أو رُبّما لا أقدر.. هي قصّة هوارد هيوز** وكلّ ما كُنتُ أعرفه عنه من قبل أنّ على اسمه تُمنح المِنَح العلميّة الطائلة، وبالتالي أدرك أنّه كان غنيّاً مولعاً بالاختراع والإبداع في البحث العلميّ...
الفيلم يقول أكثر كثيراً عنه وعن إرادته..
وعن الشخصيّة الأمريكيّة بما فيها من نزوات وقوّة وحُلم..
عن سرّ نهضة هذه البلاد الواسعة وسرّ تناقضاتها..
هو فيلم سيُعجب من أحبّ "ذهن جميل***"
ستمضي أيّام حتّى أكتشف مدى تأثير هذا الفيلم فيّ...
وبالتأكيد سيدخُل تأثيره في كلّ ما سأعيشه وأكتبه في ما بعد-شئتُ أمْ أبيتُ
(لعلّ هذا سبب نكوصي عن مشاهدة أعداد كبيرة من الأفلام، وإيثاري الأفلام التي تنال سُمعةً نقديّةً جيّدة، أو التي أُنصَح بِها ممّن أثق بذوقهم وعلمهم ودرايتهم بلغة الفنّ السابع)
وكفى..
ـ
لكن...
شاهدتُ لتوّي فيلم الطيّار* المُرَشَّح لإحدى عشر جائزة "أوسكار" لهذا العام... والمتوَقَّع أن يتربّع على قمّة تلك المسابقة...
الفيلم يستحقّ المُشاهدة.. غنيّ بالـ... المشاعر؟ موَلِّدات المشاعر؟
مُحرِّك للوجدان.. شاحذ للإرادة.. مُثير للأفكار..
لا أريد أن أصِف القصّة.. أو رُبّما لا أقدر.. هي قصّة هوارد هيوز** وكلّ ما كُنتُ أعرفه عنه من قبل أنّ على اسمه تُمنح المِنَح العلميّة الطائلة، وبالتالي أدرك أنّه كان غنيّاً مولعاً بالاختراع والإبداع في البحث العلميّ...
الفيلم يقول أكثر كثيراً عنه وعن إرادته..
وعن الشخصيّة الأمريكيّة بما فيها من نزوات وقوّة وحُلم..
عن سرّ نهضة هذه البلاد الواسعة وسرّ تناقضاتها..
هو فيلم سيُعجب من أحبّ "ذهن جميل***"
ستمضي أيّام حتّى أكتشف مدى تأثير هذا الفيلم فيّ...
وبالتأكيد سيدخُل تأثيره في كلّ ما سأعيشه وأكتبه في ما بعد-شئتُ أمْ أبيتُ
(لعلّ هذا سبب نكوصي عن مشاهدة أعداد كبيرة من الأفلام، وإيثاري الأفلام التي تنال سُمعةً نقديّةً جيّدة، أو التي أُنصَح بِها ممّن أثق بذوقهم وعلمهم ودرايتهم بلغة الفنّ السابع)
وكفى..
ـ
Tuesday, January 25, 2005
يا سلام سلّم، الصورة بتتكلّم
في وقت الصمت... وقت تزاحُم الأفكار وتصادُمها بشَكلٍ يجعل ولادتها عسِرةً مُتَعَسِّرة...
وبينما يَعجز الكثيرون منّا عن التدوين...
ما رأيُكُم في لُغة الصورة* يا قرّائي الأعزّاء؟
* Photolanguage
وبينما يَعجز الكثيرون منّا عن التدوين...
ما رأيُكُم في لُغة الصورة* يا قرّائي الأعزّاء؟
* Photolanguage
ماذا تقول لك هذه الصورة؟ هل هي شروق أم غروب؟ بداية أم نهاية؟
وهذه.. ماذا تقول؟ أحلمٌ هذا أم عِلم؟
اذهب إذن إلى مدوّنة لغة الصورة، لتعبّر بالصور. فرصة للقرّاء المداومين ولقرّائي الجدد أن نتعارف ونتبادل التعبير بطرق جديدة.
في تلك المدوّنة أقترح عليْك أن تعبّر بكلمة أو اثنتين أو ربّما جُمْلةً عمّا تقوله الصورة لك، ليس وصفاً تفصيليّاً، بل ربّما رمزيّاً أو انطباعيّاً (كما هو مشروح فيtarget="_blank" ذلك الموقع). لقد أخفيت تعليقاتي الشخصيّة على صور تلك المدوّنة حتّى لا تشوشر على اختيارك للتعليق، وكي لترى تعليقي (مكتوب هو بالأبيض تحت الصورة) اختر الفراغ تحت كلّ صورة هُناك وظلّلها، يظهر لك ما كُتِب (حبر سرّي بطريقة خايبة).
لكنّني أقترح أيضاً أن تختار أكثر صورة خاطبتك (عددهم حالياً ١٦) وأن تُعَلِّق شارحاً لنا سرّ اختيارك ومغزاه.
ـ
Saturday, January 22, 2005
المدوّنون العرب: انطلقوا
VOTE FOR ME AND FOR THEM...
لا تزال المنافسة مشتعلة في مسابقة فضلى المدوّنات العربيّة. من فضلكم انتخبوا هذه المدوّنة في المجالات التالية
- Best Arabic أفضل مدوّنة باللغة العربيّة
- Best MediaJournalist أفضل مدوّنة صحفيّة
- Best Essayist أفضل كاتب مقالات
- Best Expat أفضل مدوّنة لمغترب
- Best Student أفضل مدوّنة لطالب
Vote for my One-Liners Blog as Best Photography blog
and for my Photolanguage as Best Photography blog
VOTE FOR THESE BLOGS TOO
رغم الحيرة الكبيرة، أدعوكم لانتخاب هذه المدوّنات (وروابطها موجودة في القائمة الجانبيّة):ـ
- Best Egyptian أفضل مدوّنة مصريّةطق حنك
- Best Political أفضل مدوّنة تغطيةً للسياسةطق حنك
- Best Humor المدوّنة الأخف ظلاً والأكثر مسخرة عمر العربيِّ
- Best Design أفضل تصميمالست نعامة
- Best Cultural أفضل تنوّع ثقافيّبين صاحب الأشجار وحمُكشة وطيّ المتّصل محتار
- Best Technology الأفضل تكنولوجياً ّطيّ المتّصل
- Best Art الأفضل فنّياً وأدبيّاً أفريقانو
- Best Personal أفضل مدوّنة شخصيّةليه وعشان إيه (شموسة)ـ
- Best Iraqi أفضل مدوّنة عراقيّةIhath: Don't shoot...
- Best Lebanese أفضل مدوّنة لبنانيّةإنسان خردة للبيع
- Best Kuwaiti أفضل مدوّنة كويتيّةHamad Vision
- Best Jordanian أفضل مدوّنة أردنيّةعمر العربيِّ
- Best Online Community أفضل مدوّنة جماعيّةأرواح شابّة
Wednesday, January 19, 2005
Tuesday, January 18, 2005
هييه! حاجز العشرة آلاف!!ـ
اليوم وفي هذه اللحظة، وبعد ستّة شهور وأربعة أيّام منذ إنشائها، تجتاز مدوّناتي المتعدّية المألوف
Beyond Normal
حاجز العشر آلاف زيارة.
Beyond Normal
حاجز العشر آلاف زيارة.
لم أبدأ العدّ منذ إنشاء المدوّنة (بل من أوّل أغسطس)، وشمل عدّادي الأوّل بعض العيوب، منها عدم إمكانيّة استثناء زياراتي اليوميّة. لكنّه اليوم أفضل حالاً، ومنذ ١١ سبتمبر تلقّت هذه المدوّنات ٩٠٥٠ زيارة فريدة.
من هذه اللحظة، بدأت الفصل في العدّ بين المدوّنة الرئيسيّة (هذه) وبين مدوّنات وحيدات الجمل والأخبار والعناوين.
ما أهميّة هذا؟
ليس إنجازاً "غير عاديّ" لكنّه هام لأنّه يرفع مرتبة المدوّنة ويجلب إليها المزيد من الباحثين (وبالتأكيد المزيد من المتاعب)، وأيضاً يعطي بعض المقاييس عن إقبال القرّاء (خاصّةً أنّه لا توجد عوامل جذب أخرى من صور النجوم وأهل الفنّ والمغنى، ولا جدالات عقيمة ودعايات سقيمة).
شُكراً زوّاري، أهلاً بكم وسهلاً، داوموا على الزيارة تجدون ما...
ما يؤرقكم.
ـ
من هذه اللحظة، بدأت الفصل في العدّ بين المدوّنة الرئيسيّة (هذه) وبين مدوّنات وحيدات الجمل والأخبار والعناوين.
ما أهميّة هذا؟
ليس إنجازاً "غير عاديّ" لكنّه هام لأنّه يرفع مرتبة المدوّنة ويجلب إليها المزيد من الباحثين (وبالتأكيد المزيد من المتاعب)، وأيضاً يعطي بعض المقاييس عن إقبال القرّاء (خاصّةً أنّه لا توجد عوامل جذب أخرى من صور النجوم وأهل الفنّ والمغنى، ولا جدالات عقيمة ودعايات سقيمة).
شُكراً زوّاري، أهلاً بكم وسهلاً، داوموا على الزيارة تجدون ما...
ما يؤرقكم.
ـ
Saturday, January 15, 2005
تحيّة
"Our lives begin to end the day we become silent about things that matter."Martin Luther King day Jan 15...
Martin Luther King Jr.
ـ "حياتُنا تشرف على النهاية يوم نلوذ بالصمت إزاء الأشياء ذات القيمة"ـ
مارتِن لوثَر كينج*
في ذكرى ميلادك
يؤسِفني، أنّ جُلّ العالم لا يَذكُرك.. ولا حتّى يعرِفك..
مشغولون هُم بالعمل ضدّ ما عِشتَ لأجله.. ومُتّ لأجله..
سيّدي الفاضل، دعني أخصّص هذه السُطور ليعرف قُرّائي العديدون كَمْ كُنتَ عظيماً
لا لشيء خارقٍ في قُدراتِك
بل لإيمان خارق جَرَفك أبعد مِمّا تَصَوّرت،
أبعد من الطبيعيّ
لا يزال بَدَني كلّه يقشعرّ كلّ مرّةٍ أراك وأسمعك تردّد بصوتِك الرنّان "أحلم بأن...
ـ"...يتمكّن أبناء العبيد السابقين وأبناء ملاّكهم السابقين من الجلوس معاً إلى مائدة أخوّة واحدة."ـ
لا يزال قلبي يبكي قبل عينيّ حين أسمعك في خطابك الأخير، ليلة اغتيالك في ممفيس، تقول:
"مثل أيّ أحد،
أودّ لو عِشتُ حياةً طويلة،
فطول العُمر له مكانته.
لكنّ هذا لا يعنيني الآن، فما أبغي سوى أن أحقّق إرادة الله،
وقد أتاح الله لي أن أعتلي قمّة الجبل**، ومن هناك تطلّعتُ، فرأيتُ أرض المَوْعِد.
ربّما لن أدخلها معكُم، لكّنني أريدكم أن تعلموا-هذه الليلة-أنّنا سنرِدها معاً كشعب."
لا تزال عيناي تبكيان، رافِضَتَينْ أن تَتَعَزّيا، إذْ أرى مرّةً بعد مرّة...
الظُلمَ يقوى على العدل، أو هَكَذا يبدو
الغَوْغائيّةَ تُسَيْطِرُ على العقلانيّة، أو هكذا يلوح
ثقافةُ العُنف والانتقام تسودُ، أو هكذا يظنُّ أصحابُها
عرِفتَ يا "مارتِن" كَيْفَ تغضب ولا تُخطئ
عرِفتَ كيفَ تكون حكيماً كالحيّات وديعاً كالحمام
ثابِتاً كالجِبال رقيقاً كالنسيم
حَلَلْتَ المُعادلة الصعبة في زمنٍ صعب،
معادلة المطالبة بحقّك دون نفيه عن غيرِك
معادلة مُقاطَعة الجائر، دونَ كُرهه
التوازُن بَينْ الثَورة المتفجّرة والقبول الصابِر
حيّرتَ خُصومك، فلم يجدوا سِوَى الرصاص ليُسكِتوك،
ولم تسكُت
فقد صاحَ الحجَر قبل البَشَر بعد رحيل جسدك:
أطلقوا الشعبَ المُستََعْبَد المُستَبعَد
لم يجدوا سوى إسكات جسدك
لتلحق بِمَن رحلوا قَبلك
بمُلهميك غاندي وعيسى،
ومُعَلِّميك إبراهيم وموسى
سيّدي الفاضِل.. المُناضِل..
ما اغتالوكَ وما قتلوكَ.. ولكِن شُبّه لهم
دماؤك رَوَت بذور كفاحِك
وصَوتُكَ لا يزال يدوّى
"أطلِقوا سراح شعبي"
"لترنّ الحريّة شرقاً وغرباً، في الجبال والسهول"
يبقى لي أن أتعجّب...
كَيْفَ أنّ كُلّ من نادوا باللاعنف، وقاوموا العُنف سقطوا ضحاياه؟
ويبقى لي أن أتساءل...
"متى يأتي دوري"
"هَيْدي مِش مرثيّة..
هَيْدي بس تحيّة
بس"
ـ
ــــ
*إن لَمْ تكُن تعرف مَنْ هو مارتِن لوثر كينج (١٩٢٩-١٩٦٨)، فلا تقُلْ لي لأنّني سأحزن. ولكنّني لن ألومك، بل أدعوك لتقرأ عنه في المواقع التالية:
ـ من إسلام أونلاين: مارتن لوثر كينج، ضمير أمريكا الأسود
ـ من رزجار العلمانية: مارتن لوثر كينج، صرخة ضدّ العنصريّة
ـ موقع لخطبه مسموعة ومقروءة
ـ مقتله ونظريّة المؤامرة
** يستخدم مارتِن لوثر كينج هُنا صورةً توراتيّةً للنبيّ موسى-كليم الله-قبل موته على الجبل المشرف على أرض الموعِِد، التي قاد إليها بعد خروجهم من مصر، في إحدى الأمثلة الكلاسيكيّة على مسيرات التحرّر.
ـ
*إن لَمْ تكُن تعرف مَنْ هو مارتِن لوثر كينج (١٩٢٩-١٩٦٨)، فلا تقُلْ لي لأنّني سأحزن. ولكنّني لن ألومك، بل أدعوك لتقرأ عنه في المواقع التالية:
ـ من إسلام أونلاين: مارتن لوثر كينج، ضمير أمريكا الأسود
ـ من رزجار العلمانية: مارتن لوثر كينج، صرخة ضدّ العنصريّة
ـ موقع لخطبه مسموعة ومقروءة
ـ مقتله ونظريّة المؤامرة
** يستخدم مارتِن لوثر كينج هُنا صورةً توراتيّةً للنبيّ موسى-كليم الله-قبل موته على الجبل المشرف على أرض الموعِِد، التي قاد إليها بعد خروجهم من مصر، في إحدى الأمثلة الكلاسيكيّة على مسيرات التحرّر.
ـ
تسونامي: المساعدة على طريقتي! ـ
ـ"وليه لأ؟"
لا شكّ أنّ بإمكاني فعل شي، ولو بسيط... أنا لستُ أقلّ من هؤلاء (ولكنّني لا شكّ أفقر) ولا من هؤلاء، ويمكنني عمل شيء إلى جانب التفلسف.
يمكنكم أيضاً مساعدتي (ببلاش). سأخصّص-إلى جانب مبلغ معيّن-دخلَ كلّ إعلان تضغطون عليه -من اليوم وحتّى 15 فبراير- في هذه الصفحة (للأسف إعلاناتها معظمها خيرّيّة)، أو بالأخص في هذه، وهذه، وهذه (إعلانات أكثر). بالتتبع في صفحة إعلانات جووجل سأعرف عدد النقرات ودخلها بالمليم (أو السِنت).
تحذير من جووجل: النقر المتكرّر ممنوع (نقرة واحدة لكلّ إعلان في كلّ زيارة)، واستخدام أيّ برنامج (روبوت) بالطبع ممنوع.
لا أستطيع أن أعطيكم ضماناً على كلامي، لكنّكم لن تخسروا شيئاً.
ـ
لا شكّ أنّ بإمكاني فعل شي، ولو بسيط... أنا لستُ أقلّ من هؤلاء (ولكنّني لا شكّ أفقر) ولا من هؤلاء، ويمكنني عمل شيء إلى جانب التفلسف.
يمكنكم أيضاً مساعدتي (ببلاش). سأخصّص-إلى جانب مبلغ معيّن-دخلَ كلّ إعلان تضغطون عليه -من اليوم وحتّى 15 فبراير- في هذه الصفحة (للأسف إعلاناتها معظمها خيرّيّة)، أو بالأخص في هذه، وهذه، وهذه (إعلانات أكثر). بالتتبع في صفحة إعلانات جووجل سأعرف عدد النقرات ودخلها بالمليم (أو السِنت).
تحذير من جووجل: النقر المتكرّر ممنوع (نقرة واحدة لكلّ إعلان في كلّ زيارة)، واستخدام أيّ برنامج (روبوت) بالطبع ممنوع.
لا أستطيع أن أعطيكم ضماناً على كلامي، لكنّكم لن تخسروا شيئاً.
ـ
تسونامي: المساعدة على الطريقة الأمريكيّة
NBC.com > Tsunami_Aid:_A_Concert_of_Hope
NBC-Universal and American Red Cross Join Forces for Tsunami Relief
نجوم هوليوود ونجوم الغناء في أمريكا وبريطانيا ينظمون حفلاً تليفزيونيّاً.
النجوم أنفسهم يتلقّون المكالمات لتشجيع المشاهدين على التبرُّع.
ـ
النجوم أنفسهم يتلقّون المكالمات لتشجيع المشاهدين على التبرُّع.
ـ
"This two-hour, music and celebrity driven broadcast will air live to the East Coast, tape delayed on the West, on NBC, USA, Bravo, Trio, SCI FI, PAX, Telemundo, MSNBC and CNBC with phonelines remaining open throughout the evening. In addition to the musical performances, there are scheduled appearances by Halle Berry, Kevin Spacey, Usher, George Clooney, Uma Thurman, Matt Damon, Catherine Zeta-Jones, Michael Douglas, Bruce Willis, Danny DeVito, Rhea Perlman, Tim Robbins, Eric McCormack, Sean Hayes, Jay Leno, Drew Barrymore and a special message from Former Presidents George Bush & Bill Clinton."
Friday, January 14, 2005
المدوّنون المصريّون.. وجهاً لوجه
تنويه (مِن إيّاهم): عندما أتحدّث عن المدوّنين المصريّين، لا أرمي بهذا إلى عزلهم أو تمييزهم عن بقيّة المدوّنين باللغة العربيّة، ولا عن أيّ مدوّنين. ولكنّني-إذ أنتمي إليهم-أجد الأمر يتعلّق بـ... (أف.. أكره هذا الكلام. أكمل التنويه بمزاجك)
بدأ العدّ التنازُلي لمسابقة "بابا" (فُضلى المُدوّنات العربيّة)، فبعد ساعاتٍ قليلة تنتهي مرحلة ترشيح المدوّنات (أو تزكيتها أو مبايعة مدوّنيها) لجوائز المسابقة والتي تزيد على الأربعين جائزة.
المُسابقة كمسابقات الـ"الأوسكار"، فكلّ مدوّنة مرشّحة لعدّة جوائز في عدّة مجالات، بحسب طبيعتها ومحتواها.
هناك ٢٣ بلداً، و١٨ مجالاً آخر للتسابق. فمثلاً يمكن تُنتخب "صاد" مدوَّنة جزر القمر الفُضلى، وفي الوقت نفسه تكون أفضل مدوّنة عربيّة باللغة الإنجليزيّة، وأفضل مدوّنة في التصميم وفي السياسة. كلّ هذا سيُقاس بالشعبيّة وبعدد الأصوات (والإدارة تحاول جاهدةً التحكُّم لمنع أيّ تلاعُب أو غش).
تحمّستُ لهذه المسابقة بشكل مختلف، فبينما تنافستُ في مسابقة من قبل لأفضل مدوّنة صحفيّة (وفزتُ بالنجمة الفضيّة)، فهذه المرّة كان شغلي الشاغل ترشيح أكبر عدد من المدوّنات التي أعرفها.
ترشيح أيّة مدوّنة لا يعني فوزها، ،بل لا يضمن حتّى حصولها على صوت واحد. لكنّ الترشيح دائماً ما يفيد المدوّن، فيشجّعه على الكتابة أكثر، ويهديه عدداً من الزوّار، وبالتالي يتحقّق هدف أكبر وهو نشر الفكر التدوينيّ المُستقلّ، الذي سينافس الصحافةَ يوماً ما معبّراً عن آراء قلّما نجدها في الصُحف.
حين تبدأ مرحلة التصويت، سوف أقول لكُم آرائي في المدوّنات المختلفة.
الملامح التي تتضّح الآن قبل غلق باب التصويت، هي ذلك العدد الكبير للمدوّنات في دول دون غيرها.
حتّى هذه اللحظة، انظُروا الأرقام:
لم أذكر جميع الدول بالطبع.. لكنّ مصر يمثّلها حتّى الآن ٢٧ مدوّنة.
هييه! تحيا مصر!؟
نعم ولا! هناكَ دواعٍ للفرحة وأخرى للإحباط.
نعم.. مصر أكبر دولة ممثلّة، وهذا يدعو للفخر؛
ولكن...
أنا شخصيّاً وراء ترشيح أكثر من ١٠ مدوّنات مصريّة منها سبعة أحررها أو أشترك في تحريرها. الرقم لا يعكس إذن عدد المدوّنين.
إلى جانب ذلك، مصر ذات السبعين مليون مواطن، يعيش فيها ربع سُكّان الدول الأعضاء في الجامعة العربيّة. الرقم المذهل فعلاً هو الكويت ذات المليونَيْ مواطن والـ ١٩ مدوّنة. بل يبدو أنّ الكثير من المدوّنين المصريّين عاشوا جزءاً من حياتهم في الكويت. تحيّة لهذا الإنجاز.
أعود وأقول، لا للإحباط.. نعم للفرحة.
في يوليو ٢٠٠٤ حين عُدتُ للبلوجة بعد غيبةلقرابة عام، لم أعثُر على مدوّنة مصريّة باللغة العربيّة سوى عند زمكان، إلى جانب حفنة من المدوّنات المصريّة بالإنجليزيّة.
واليوم، العدد يزداد بشكل مُبهر، فللأمام!
أخيراً، وهذا هو سؤال الحلقة القادمة، ماذا سيفعل المصريّون في المنافسة؟
كيف سيتصرّفون وجهاً لوجه؟
لا!! لا أعني ما يدور في بالكم! بالطبع لن نتنافس بهذا الشكل. كلّ ما أعنيه أنّ لنا القرّاء أنفسهم، وهذا يجعل الفرصة كبيرة لما يُسَمّى بتكسير الأصوات، وتحدّث حمُكشةعليه وعلى ضرورة التحالُف.
هل نتحالف انتخابيّاً؟ هل نتقاسم الفئات المختلفة ونتنافس فقط على جائزة فضلى المدوّنات المصريّة والعربيّة؟
لا أعرف... نظام القائمة الانتخابيّة له مزايا وعيوب.
أنا شخصيّاً، لا أطمع في الفوز، حيث إنّ نصف من رشّحوني وناصروني في حملتي السابقة قد صارت لهم مدوّنات وأنا رشّحتُ بعضها هذه المرّة.
اللعب إذن للاستمتاع، وليس للفوز.
أظنّني أعرف من الآن الفائز بالجائزة الجزائريّة والعُمانيّة مثلاً (مرشّح واحد)
ـ
بدأ العدّ التنازُلي لمسابقة "بابا" (فُضلى المُدوّنات العربيّة)، فبعد ساعاتٍ قليلة تنتهي مرحلة ترشيح المدوّنات (أو تزكيتها أو مبايعة مدوّنيها) لجوائز المسابقة والتي تزيد على الأربعين جائزة.
المُسابقة كمسابقات الـ"الأوسكار"، فكلّ مدوّنة مرشّحة لعدّة جوائز في عدّة مجالات، بحسب طبيعتها ومحتواها.
هناك ٢٣ بلداً، و١٨ مجالاً آخر للتسابق. فمثلاً يمكن تُنتخب "صاد" مدوَّنة جزر القمر الفُضلى، وفي الوقت نفسه تكون أفضل مدوّنة عربيّة باللغة الإنجليزيّة، وأفضل مدوّنة في التصميم وفي السياسة. كلّ هذا سيُقاس بالشعبيّة وبعدد الأصوات (والإدارة تحاول جاهدةً التحكُّم لمنع أيّ تلاعُب أو غش).
تحمّستُ لهذه المسابقة بشكل مختلف، فبينما تنافستُ في مسابقة من قبل لأفضل مدوّنة صحفيّة (وفزتُ بالنجمة الفضيّة)، فهذه المرّة كان شغلي الشاغل ترشيح أكبر عدد من المدوّنات التي أعرفها.
ترشيح أيّة مدوّنة لا يعني فوزها، ،بل لا يضمن حتّى حصولها على صوت واحد. لكنّ الترشيح دائماً ما يفيد المدوّن، فيشجّعه على الكتابة أكثر، ويهديه عدداً من الزوّار، وبالتالي يتحقّق هدف أكبر وهو نشر الفكر التدوينيّ المُستقلّ، الذي سينافس الصحافةَ يوماً ما معبّراً عن آراء قلّما نجدها في الصُحف.
حين تبدأ مرحلة التصويت، سوف أقول لكُم آرائي في المدوّنات المختلفة.
الملامح التي تتضّح الآن قبل غلق باب التصويت، هي ذلك العدد الكبير للمدوّنات في دول دون غيرها.
حتّى هذه اللحظة، انظُروا الأرقام:
الكويت ١٩
البحرين ١٢
الأردنّ ١٢
تونس ١٠
الإمارات، العراق ٧ (أقل كثيراً من تمثيل العدد الفعليّ)
في المقابل
الجزائر، ليبيا، عُمان ١
اليمن، السودان، ا لصومال، جيبوتي، موريتانيا، صفر
لم أذكر جميع الدول بالطبع.. لكنّ مصر يمثّلها حتّى الآن ٢٧ مدوّنة.
هييه! تحيا مصر!؟
نعم ولا! هناكَ دواعٍ للفرحة وأخرى للإحباط.
نعم.. مصر أكبر دولة ممثلّة، وهذا يدعو للفخر؛
ولكن...
أنا شخصيّاً وراء ترشيح أكثر من ١٠ مدوّنات مصريّة منها سبعة أحررها أو أشترك في تحريرها. الرقم لا يعكس إذن عدد المدوّنين.
إلى جانب ذلك، مصر ذات السبعين مليون مواطن، يعيش فيها ربع سُكّان الدول الأعضاء في الجامعة العربيّة. الرقم المذهل فعلاً هو الكويت ذات المليونَيْ مواطن والـ ١٩ مدوّنة. بل يبدو أنّ الكثير من المدوّنين المصريّين عاشوا جزءاً من حياتهم في الكويت. تحيّة لهذا الإنجاز.
أعود وأقول، لا للإحباط.. نعم للفرحة.
في يوليو ٢٠٠٤ حين عُدتُ للبلوجة بعد غيبةلقرابة عام، لم أعثُر على مدوّنة مصريّة باللغة العربيّة سوى عند زمكان، إلى جانب حفنة من المدوّنات المصريّة بالإنجليزيّة.
واليوم، العدد يزداد بشكل مُبهر، فللأمام!
أخيراً، وهذا هو سؤال الحلقة القادمة، ماذا سيفعل المصريّون في المنافسة؟
كيف سيتصرّفون وجهاً لوجه؟
لا!! لا أعني ما يدور في بالكم! بالطبع لن نتنافس بهذا الشكل. كلّ ما أعنيه أنّ لنا القرّاء أنفسهم، وهذا يجعل الفرصة كبيرة لما يُسَمّى بتكسير الأصوات، وتحدّث حمُكشةعليه وعلى ضرورة التحالُف.
هل نتحالف انتخابيّاً؟ هل نتقاسم الفئات المختلفة ونتنافس فقط على جائزة فضلى المدوّنات المصريّة والعربيّة؟
لا أعرف... نظام القائمة الانتخابيّة له مزايا وعيوب.
أنا شخصيّاً، لا أطمع في الفوز، حيث إنّ نصف من رشّحوني وناصروني في حملتي السابقة قد صارت لهم مدوّنات وأنا رشّحتُ بعضها هذه المرّة.
اللعب إذن للاستمتاع، وليس للفوز.
أظنّني أعرف من الآن الفائز بالجائزة الجزائريّة والعُمانيّة مثلاً (مرشّح واحد)
ـ
Thursday, January 13, 2005
سعادة الباشا الطالب! ـ
انتَهَى بالأمس "أسبوع البحث عن مُستَشار" للجامعة التي أدرس بها. المُستَشار هو الرجُل الثاني بعد رئيس الجامعة؛ ولكِنْ لأنّ هذه الجامعة لها أكثر من فرع بالولاية، فمُستشار فرع مِمْفيس هو بمثابة رئيس ذلك الفَرْع.
كَيْفَ يُختار ذلك المُستشار؟ القرار النهائيّ لرئيس الجامعة (والأخير نفسه يعيَّن من بين عدّة مُرَشَّحين بعد غربلة وبعد لقاءات مع الكثير من الأساتذة والمستشارين، إلخ...). ولأنّ منصب المُستشار قد خلا، فقد بدأ البحث عن مُستشار العام الماضي وتقدّم للوظيفة ثلاثة (التقَيْنا بهم في العام الماضي لإبداء الرأي-كما سأشرح حالاً).
لكنّ الأمر كان شائكاً، فكيف يُعَيَّن المُستشار، ومنصب الرئيس خالٍ (بعد فضيحتَيْن قاسيَتَيْن أجبرتا رئيسَيْ الجامعة السابِقَيْن على الاستقالة: الأوّل لعلاقة مع موظّفة، والثاني لعلاقة أيضاً صرف عليها من مال الجامعة!!).
الخُلاصة.. تأجّل اختيار المُستشار لحين تعيين رئيس، واختير الرئيس بعناية-بعد أن لُسِع مجلس الجامعة من الشوربة-ثمّ جاء وقت البحث عن مُستشار.
شُكِّلت اللجنة، واختارت ٢٨ مرَشّحاً من أماكن مختلفة في الولايات المتّحدة، تم غربلتهم إلى ثمانية، ثم سبعة بعد اعتذار أحدهم.
هي وظيفة إذن، ليست بالتدرّج الوظيفي كما في مصر، بل بالأسلوب الأمريكيّ تقديم السِيَر الذاتيّة، والتنافُس من كلّ مكان وزمان.
سيختار رئيس الجامعة المستشار بناء على توصيّة اللجنة، ولكن اللجنة تحتاج تقييماً موضوعيّاً. من يقيّم السبعة إذن؟
شيء لا يُصَدِّقه عقل، ولا يتخيّله طالب مصريّ سابق اعتاد أن يقومَ للمعلم ويفيه التبجيلا (وأيضاً اعتاد قفاه الخَوْفَ من المعلّم وتعلّم اتّقاءَ غضب الأساتذة). مَن يقيّمون المستشارين السبعة يا سادتي القرّاء الأفاضل هم: الأساتذة، والعمّال والموظّفين بالجامعة، والطلبة. هل التقييم مجرّد رأي؟ نعم ولا. إنّه ليس تقييماً بالمعنى العاِبر، إنّه استجواب
interview
يعقبه ملء استمارة تقييم*.
على مدى الأسبوع الماضي، كان كلّ مرشّح من كلّ حدبٍ وصَوْب يُشاركنا وَجبة إفطار أو غذاء، نحنُ قادةَ المجموعات الطُلاّبيّة أو ممثلّينا: اتّحاد الطلبة العام، اتّحاد طلبة كلّ كليّة، جمعيّة الطلاّب السود (الأقليّة)، جمعيّة الطلبة الدوليّين (يعني الأجانب) والتي يرأسها أو يمثّلها) العبد لله.
هؤلاء المرشّحون يشملون رئيساً لقطاع بشركة أدوية شهيرة، عميداً لكليّة طبّ، مُستشارة حاكم ولاية نيويورك للشئون الصحيّة، عميد كليّة الصيدلة بجامعتنا، نائب مستشار جامعة كذا، وهلمّ جرا...
"ناس كُبّارة من الآخر يعني"، وفي مصر ينحني لهُم البعض، ويمسحُ لهم البعضُ الآخر الجوخ.
هؤلاء المرشّحون يدخلون مبتسمين، يسلّمون شخصيّاً على الطلبة المُحاوِرين، يقدّمون موجزاً عن أنفسهم و لماذا يريدون العمل في ممفيس.
أمّا الطلبة (نحنُ)، فنجلس بكلّ "ألاطة"، ونُمطرهم بالأسئلة ونحنُ نقضُم الطعام.
سين: كَم طالباً تعرف شخصيّاً؟
سين: ما تجرُبتك في التعامُل مع الطلبة؟
سين: تاريخك يقول إنّك عملت كثيراً في مجال الطبّ، كيف ستواجه تحدّي التعامل مع كلّيات مختلفة؟
سين: لماذا مستوانا أقل من هارڤارد وجامعات كاليفورنيا؟ كيف يمكننا منافستهم في نظرك؟
سين: لماذا تريد ترك وظيفتك الحالية؟
سين: كيف ستتعامل مع عجز الميزانيّة وتقليصها؟ هل سترفع المصاريف؟
سين: ما رأيك في ضرورة تعدّدية هيئة التدريس؟ جامعتنا حالياً نجحت في إعطاء فُرَص متكافئة للطلبة الأقليّة (السود يعني)، لكنّها لم تنجح بالقدر نفسه في تعيين أساتذة من الأقليّة (سود يعني).
كلّ هذا...
والمرشّحون جالسون مؤدّبون، عالمين الوزن الذي تُعطيه اللجنة لصوت الطلبة، ولا سيّما للطلبة السود (الذين عانوا قروناً من التفرقة والحِرمان من بعض الوظائف)، يحرصون على كلّ كلمةٍٍ يقولونها، يكادون يحلفون (كلّ بطريقته) أنّهم "بيموتوا في الطلبة" "هو فيه أحسن من الطلبة"، "أنتم المُستقبل"، "أنتم الخير والبركة".
ولي أنا بالذات: "إحنا من غير الباحثين الأجانب ما نقدرش نتقدّم" "أمريكا بلد احترام الجميع وإعطاء الفُرَص المُتَكافئة"
"يا سعادة الباشا الطالب"
...
يا لانقلاب الآية...
على رأي أهل البلد: "القيامة قامِت يا ولاد.. الطالب بيعيّن الأستاذ.. دي آخر الدُنيا"
وهي ليست آخر الدُنيا.. فالأستاذ والمُستشار يعلمان.. أنّ مصاريف الطالب تدفع راتبه. وأنّ سمعة الجامعة تجلب طلبةً وباحثين أكثر، فلو انخفضت أفلست الجامعة وانتفى البحث العلميّ بها.
هذا يا سادة ما كُنتُ أفعله الأسبوع الماضي...
وكلّ هذا لأتعلّم وأتنوّر وأحصل على الدكتوراه،
وأعود لأتبوأ مكاني في السلك الجامعي...
وأتدرّب على التعامل مع أقفية الطلبة
وبالتأكيد سأنسى ما تعلّمته في هذا الاجتماع،
وسأستمع للنصيحة الخالدة:
"لو تطاطي مرّة للطلبة هيركبوك. لازم تلطيش. لازم هيبة. أنت رمز الجامعة"
وسيتحوّل "سعادة الباشا الطالب" إلى... "أبنائي الطلبة.. اسمعوا كلامي أنا زيّ أبوكم"
نظام غير النظام
قيَم غير القيَم
والعبرة بالـ...
"العبرة بإيه بالظبط؟"
الله أعلم
* جزء من استمارة التقييم التي نملأها بعد مقابلة كلّ مرشّح (تبقى متاحة على الشبكة لثلاثة أيّام تقريباً بعد لقاء كلّ مرشّح- وبالمناسبة لا توجد احتياطات أمن لمنع الغش والتلاعُب، فالثقة مُفترضة في القيادات الطُلاّبيّة؛ وبسبب هذه الثقة لن أقدر أن أرسل لكم الموقع حتّى ينتهي التقييم).
تحديث (١٤ يناير ٢٠٠٥):
انتهى التقييم، وها هو الرابط (لن يبقى فترةً طويلة).
ـ
كَيْفَ يُختار ذلك المُستشار؟ القرار النهائيّ لرئيس الجامعة (والأخير نفسه يعيَّن من بين عدّة مُرَشَّحين بعد غربلة وبعد لقاءات مع الكثير من الأساتذة والمستشارين، إلخ...). ولأنّ منصب المُستشار قد خلا، فقد بدأ البحث عن مُستشار العام الماضي وتقدّم للوظيفة ثلاثة (التقَيْنا بهم في العام الماضي لإبداء الرأي-كما سأشرح حالاً).
لكنّ الأمر كان شائكاً، فكيف يُعَيَّن المُستشار، ومنصب الرئيس خالٍ (بعد فضيحتَيْن قاسيَتَيْن أجبرتا رئيسَيْ الجامعة السابِقَيْن على الاستقالة: الأوّل لعلاقة مع موظّفة، والثاني لعلاقة أيضاً صرف عليها من مال الجامعة!!).
الخُلاصة.. تأجّل اختيار المُستشار لحين تعيين رئيس، واختير الرئيس بعناية-بعد أن لُسِع مجلس الجامعة من الشوربة-ثمّ جاء وقت البحث عن مُستشار.
شُكِّلت اللجنة، واختارت ٢٨ مرَشّحاً من أماكن مختلفة في الولايات المتّحدة، تم غربلتهم إلى ثمانية، ثم سبعة بعد اعتذار أحدهم.
هي وظيفة إذن، ليست بالتدرّج الوظيفي كما في مصر، بل بالأسلوب الأمريكيّ تقديم السِيَر الذاتيّة، والتنافُس من كلّ مكان وزمان.
سيختار رئيس الجامعة المستشار بناء على توصيّة اللجنة، ولكن اللجنة تحتاج تقييماً موضوعيّاً. من يقيّم السبعة إذن؟
شيء لا يُصَدِّقه عقل، ولا يتخيّله طالب مصريّ سابق اعتاد أن يقومَ للمعلم ويفيه التبجيلا (وأيضاً اعتاد قفاه الخَوْفَ من المعلّم وتعلّم اتّقاءَ غضب الأساتذة). مَن يقيّمون المستشارين السبعة يا سادتي القرّاء الأفاضل هم: الأساتذة، والعمّال والموظّفين بالجامعة، والطلبة. هل التقييم مجرّد رأي؟ نعم ولا. إنّه ليس تقييماً بالمعنى العاِبر، إنّه استجواب
interview
يعقبه ملء استمارة تقييم*.
على مدى الأسبوع الماضي، كان كلّ مرشّح من كلّ حدبٍ وصَوْب يُشاركنا وَجبة إفطار أو غذاء، نحنُ قادةَ المجموعات الطُلاّبيّة أو ممثلّينا: اتّحاد الطلبة العام، اتّحاد طلبة كلّ كليّة، جمعيّة الطلاّب السود (الأقليّة)، جمعيّة الطلبة الدوليّين (يعني الأجانب) والتي يرأسها أو يمثّلها) العبد لله.
هؤلاء المرشّحون يشملون رئيساً لقطاع بشركة أدوية شهيرة، عميداً لكليّة طبّ، مُستشارة حاكم ولاية نيويورك للشئون الصحيّة، عميد كليّة الصيدلة بجامعتنا، نائب مستشار جامعة كذا، وهلمّ جرا...
"ناس كُبّارة من الآخر يعني"، وفي مصر ينحني لهُم البعض، ويمسحُ لهم البعضُ الآخر الجوخ.
هؤلاء المرشّحون يدخلون مبتسمين، يسلّمون شخصيّاً على الطلبة المُحاوِرين، يقدّمون موجزاً عن أنفسهم و لماذا يريدون العمل في ممفيس.
أمّا الطلبة (نحنُ)، فنجلس بكلّ "ألاطة"، ونُمطرهم بالأسئلة ونحنُ نقضُم الطعام.
سين: كَم طالباً تعرف شخصيّاً؟
سين: ما تجرُبتك في التعامُل مع الطلبة؟
سين: تاريخك يقول إنّك عملت كثيراً في مجال الطبّ، كيف ستواجه تحدّي التعامل مع كلّيات مختلفة؟
سين: لماذا مستوانا أقل من هارڤارد وجامعات كاليفورنيا؟ كيف يمكننا منافستهم في نظرك؟
سين: لماذا تريد ترك وظيفتك الحالية؟
سين: كيف ستتعامل مع عجز الميزانيّة وتقليصها؟ هل سترفع المصاريف؟
سين: ما رأيك في ضرورة تعدّدية هيئة التدريس؟ جامعتنا حالياً نجحت في إعطاء فُرَص متكافئة للطلبة الأقليّة (السود يعني)، لكنّها لم تنجح بالقدر نفسه في تعيين أساتذة من الأقليّة (سود يعني).
كلّ هذا...
والمرشّحون جالسون مؤدّبون، عالمين الوزن الذي تُعطيه اللجنة لصوت الطلبة، ولا سيّما للطلبة السود (الذين عانوا قروناً من التفرقة والحِرمان من بعض الوظائف)، يحرصون على كلّ كلمةٍٍ يقولونها، يكادون يحلفون (كلّ بطريقته) أنّهم "بيموتوا في الطلبة" "هو فيه أحسن من الطلبة"، "أنتم المُستقبل"، "أنتم الخير والبركة".
ولي أنا بالذات: "إحنا من غير الباحثين الأجانب ما نقدرش نتقدّم" "أمريكا بلد احترام الجميع وإعطاء الفُرَص المُتَكافئة"
"يا سعادة الباشا الطالب"
...
يا لانقلاب الآية...
على رأي أهل البلد: "القيامة قامِت يا ولاد.. الطالب بيعيّن الأستاذ.. دي آخر الدُنيا"
وهي ليست آخر الدُنيا.. فالأستاذ والمُستشار يعلمان.. أنّ مصاريف الطالب تدفع راتبه. وأنّ سمعة الجامعة تجلب طلبةً وباحثين أكثر، فلو انخفضت أفلست الجامعة وانتفى البحث العلميّ بها.
هذا يا سادة ما كُنتُ أفعله الأسبوع الماضي...
وكلّ هذا لأتعلّم وأتنوّر وأحصل على الدكتوراه،
وأعود لأتبوأ مكاني في السلك الجامعي...
وأتدرّب على التعامل مع أقفية الطلبة
وبالتأكيد سأنسى ما تعلّمته في هذا الاجتماع،
وسأستمع للنصيحة الخالدة:
"لو تطاطي مرّة للطلبة هيركبوك. لازم تلطيش. لازم هيبة. أنت رمز الجامعة"
وسيتحوّل "سعادة الباشا الطالب" إلى... "أبنائي الطلبة.. اسمعوا كلامي أنا زيّ أبوكم"
نظام غير النظام
قيَم غير القيَم
والعبرة بالـ...
"العبرة بإيه بالظبط؟"
الله أعلم
* جزء من استمارة التقييم التي نملأها بعد مقابلة كلّ مرشّح (تبقى متاحة على الشبكة لثلاثة أيّام تقريباً بعد لقاء كلّ مرشّح- وبالمناسبة لا توجد احتياطات أمن لمنع الغش والتلاعُب، فالثقة مُفترضة في القيادات الطُلاّبيّة؛ وبسبب هذه الثقة لن أقدر أن أرسل لكم الموقع حتّى ينتهي التقييم).
تحديث (١٤ يناير ٢٠٠٥):
انتهى التقييم، وها هو الرابط (لن يبقى فترةً طويلة).
ـ
Wednesday, January 12, 2005
اشمئزاز
حين يمتزج الغباء والكبت بالجهل
متصفّح (ولج من دولة لغتُها الأولى العربيّة* يوم الأربعاء ١٢ يناير الساعة ١٦:٤٧ بتوقيت جرينتش، ١٠:٤٧ بتوقيتي) وصل إلى صفحتي من خلال بحث جووجل (انظر الصورة).
هل يصدّق أحد هذا؟
لعلّ الباحثـ(ـة) قيل له/لها إنّ أهل تسونامي كانوا يرتكبون المعصية!!
* في البداية عَدَلت عن ذكر الدولة مُكتفياً بمنطقتها الجغرافيّة (تلافياً التشهير)، وبعد تعليق من بلوبوز، اكتشفت أنّني أخطأتُ بفعل هذا فحذفت المنطقة الجغرافيّة واخترت هذا الوصف للدولة حتّى أتلافى أيّ تصنيف للدول).
ـ
متصفّح (ولج من دولة لغتُها الأولى العربيّة* يوم الأربعاء ١٢ يناير الساعة ١٦:٤٧ بتوقيت جرينتش، ١٠:٤٧ بتوقيتي) وصل إلى صفحتي من خلال بحث جووجل (انظر الصورة).
هل يصدّق أحد هذا؟
لعلّ الباحثـ(ـة) قيل له/لها إنّ أهل تسونامي كانوا يرتكبون المعصية!!
* في البداية عَدَلت عن ذكر الدولة مُكتفياً بمنطقتها الجغرافيّة (تلافياً التشهير)، وبعد تعليق من بلوبوز، اكتشفت أنّني أخطأتُ بفعل هذا فحذفت المنطقة الجغرافيّة واخترت هذا الوصف للدولة حتّى أتلافى أيّ تصنيف للدول).
ـ
Monday, January 10, 2005
تسونامي: أصداء التفسيرات
صورة بالقمر الصناعيّ من موقع الـ بي بي سي تظهر الدمار الذي حدث لمنطقة آتشيه الإندونيسيّة
تسونامي: أصداء التفسيرات
(كبسولات: جُرعة ثانية )
ـ
تنبيه: اقرأ النشرة قبل الاستخدام
(كبسولات: جُرعة ثانية )
ـ
أتردّد قبل كتابة هذه السُطور، فقد تُفهَم خطأً، وقد يؤدّي فهمُها الخاطئ إلى نتيجة عكسيّة. أمّا فهمُها الصحيح فله آثار جانبيّة بسيطة تتراوح من التلبّك المعويّ الخفيف إلى التتنيح المستمّر. تكرار التعاطي قد يؤدّي إلى داء إدمان التفكير، اسأل طبيبك قبل الإقدام على هذه المُخاطرة.
تحدّثتُ عن حجم الكارثة، وعن التفسيرات بشأنها، والآن أريد أن أتحدّث عن أصداء تلك التفسيرات بداخلي. ما أشعر به إزاء ما حدث، وما قاله البشر عن لماذا حدث، هو بالطبع، أنّ المَصابَ جليلٌ وَقْعُه ثقيلٌُ وأنّ البشر في خوفٍ وحيرةٍ من أمرهم، يدركون أكثر من العاديّ أنّ حياتَهم في مهبّ الريح. أمام كلّ هذا يحبّ البعضُ أن يهدّئوا الروع، ويصل البعض الآخر إلى حالة هستيريّة تريد إيجاد تفسير مُسَكِّن مخدِّر للأمور، ثم-بالطبع-يحبّ البعض انتهاز هذه الفرصة لتذكير البشر بضعفهم لعلّهم يتوبون، بينما تُفتَح الساحة أيضاً لمن أسمّيهم الراقصين عند القُبور، والصائدين في المياه العَكِرة.
ألاحظ أيضاً ما يلي بعد قراءة التفسيرات المُختلفة:
١) الهرولة إلى التفسير: رغم أنّ المعروف أنّ في التأني السلامة، إلاّ أنّني أشعُر أنّ بداخل كلّ إنسان رغبة في درء الحيرة عن نفسه والتداوي من داء التفكير. يخشى الإنسان إن فكّر قليلاً واحتار قليلاً أن يضلّ عن القطيع الذي يتبعه. يصعُب على أناس كثيرين قول "لا أعلم"؛ ورغم يقينهم أنّ "الله أعلم" إلاّ أنّهم يحبّون أن يدلوا برأيٍ لم يُطلب منهم. يصعُب على الكثيرين أيضاً التعايُش مع أسئلة لا إجابة لها. فيهمّون بالتفسير السريع: غضب الله/ ابتلاء من الله/ عقاب/ إلخ... وبالطبع سينطبق أحد هذه التفسيرات بسهولة ولن يمكن إثباته أو نفيه. فلو كان الضحايا صالحين فقد كانت الكارثة ابتلاءً وكانوا هم شهداء، ولو كانوا طالحين فالكارثة عقاب وتحذير لمن لم يمُت، إلخ...
مرّة أخرى: البشر يصنعون أصنامهم بدلاً من أن يتواضعوا أمام مشيئة الله التي لا يسبرها عقل بشريّ. وكما قال عُمر العربيّ "البشر يفترون على الله بلا علم".
هذا يحدُث مع البشر العاديّين، فماذا عن أولى الأمر ورجال الدين والمطلوب منهم إيجاد تفسير لغيرهم؟ على هؤلاء يقع عِبءٌ أكبر للهرولة إلى تفسير سريع، وإلاّ فقدوا ثقة سائليهم.
٢) بسبب التسرّع الأخير في التفسير، وضع البعضُ أنفسهم في مأزق. فمن قالوا بأنّ هذا غضبٌ من الله على كُفر تلك البلاد (أظنّهم يعنون عبادتهم بوذا) أو على تجارة الجنس وما إلى ذلك، يجدون أنفسهم اليوم في مأزق لا يُفلت منه دين دون آخر. لقد ذهبتُ إلى موقع البي بي سي وتصفّحتُ أخبار الضحايا وبلدانهم. أكثر من ١٥٠ ألفاً من الضحايا! الأماكن المتضرّرة إندونيسيا المسلمة ذات الأقليّة المسيحيّة وتايلاند البوذيّة وسريلانكا ذات الخليط الهندوسيّ البوذيّ والأقليّة المسلمة. اختارت الكارثة من إندونيسيا إقليم آتشيه المسلم الذي يطبّق الشريعة ويطالب بالانفصال، وأصابت انفصاليّي التاميل في سري لانكا كما أصابت سيّاح شمال أوروپا وأكثرهم مسيحيّون. لم تُفلت مجموعة دينيّة من الكارثة، وبالقطع كان في الضحايا ملحدون أيضاً. ١٠٠ ألف إندونيسي، ٣٠ ألف سري لانكيّ، ٥ آلاف من تايلاند، من الصومال مئات، من جزر المالديف، من السويد، مَنْ أَفلتَ من هذا؟
أمّا عن عِقاب تجّار الجنس، فماذا عن الأطفال الذين شكّلوا نسبةً مخيفة من القتلى؟ هل تاجر هؤلاء الأبرياء بالجنس؟ وماذا عمّن يرتكبون معاصيَ أكبر في أماكِن أخرى؟ لماذا التسرّع بالتفسير إذن؟
٣) آخر تعليق لي أعرف أنّه قد يبدو لا-إنسانيّاً ولكنّني أريد أن أقوله في هدوء. ندعو الله جميعاً أن يعطينا العمر الطويل السعيد المديد، وأن يقينا موت الغريق والحريق والطريق، والوباء والفناء وسيف الأعداء. لكنّ المؤمنين جميعاً يؤمنون بحتميّة الموت وضرورته. كيف نموت إلاّ بإحدى هذه الوسائل !! من لم يمُت بالسيف مات بغيره، وفي جميع الأحوال هذه سنّة الحياة وقانون الكون. نولد ونعيش فترات متباينة ثم نموت، يعيش البعض بصحّة والبعض بمرض، و"لا دايم إلاّ وجه الله". هذه طبيعة الكائنات جميعاً، وهذه حتميّة لكي لا تنفجر الأرض بسكّانها. لماذا نُفرط في تفسير الأمور ونحنُ عاجزون عن أبسط التفسيرات؟ هل أضمن أنا أن أنهي هذا السطر حيّاً؟ لا! هل تضمن أنت؟
اقرأ أيضاً:
ـ من أعمالهم سُلِّط عليهم (ماريان چورچ ـ جريدة إيلاف الإلكترونيّة)
ـ حكاية قارب
وأيضاً:
ـ الكارثة تؤدّي للمزيد من تجارة الجنس؟
ـ الفيل صديقي
تسونامي والمتحدّثون الرسميّون باسم الله
تسونامي والمتحدّثون الرسميّون باسم الله
(كبسولات)
ـ
تنبيه: اقرأ النشرة قبل الاستخدام
(كبسولات)
ـ
أتردّد قبل كتابة هذه السُطور، فقد تُفهَم خطأً، وقد يؤدّي فهمُها الخاطئ إلى نتيجة عكسيّة. أمّا فهمُها الصحيح فله آثار جانبيّة بسيطة تتراوح من التلبّك المعويّ الخفيف إلى التتنيح المستمّر. تكرار التعاطي قد يؤدّي إلى داء إدمان التفكير، اسأل طبيبك قبل الإقدام على هذه المُخاطرة.
استكمالاً لـما كتبتُه عن كارثة تسونامي، أحبّ الآن أن أتعرّض لما تعرّض له مدوّنون آخرون* وتناقش فيه البشر في المعابد والمساجد والكنائس، وفي الساحات والمقاهي وصفحات الإنترنت.
سأكتُب عن محاولات الإجابة عن الـ"لماذا" اللعينة.
لماذا نسأل لماذا؟
مرّةً أخرى أشعر أنّ الإنسان قد يقبل الموت أو حتّى الحادث الأليم أسهل قليلاً من تقبّل كارثةً كهذه (كارثة لا تزلزل الأرض فحسب، بل أفكارنا الثابتة التي تريد تفسير كلّ شيء)؛ فيَرِد مثلاً السؤال الكلاسيكيّ (الذي يعدّه الكثيرون طبيعيّاً وأعدّه أنا-كعادتي-غريباً): "لماذا حدث هذا؟" يسأل المؤمنون بالله السؤال بصيغة: لماذا سمح الله بهذا (أو لماذا قام الله بهذا)؟ بينما يسأل غير المؤمنين بالله مثلاً: ما معنى هذا؟ لماذا تحدث هذه الأمور عشوائيّاً؟
قبل أن أبدأ جولتي الخاطفة مع إجابات السؤال، أحبّ أن أقول إنّ السؤال في حدّ ذاته شِبه لا معنى له! فبالنسبة للمؤمنين بالله، يُجمِع أكثرُهم أنّ الله أكبر من تصوّرات البشر، وأنّ "طُرُقه بعيدة عن الفحص" وهو-تعالى-أسمى من أن يُسائله إنسان عمّا يحدُث. ووسط الفلسفات الدينيّة المختلفة والمبادئ التفسيريّة في القضاء والقدر، هُناك من يرى أنّ الله خلق العالم وسنّ له قوانينه، وأنّه-تعالى-يترُك الكون يسير بقوانينه الدقيقة، بما تحمله من استثناءات ومفاجآت (أيّ أنّ الله هو السبب الأوليّ لكلّ شيء). بينما يوجد نموذج دينيّ آخر أكثر شيوعاً (بغضّ النظر عن الديانة) وهو أنّ الله فائق القُدرة هو سببٌ مُباشِرُ يُشرِف على كلّ كبيرة وصغيرة في الكون لغرض لا نعلمه. أيّاً كان النموذج، فالخُلاصة دائماً أنّ الله أعلم.
أمّا بالنسبة لغير المؤمنين، فالسؤال عن "كيف يسمح إلهٌ خيّرٌ بمثل هذه الأحداث" لهو سؤال-إلى جانب كونه وقحاً في عُرف المؤمنين-لا معنى له هو الآخر. فكيف يتساءل المُلحد عن صلاح الله مادام لا يؤمن به؟ ولنفترض أنّ الملحد يتّهم إله الكون بالتلاعب بالبشر، فهذا-إلى جانب كونه اعترافاً بوجود الله-فهو أيضاً سؤال لا إجابة له؛ لأنّه سؤال فيه تمرّد على السلطة الإلهيّة وعدم ثقة بها، وبالتالي فهو سؤال مُتَناقض: كيف تطلب ممّن لا تثق به أن يقدّم لك مبرراً يفوق فهمك لكنّه يرضي غضبك في الآن ذاته؟ لن ترضى عن أيّة إجابة إلاّ إن فوّضت هذه القوّة العُليا بالتحكّم في الكون.
على العموم، حيث إنّ المُجتمعات الناطقة بالعربيّة قد طُرِح بها السؤال من مُنطلق إيمانيّ، فلنبقَ في داخل الإطارِ المؤمنِ بالله. يُدهشني-كما نوّهتُ في تعليقي على مكتوب محمّد عن التعاطُف-أنّ الأغلبيّة سواء في الأوساط المصريّة المسلمة أو المسيحيّة (بالأخصّ القبطيّة الأرثوذكسيّة) قد سارعوا بتفسير أنّ هذا غضب من الله و/أو علامة من علامات الساعة.
وإليكُم العرض الپانوراميّ للإجابات الخاطفة ؛ وهي بالمناسبة لم تختلف كثيراً عن تلك التي أعقبت زلزال أكتوبر ١٩٩٢ في مصر:
١) إرادة الله
شاع التساؤل حول إرادة الله ومشيئته من هذا. وشاعت الجدالات حول القضاء والقدر، ومعنى علم الله المسبق ومعنى تدخلّه في الأحداث.
السؤال "أين الله من كلّ ما يحدث: هل هو المُراقِب أم الفاعل أم المُنقِذ أم المُنتَقِم أم كلُّ ما سبق؟" طُرح في قلوب الكثيرين وجاهَر به القليلون على استحياء.
٢) غضب الله
التفسير الأوّل والأكثر شيوعاً هو أنّ الكارثة غضبٌ من الله.
وأنا بصراحة أستغرب الإسراع بهذا التفسير.
لماذا هو غَضَب؟
لماذا لا يكون لُطفاً إلهيّاً؟
لماذا لا يكون نعمةً لا نفهمها بعد؟
لماذا لا يكون قانون من قوانين الكون التي وضعها الله لحكمة ما.
هو لازم الغضب؟
٣) الحمدُ لله
المؤمنون من كلّ دين يتعلّمون ضرورة حمد الله في السراء والضراء. لكن هناك نوعاً ثالثاً من الحمد، حين لا يكون الأمر يتعلّق بالحامِد! يحمد الكثيرون الله أنّ هذا لم يحدُث لهم. مفهومٌ شُكر الله لحمايته المستمرّة لعِباده، لكن هل هذا الحمد عن إيمان أم عن جُبن أم يحمل في العُمق نذالةً لسان حالها يقول: "الحمد لله إنّي أفلتّ من حاجة زي كده"؟ عظيم.. فماذا عمّن ابتُلي بالمصيبة؟ هل يعني هذا أنّه مغضوب عليه؟ ولو لم يكُن... هل بيدك فعل شيء من أجله أم "انفد بجلدك وليهلك من يهلك؟"
٤) "ربّ ضارّة نافعة"
القليل سمعتُهم (أو قرأتُهم) يقولون: ربّ ضارّة نافعة. مع أنّنا بالفعل إن تروّينا وهدأنا لرأينا في هذه الكارثة وكلّ كارثة آثاراً إيجابيّةً قادمة. العالم يتضامن، الأحلاف تتكوّن في شيء غير العدوان والحرب، الكثيرون يعطون بسخاء، الكثيرون يشعرون بفقر تلك الدول التي ربّما لم يسمعوا بها من قبل، التوّتر السياسيّ في بعض الأماكن يهدأ.
٥) لا نملُك سوى الدٌعاء
هذا بالطبع ما فعله الكثير من الطيّبين من جميع ألوان البشر وأشكالهم. (كلّ اللي عنده نبي يصلّي عليه-على حدّ القول الشعبيّ)، وبالفعل لجأ الكثيرون لله بشكل إيجابيّ، بدلاً من التساؤلات السوفسطائيّة. وتساءل البعض: هل تكفي الصلاة والدُعاء؟ اتّهم البعض المصلّين بالهُروب، بينما ردّ الحكماء منهم: الدُعاء وحدُه يكفي بشرط أن يكون الداعي على استعداد ليكون هو استجابةَ دُعائه: فلو كان يملُك مالاً أو غيره، لا يبخل به.
٦) علامات الساعة
علامات الساعة تفسير كلاسيكيّ لكلّ كوارث الكون وأحداثه الجسام. هُناك شيء لا شكّ فيه لمن يؤمن باليَوم الآخر، يوم القيامة يقترب! هذه حقيقة لا جدال فيها: فما دام ذلك اليوم لم يأتِ بعد، وما دام الزمان يمرّ، فلا شكّ أنّه كلّ يوم يكون أقرب من اليوم السابق. فما العبقريّة في اكتشاف أنّه يقترب؟ لا أستبعد أن تولد نظريّة فقهيّة أو لا هوتيّة جديدة بشأن كون القيامة تبدأ تدريجيّاً فتقوم على قَوْمٍ قبل قوم حتى تأتي على البشر جميعاً.
٧) قدرة الله
هذا تفسير أيضاً موجزه أنّ قدرة الله تتجلّى في الطبيعة بكافّة أشكالها. أعطانا الله أرضاً تتزلزل واخترنا نحنُ العيش فيها، اخترنا المُخاطرة بالسكن بالقُرب من السواحل واخترنا تحدّي الطبيعة أحياناً. ما لا أفهمه هو سرّ تلك الشماتة في أحاديث البعض، كأنّهم سُعداء أنّ الإنسان لا يزال عاجزاً أمام الله (أو أمام الطبيعة بحسب الملحدين). يا سادة أفيقوا. الله لا يحتاج إلى مُحامين؛ تتفاخرون بعجز الإنسان والعلم عن حلّ بعض المشكلات، ويوم تُصابون بداء عُضال تترجّون الأطباء أن يجدوا علاجاً، وتدعون الله أن يهدي الإنسان للقضاء على كلّ مرض. عجبي!
أختم بقول إنّني بالطبع لا أنفي أحد هذه التفسيرات السبعة، ولا أثبتها. بل أزعُم أنّ لا أحد يستطيع نفيها أو إثباتها، اللهم إلاّ إن كان قد بُعِثَ فينا نبيُّ جديد.
أخيراً: وجدتُ هذه التعليقات في صفحة الرأي بموقع الإذاعة البريطانيّة-تشمل العديد من النماذج. اقرأوها "يمكن تنفعكم"، ومنها بالتحديد هذه التعليقات **.
ـ
* اقرأ مثلاً لهؤلاء:ـ محمّد، ابن عبد العزيز، حَمَد (أُضيف الأخير في ١١ يناير ٢٠٠٥)
** آراء مُنتقاة
تسونامي: الكوارث مقامات! ـ
فات اليَوْم أكثر من أسبوعَينْ على الكارثة التاريخيّة الكُبرى في جيلي وربّما في القرن الأخير كلّه؟
ـ ما الذي يجعل كارِثةً طبيعيّة أكبر من غيرها؟ هل الكوارث مقامات؟
ـ لا إجابة!
أعترف بتبلّدي الشديد أمام الخبر، الذي لمحته فَوْرَ وقوعِه على الموقع الإلكتروني للـ بي.بي.سي (هيئة الإذاعة البريطانيّة) كخبر عاجل
(Breaking News)
عن زلزال، ثم أمواج، ثم غَرَق..
لوهلة ظننتُ الأرض كلّها ستغرق متذكّراً أفلام الخيال العلميّ. ثم نمتُ واستيقظتُ لأجد زيادة لوغاريتميّة في أعداد الضحايا: خمسون ألفاً، ستّون، ثمانون، مائة. ربّما مائة وأربعون. قد يتضاعف العدد بسبب الأوبئة.
تساءل "إنسان خُردة" من قبل عن لامبالاته أمام أعداد القتلى بسبب اعتياده القراءة عن ضحايا الحُروب يوميّاً. ومن هُنا أطرح أنا سؤالاً يبدو ساذجاً: لماذا يتناسب مدى تأثّرنا طرديّاً مع عدد القتلى؟ وهل نصل إلى "عتبة" معيّنة بعدها لا تَفْرِق الأعداد؟ أتذكّر اقتباسَ الكاتب نفسه من ستالين "حين يُقتَل رجلٌ فهي مأساة، وحين يُقتل ملايين فهي مجرّد إحصائيّة *"ـ
أنا كان موقفي هذه المرّة أقلّ تأثّراً من ذي قبل. فرغم الآلام والصُوَر المُفزعة، فهُناك بعض مبادئ تحكّمت في ردّ فعلي وخفّفت من صدمتي:
١) أتألّم لضحايا الحُروب، لأنّ موتهم يبدو نتيجة غباء القادة و غطرستهم وأطماعهم، ولأنّه نتيجة قتل الإنسان لأخيه الإنسان. أما الكوارث التي لا يدَ للبشر فيها، فهي على الأقلّ تفاعُلٌ بين الإنسان والطبيعة؛ وقديماً قيل إنّ "السقوط في يد الله خير من السقوط في يد إنسان"**. ـ
٢) العدد في الليمون! إنسان مثل عشرة مثل ألف. لو فقدَت أسرة طفلها الوحيد في حادث أو في زلزال صغير، فلن يجعلهم هذا أقلّ تأثّراً من ١٠٠ ألف أسرة فقدت ١٠٠ ألف طفل. لا أريد أن أبدو وحشيّاً متبلّد الحسّ هُنا؛ لكنّني أيضاً أشعر أنّ بعضَ الفضول الجماهيريّ والتغطية الإعلاميّة التي قد تغذّيه باقتدار يدفعان البعض لاعتبار كارثةًَ ما أكثر أهميّة منه غيرها (قارن بالملايين ضحايا الإيدز في أفريقيا، و ضحايا المجاعات والحروب الأهليّة في القارّة نفسها). جميع الكوارث سواءٌ، والموتُ هو الموت، وفُقدان الأحباب هو فقدان الأحباب لدى البيض والسود والصُفر والناس من كلّ ملّة ولدى عديمي الملل أيضاً.
٣) لا أنفعل مع ما ليس بيدي تغييرُه كما أنفعلُ مع ما يمكنُني اتّقاؤه أو علاجُه. لو كانت الكارثةُ وباءً مثلاً، سأفعل قصارَى جهدي لإيجاد المصل والعلاج السريع، ولن أهدأ حتّى أطمئنّ على احتواء الوباء. لكنّ الزلزال قد حدث، والأمواج قد جارت عَلى الأرض؛ وما بيد البشر الآن إلاّ تلافي الأوبئة الممكنة وفعل ذلك بأقصى سُرعة.
ـ
* مقولة ستالين:ـ
Sunday, January 09, 2005
مذبحة القلعة الثانية
مذبحة القلعة* الثانية
سيناريو من الخيال المُستقبليّ
سيناريو من الخيال المُستقبليّ
تنويه واجب: (التنويه التالي بديهيّ، وللأسف صار ضروريّاً ومألوفاً في ساحات الإبداع قصصاً وأفلاماً): هذا السيناريو من الخيال المستقبليّ، وأيّ تشابه بين القصّة وبين أحداث ستقع في المُستقبل سيكون مُصادَفةً بحتة فلا هو ادّعاء للتنبّؤ ولا هو تآمر من كاتب السطور،لذا وجب التنويه.
يدخل "حاء" عالم البلوجة.
حاء مدوِّنٌ فوق العادة. لديه معلومات غزيرة وجرأة سياسيّة يُحسد عليها. حاء ينتقد جميع السادة الوزراء ورؤساء الوزراء، بل أكثر من ذلك، ينشر نقداً موضوعيّاً تفصيليّاً للسيّد الرئيس شخصيّاً.
لماذا يا حاء؟ تساءل المدوّنون الآخرون؟ دعنا من السياسة العُليا، نحنُ نحبّ النشر عن الصحافة والفكر وآخر الوجبات الدسمة.
حاء يجيب بعنتريّة: إنّنا المستقبل. المستقبل للتدوين. سوف تُكتب أسماؤنا (المُستعارة؟) في سجلّ تاريخ الوطن جنباً إلى جنب مع مصطفى كامل وسعد زغلول وعبد الناصر ومحمود الخطيب. سوف تفوق شهرتنا شهرة الصحفيين، وسوف يعرف أبناء القرن القادم ماذا فعل المبلوجون من أجل الوطن.
المدوّنون المصريّون يبكون تأثّراً. يقسمون ألاّ يمنعهم عن حبّ الوطن مانع. يتعلّمون من حاء حرفة النقد السياسيّ اللاذع. يملأون مدوّناتهم بكلّ ما تحفل به قلوبهم الشابّة من صدق وحماس وإخلاص وحبّ للوطن والمواطنين.
الصداقة تتوطّد مع حاء، تبادُل رسائل، مكالمات هاتفيّة سلكيّة ولا سلكيّة، تبادل صُوَر، (رغم أنّ حاءً يشجّع المدوّنين على الحرص بالطبع وعدم وضع صورهم في المدّونات تلافياً لأيّة مضايقات).
حاء يتمنّى رؤية جميع المدوّنين؛ فهو يحبّهم ويحبّونه، وهو أيضاً يرشدهم ويعلّمهم. فماذا عن لقاء كبير سريّ، يجمع المدوّنين المصريّين في وليمة. حاء يقترح مطعماً إيطاليّاً فاخراً في أرض الجولف بمصر الجديدة، لكنّ المدوّنين المصريّين-لوطنيّتهم، وميزانيّاتهم، ولوجود بعضهم في الخارج واشتياقهم للطعام المصريّ-يتردّدون. يقترحون في المُقابِل محلّ كشريّ، لكنّ حاء يصرّ أنّه سيدفع للجميع، فهذه لحظة تمنّاها كثيراً، ويقترح مَسْمَطاً في القلعة (قمّة الفولكلور).
تحين ساعةُ اللقاء. القلوبُ تنبُض تأثّراً.
العرق يتصبّب. المدوِّنات تلمع في عيونهنّ دموعٌ متلألئة، والمدوِّنون يتماسكون فقط لأنّ الرجال لا يبكون. يلتقي الجميع من كلّ حَدْبٍ وصَوْب.
منهم من استقلّ قطاراً من الشمال أو الجنوب، ومنهم من قطع عشرين ساعةً بالطائرة من الشرق أوالغرب.
يتوافدون على "مَسمَط العائلات" بذلك الشارع الضيّق من شوارع منطقة القلعة.
أين حاء؟ أين حاء؟
يدعوهم المعلّم أن يهمّوا بالجلوس، فالكوارع الشهيّة والفشّة والمُمبار والفتّة وطواجن لسان العُصفور، تنتظرهم.
ويُغلَق الباب.
وينهال المعلّم وصبيانه عليهم بالسواطير.
يأتي حاء باكياً لفرز الكوارع والعظام، وإعداد الشوربة الطازجة تهيداً لغليها وتجفيفها وتصنيع مرقة دجاج "بلوجّر" بالتدوين والشفاء!
يَفتَح مسمط العائلات ثلاثة فروع: في جاردن سيتي، أرض الجولف، وفي سموحة بالأسكنديّة، وصاحبه أيضاً شريك في مصنع مرقة بلوجّر الغذاء الرئيسيّ للمحتجزين السياسيّين في مصر.
تمّت
خارج السياق: هل سيقبل المدّونون المصريّون دعوتي لنلتقي على العشاء حين أعود لمصر؟ ملحوظة: كلٌّ سيدفع لنفسه. ـ
هامش
ـ
* مذبحة القلعة معروفة في التاريخ المصريّ القديم، وفيها دعا محمّد على (حاكم مصر الألبانيّ الأصل والذي يُعدّ مُؤَسِّس مصر الحديثة) خصومه السياسيّين إلى وليمة كبيرة في قلعة الجبل بالقاهرة، وتخلّص منهم. رأينا مثل هذه الحوادث أيضاً في التاريخ الحديث بشكل أو بآخر، أشهرها فيلم الأب الروحيّ لكوپولا.
ـ
مالكُم وما للناس؟
أقرأ مقالاً جيّداً * في موقع "إسلام أونلاين" على الإنترنت، يناقش سؤالاً لشاب حول ضعفه أمام بعض الصَُوَر العارية المثيرة للغرائز التي يبُثُّها العديد من مواقع الإنترنت. سؤال صادق يعبّر عن صراع إنسانيّ طبيعيّ. سرّ جودة المقال أنّه لا يدين السائل ولا يكبُته أو يعنّفه، بل يقرّ بصعوبة مقاومة تلك المواقع إلخ، ويقترح اقتراحات عمليّة جيّدة فعلاً (تدل على خبرة وتفهّم للكاتب)، ولايقتصر على مجرّد تقديم حلول نظريّة تعجيزيّة.
ما لا أفهمُه هو أنّ الكاتب المسلم الذي يردّ على السائل المسلم ينتهز الفُرصة لانتقاد المسيحيّة واليهوديّة**(هكذا! في عبوّة واحدة يجمع المذاهب والتيّارات المتعددة في تلكما الديانتين القديمَتَيْن) بسبب نظرتهما السلبيّة للجسد والجنس على عكس الإسلام المُعتَدِل الذي-بحسب رؤية الكاتب-لا يرى صراعاً بَيْنَ الجسد والروح بل يقدّم رؤية شاملة.
بارك الله فيك يا أخي، تُساعِد الشباب على فهم دينه وعلى مقاومة ما يؤثّر لا في آخرته فحسب، بل في نموّه ونضجه النفسيّ العصبيّ . ما الذي حَشَر المسيحيّة واليهوديّة هُنا؟ تحشُر تفسيرَك الخاص للديانتين أو تفسير طائفة بعينها أو حقبة مظلمة معيّنة أو إساءة فهم من البعض لكلمتي الجسد والروح في مَوْضِعٍ من مقالك بعيداً عن السياق حشراً لا داعيَ له. أنتَ حرّ طبعاً، لكن:
مالك وما للناس؟
في أماكِن عديدة أيضاً، بعضُ العقلانيّين المجَدِّدين المهتمّين بنقد التٍُراث ينقُدون الخطاب الدينيّ المُعاصر، وينتقدون رؤيا معيّنة ضيّقة للدين الإسلاميّ في شكله الحاليّ، ويهاجِمون بعض الشيوخ أو الدُعاة واصفين إيّاهم بالـ"كهنوتيّة" والـ"رهبانيّة" مع أنّ لا كهانة ولا رهبانيّة في الإسلام. يا سيّدي، جدّد في دينك ما تشاء، انقُد الخطاب الذي تراه لا عقلانيّ، لكِن لماذا تحشُر الرهبانيّة والكهانة، وتصفهم بما ليس فيهم.
مالك وما للناس؟
في الجانب الآخر من الخريطة الجغرافيّة والدينيّة، قد يتحدّث واعِظٌ تليفزيونيّ مهاجِماً الزواج المدنيّ، ومؤكِّداً على أهميّة الزواج في الكنيسة، ثم يعدّد مزايا الزواج في المسيحيّة منتقداً طائفة المورمونيّين الذين يبيحون تعدّد الزوجات، أو المسلمين الذين يسمحون بالزواج بأربعة. يا سيّدي الفاضل، دافع عن الزواج المسيحيّ قدرَ ما تستطيع، عدّد مزاياه. لكِن، هذا لا يُعطيك الحقّ أن تنال من شرائع الآخرين-بحسب تفسيرك الخاصّ- خارج السياق الذي يُحِبّون أن يقدّموه هم، خاصّةً أنّه من النادر أن يشاهد برنامجك مورمونيّون أو مسلمون، وبالتالي فلن تُتاح لهم فرصة التعقيب والإيضاح.
مالك وما للناس؟
وهكذا...
هذا الواعِظ يقول: "إحنا مش زيّ المسلمين اللي بيقولوا ...، لكنّنا بنقول...."
وذاك الرابَّاي (المعلم اليهوديّ) يقول: "بينما يغرق المسيحيّون في خُرافة ...، نعيش نحنُ في طهارة بسبب ...."
والعلاّمة الفذ داعية الإلحاد يتندّر: "علينا التصرّف السريع أمام تلك الكوارث الإنسانيّة بدلاً من التساؤل: لماذا حدثت وما معناها! يعجز الدين دائماً عن إجابة تلك الأسئلة الصَعبة، ويترُك مُريديه مخدّرين مُدَغدَغين عاطفيّاً، منشغلين عن دُنياهم بآخرتهم، عاجزين عن تفسير الحوادث الجِسام إلاّ بإلقائها على قوّة خارجيّة عُظمى ...."
يا عباقِرةً في مجالاتِكم، يا خبراءً في دياناتكم، يا فلاسفةً في مدارسكُم، ما دام الأمر لا يتعلّق بمقارنة مباشرة،
مالكُم وماللناس؟
الثابت في مُعظَم هذه الأحاديث التي تثير امتعاضي هو أنّ المتحدّث دائماً ما يفسّر نصوصاً "حمّالة أوجه" يُقدّسها غيره ويجحدها هو أكثر التفسيرات سذاجةً وسطحيّةً، أو يختار من مفسّريها أغباهم وأبعدهم عن رأيه ليظهر التضاد المُفتعَل.
الثابت أيضاً في ردود أفعال المُشاهِدين أنّهم يحترفون سياسة "بَلع الزلط وتمنّي الغَلَط***" بحسب هويّة المُهاجِم والمُهاجَم!
كم من الظُلم أن يمثّلني أحد بطريقة غير التي أريد أن أُمَثّل بها؟
كم من الجهل أن يفسّر أحد كُتُبي بمنهج غير الذي يفسّر به كُتُبه؟
كم من العمى ألاّ أرى الظُلم والإجحاف إلاّ حين يُنَال ممّا أومن به أنا، أو الفكر الذي أعتنقه، أو الحزب الذي أتبعه؛ وأن أعجز عن رؤية الأمر نفسُه حين يكون المُهاجِم من حزبي وقطيعي وقافلتي.
يا عُقَلاء الدُنيا اتّحدوا.. قبل فوات الأوان!
ـ
ما لا أفهمُه هو أنّ الكاتب المسلم الذي يردّ على السائل المسلم ينتهز الفُرصة لانتقاد المسيحيّة واليهوديّة**(هكذا! في عبوّة واحدة يجمع المذاهب والتيّارات المتعددة في تلكما الديانتين القديمَتَيْن) بسبب نظرتهما السلبيّة للجسد والجنس على عكس الإسلام المُعتَدِل الذي-بحسب رؤية الكاتب-لا يرى صراعاً بَيْنَ الجسد والروح بل يقدّم رؤية شاملة.
بارك الله فيك يا أخي، تُساعِد الشباب على فهم دينه وعلى مقاومة ما يؤثّر لا في آخرته فحسب، بل في نموّه ونضجه النفسيّ العصبيّ . ما الذي حَشَر المسيحيّة واليهوديّة هُنا؟ تحشُر تفسيرَك الخاص للديانتين أو تفسير طائفة بعينها أو حقبة مظلمة معيّنة أو إساءة فهم من البعض لكلمتي الجسد والروح في مَوْضِعٍ من مقالك بعيداً عن السياق حشراً لا داعيَ له. أنتَ حرّ طبعاً، لكن:
مالك وما للناس؟
في أماكِن عديدة أيضاً، بعضُ العقلانيّين المجَدِّدين المهتمّين بنقد التٍُراث ينقُدون الخطاب الدينيّ المُعاصر، وينتقدون رؤيا معيّنة ضيّقة للدين الإسلاميّ في شكله الحاليّ، ويهاجِمون بعض الشيوخ أو الدُعاة واصفين إيّاهم بالـ"كهنوتيّة" والـ"رهبانيّة" مع أنّ لا كهانة ولا رهبانيّة في الإسلام. يا سيّدي، جدّد في دينك ما تشاء، انقُد الخطاب الذي تراه لا عقلانيّ، لكِن لماذا تحشُر الرهبانيّة والكهانة، وتصفهم بما ليس فيهم.
مالك وما للناس؟
في الجانب الآخر من الخريطة الجغرافيّة والدينيّة، قد يتحدّث واعِظٌ تليفزيونيّ مهاجِماً الزواج المدنيّ، ومؤكِّداً على أهميّة الزواج في الكنيسة، ثم يعدّد مزايا الزواج في المسيحيّة منتقداً طائفة المورمونيّين الذين يبيحون تعدّد الزوجات، أو المسلمين الذين يسمحون بالزواج بأربعة. يا سيّدي الفاضل، دافع عن الزواج المسيحيّ قدرَ ما تستطيع، عدّد مزاياه. لكِن، هذا لا يُعطيك الحقّ أن تنال من شرائع الآخرين-بحسب تفسيرك الخاصّ- خارج السياق الذي يُحِبّون أن يقدّموه هم، خاصّةً أنّه من النادر أن يشاهد برنامجك مورمونيّون أو مسلمون، وبالتالي فلن تُتاح لهم فرصة التعقيب والإيضاح.
مالك وما للناس؟
وهكذا...
هذا الواعِظ يقول: "إحنا مش زيّ المسلمين اللي بيقولوا ...، لكنّنا بنقول...."
وذاك الرابَّاي (المعلم اليهوديّ) يقول: "بينما يغرق المسيحيّون في خُرافة ...، نعيش نحنُ في طهارة بسبب ...."
والعلاّمة الفذ داعية الإلحاد يتندّر: "علينا التصرّف السريع أمام تلك الكوارث الإنسانيّة بدلاً من التساؤل: لماذا حدثت وما معناها! يعجز الدين دائماً عن إجابة تلك الأسئلة الصَعبة، ويترُك مُريديه مخدّرين مُدَغدَغين عاطفيّاً، منشغلين عن دُنياهم بآخرتهم، عاجزين عن تفسير الحوادث الجِسام إلاّ بإلقائها على قوّة خارجيّة عُظمى ...."
يا عباقِرةً في مجالاتِكم، يا خبراءً في دياناتكم، يا فلاسفةً في مدارسكُم، ما دام الأمر لا يتعلّق بمقارنة مباشرة،
مالكُم وماللناس؟
الثابت في مُعظَم هذه الأحاديث التي تثير امتعاضي هو أنّ المتحدّث دائماً ما يفسّر نصوصاً "حمّالة أوجه" يُقدّسها غيره ويجحدها هو أكثر التفسيرات سذاجةً وسطحيّةً، أو يختار من مفسّريها أغباهم وأبعدهم عن رأيه ليظهر التضاد المُفتعَل.
الثابت أيضاً في ردود أفعال المُشاهِدين أنّهم يحترفون سياسة "بَلع الزلط وتمنّي الغَلَط***" بحسب هويّة المُهاجِم والمُهاجَم!
كم من الظُلم أن يمثّلني أحد بطريقة غير التي أريد أن أُمَثّل بها؟
كم من الجهل أن يفسّر أحد كُتُبي بمنهج غير الذي يفسّر به كُتُبه؟
كم من العمى ألاّ أرى الظُلم والإجحاف إلاّ حين يُنَال ممّا أومن به أنا، أو الفكر الذي أعتنقه، أو الحزب الذي أتبعه؛ وأن أعجز عن رؤية الأمر نفسُه حين يكون المُهاجِم من حزبي وقطيعي وقافلتي.
يا عُقَلاء الدُنيا اتّحدوا.. قبل فوات الأوان!
ـ
ـ
* في حالة عدم فتح الرابط ، افتح المقال من الموقع المحلّي التاليّ (هذا الخيار غير متاح حالياً)ـ
** "الجنس في الإسلام، والميل إلى النساء، وحب شهوتهن، وما يتفرع عن هذا، ويتعلق به خاصاً بالجسد أو غيره ليست أموراً مستنكرة ولا مستقذرة نعتذر عنها، أو نخجل منها، أو نتورط فيما تورط فيه النصارى أو اليهود وغيرهم من تصورات منحرفة تعتبر الجنس دنساً، والجسد وشهواته ضد الروح وسموها ..عندنا في الإسلام الجنس والجسد، والشهوة والرغبة، طاقة ونعمة هي من الله-سبحانه وتعالى-هو خلقها وأودعها فينا، وقد رتب سبحانه كيف نستثمرها، ونستمتع بها."
*** يقول المثل الشعبيّ: "حبيبك يبلع لك الزلط، وعدوّك يتمنّالك الغلط"
ـ
* في حالة عدم فتح الرابط ، افتح المقال من الموقع المحلّي التاليّ (هذا الخيار غير متاح حالياً)ـ
** "الجنس في الإسلام، والميل إلى النساء، وحب شهوتهن، وما يتفرع عن هذا، ويتعلق به خاصاً بالجسد أو غيره ليست أموراً مستنكرة ولا مستقذرة نعتذر عنها، أو نخجل منها، أو نتورط فيما تورط فيه النصارى أو اليهود وغيرهم من تصورات منحرفة تعتبر الجنس دنساً، والجسد وشهواته ضد الروح وسموها ..عندنا في الإسلام الجنس والجسد، والشهوة والرغبة، طاقة ونعمة هي من الله-سبحانه وتعالى-هو خلقها وأودعها فينا، وقد رتب سبحانه كيف نستثمرها، ونستمتع بها."
*** يقول المثل الشعبيّ: "حبيبك يبلع لك الزلط، وعدوّك يتمنّالك الغلط"
ـ
النظريّة والتَطبيق
صفحة من كِتاب لم يُكتَب:
الخلل في التطبيق والخلل في النظريّة
الخلل في التطبيق والخلل في النظريّة
الموضوع: المسيحيّة والصليبيّة: رؤية نقديّة
المتحدّث: قسّ مسيحيّ
خلاصة الفكرة: رغم تعاليم المسيحيّة الواضِحة في التسامُح ومُعاداة الحَرب وعدم ترجّي ممالك أرضيّة بل سماويّة، وقعت الكنيسة في خطأ الحروب الصليبيّة على الشرق. هذا بالطبع كان خطأً اعترفت به الكنيسة الكاثوليكيّة الحديثة.
الخلل في التطبيق لا يعني الخلل في النظريّة
الموضوع: انحرافات الخلفاء بين الحقيقة والادّعاء
المتحدّث: داعية مُسلم
خُلاصة الفكرة: رغم حزم الإسلام ورفعة تشريعه الذي شمل كافّة أوجه الحياة وجعله صالحاً لحُكم أيّة دولة، ورغم المثال النادر الذي قدّمه الخلفاء الراشِدون للعدل في الحُكم، إلاّ أنّ بعض الخلفاء في القرون الوسطى انحرفوا عن التعاليم الأصيلة للإسلام، ووقعوا في ترف العيش مالئين حياتهم بالمظالم والانحرافات التي يُهاجهما-ظُلماً-العلمانيّون والجهلاء من المستشرقين مستندين إلى قصص أشبه بألف ليلة وليلة.
الخلل في التطبيق لا يعني الخلل في النظريّة
الموضوع: تهافت الشيوعيّة
المتحدّث: داعية مسلم وقسّ مسيحيّ
خُلاصة الفِكرة: رغم أنّ قراءة متسرّعة للفكر الماركسيّ قد تغرّر بالمثاليين السُذّج من الشباب الذين يُعانون من الفقر والظُلم، فيسقُطون في براثن الشيوعيّين، إلاّ أنّ هذا الفكر ذا الأهداف النبيلة (المساواة التي سبقت الأديان بالدعوة إليها) هو فكرٌ ضال كافر؛ والدليل أنّ الدُوَل الشيوعيّة جميعاً سقطت نتيجة الفساد والديكتاتوريّة ومحاولة قهر المجتمع.
عجزهم عن التطبيق يؤكّد فشل النظريّة!
ـ إشمعنى؟!
انتهت الصفحة المقطوعة من كِتاب لَم يُكتَب.
تعليق مُتَوَقّع: آه.. اظهر وبان يا حِرباء. إحنا من الأوّل قُلنا عليك شيوعي علماني برجوازي لاديني پراجماتي ليبرالي!
ـ
Saturday, January 08, 2005
الخيرُ في النّاسِ
الخيرُ في النّاسِ مصنوعٌ إذا جُبِروا
والشرُّ في الناسِ لا يفنى وإن قُبِروا
وأكثرُ النّــاسِ آلاتٌ تُحرِّكُهـــا
أصابِعُ الدّهرِ يَوْماً ثم تنكسِرُ
والشرُّ في الناسِ لا يفنى وإن قُبِروا
وأكثرُ النّــاسِ آلاتٌ تُحرِّكُهـــا
أصابِعُ الدّهرِ يَوْماً ثم تنكسِرُ
ـ(من "المواكِب" لجُبران خليل جبران)ـ
أعشق "جُبران"...
إنّه من الكُتّاب الذين وصلوا لأعلى مستويات الحِكمة والعُمق التي رأيتُها. وأعدُّ قصيدَتُه "المواكِب"-ومطلعُُها مُقتبس أعلاه-مَلحمةًَ حقيقيّة في وصف الحياة وما بها. ألا يقول البيت الأخير في مقطع القصيدة الأوّل:
فأفضلُ النّاسِ قِطعانٌ يسيرُ بها
صوتُ الرُعاةِ، ومَنْ لَمْ يمشِ يَندَثِرُ
صوتُ الرُعاةِ، ومَنْ لَمْ يمشِ يَندَثِرُ
وهذا خير تعبير عن حالة الهَرْوَلة المُزمِنة التي تمارسها القطعان البشريّة وتجعل عالمنا في حالة "طبيعيّة" (ضدّ سياسة هذه المدوّنة البَعْد-طبيعيّة!).
الأمر الوحيد الذي لا أستطيع أن أتّفق فيه مع مواكب جُبران هو زعمه أنّ "الخيرَ في الناس مصنوعٌ إذا جُبِروا". هي نظرة سَوداويّة قد يريحني اتّباعُها لكي أقول "مافيش فايدة. ملعونةٌ الدُنيا؛ فلأتركْ متاعَها ومتاعِبَها ولأهتمّْ بنفسي". لولا أنّ قلبي يقول لي غير ذلك.
جالت جميع هذه الأفكار بخاطري وأنا أقود سيّارتي في أحد شوارع ممفيس في يَومٍ بارد مطير، إذ رأيتُ مجموعة من النساء في العقد الخامس من عمرهنّ يحملن لافتات تشير إلى تجمّع للتضامُن مع ضحايا كارثة "تسونامي" الأخيرة والتبرُّع لهم.
ما الذي يجعل هؤلاء اللائي يعِِشنَ على بُعد آلاف الأميال من موقع الكارثة (وفي الأغلب لا يعرِفنَ أيّاً من الضحايا) يفعلن ذلك في يَوْمٍ مطير؟
تجدّدَت الفِكرةُ لديّ اليوم وأنا أعطي دولاراً لتلك الفتاة الصغيرة التي لا يزيد عُمرُها على خَمْسِ سَنَواتٍ وهي تسألني أن أتبرّع بدولار لضحايا تلك "الموجة الكبيرة التي قتلت القريبين من الشاطئ".
ـ
الخَيرُ في النّاسِ متدفِّقٌ إذا تُرِكوا في حالِهم
لكنّ التشريط الاجتماعيّ والتعصّب والتربية الخاطئة
قد يخنقون هذه الجذوة الإلهيّة بداخلهم
لكنّ التشريط الاجتماعيّ والتعصّب والتربية الخاطئة
قد يخنقون هذه الجذوة الإلهيّة بداخلهم
Monday, January 03, 2005
بشاير يناير
كما نوّهتُ، قمتُ بعمل تعديلات وتحسينات في المدوّنة وهيكلها (العظميّ)، الهدف منها تسهيل التصفّح للزوّار (خاصّةً الجُدُد منهم)، وكذلك تحسين طريقة أرشفة/فهرسة المكاتيب. قد يبدو للقارئ المُداوِم أنّ التغييرات طفيفة، لكنّها استغرقت منّي قُرابة العشرين ساعة على يَوْمَين! السبب في ذلك ليس جهلي بوسائل التكويد فحسب، بل لأنّ معظم ما عملت به كان "بِنيةً" تحتيّة للمدوّنة؛ فقد أنشأتُ مدوّنةً موازية احتياطيّة (باك أپ أو إستبن) لتلافي الكوارث، ومدوّنةً مختصرة سَهْلة التصفُّح، وثالثةً للفهرسة والأرشفة، ورابعةً للروابط، و خامسة ً للهوامش، ومدّونة أخيرة لتحوي هذه النوعيّة من المُلاحَظات (فيما بعد سأقصر الملاحظات بشأن التدوين عليها)!! كلّ هذا أعطاني أيضاً فُرصة لإعادة تصفّح ما كتبت وتصويب بعض الأخطاء، وإلغاء بعض ما لم يعُد لهُ معنى.
لم تكُن هذه "بشاير يناير" الوحيدة: فقد عُدتُ لعادةٍ قديمة كدتُ أن أفقدها (أدعو الله ألاّ تكون طفرة حماس) وهي اتّخاذ قرارات للعام الجديد، وعمل جداول لمراجعة يوميّة لهذه القرارات. بالطبع بينما كانت قرارات الماضي طموح ملأى بالطاقة (طبيعة المراهقة وما بعدها) كقراءة عدد من الكُتُب وتعلّم الدقّ على الآلة الكاتبة ولعب الرياضة والتدريبات الروحيّة اليوميّة إلخ، اتسّمت القرارات الحالية بسمات بداية مُنتصف العُمر: النوم مبكّراً (يعني قبل الفجر لو أمكن، إلاّ إن زَنَقَتْني مقالة!)، ومحاولة الأكل الصحيّ (يا حبّذا لو ثلاث وجبات يوميّاً-لا أكثر ولا أقلّ)، وذلك القرار الذي ما كُنتُ أتخيّله يوماً: إنقاص وزني! نعم! أنا الشهير بالنحافة، أحاول الآن التخلُّص من شيمة الثلاثين: الكِرش (وما أدراكُم ما الكِرش!)
أهم ما أبغي تحقيقه فعلاً هو الاهتمام بصحّتي (قبل فوات الأوان) ومراجة النفس يوميّاً (ليس بالمعنى الروحيّ فقط) لأنّني مللتُ السير بقوّة الاندفاع، حتّى إن كانت الدوافع قويّة وكافية.
ليحمِلْ يناير لنا جميع البشائر التي نرجوها.. وليكُن "عام البلوجّ" عاماً مُختلفاً!
ـ