تلاعبوا بنا... ما دمنا لا نبصر إلا بعيونكم! ـ
مصدر الصورة
كم منّا (وبالضمير أقصد سكّان العالم أجمع، وأختَصُّ منهم من يشاهدون التلافز ويقرأون الصُحُف على الورق أو الشاشات باختلاف أنواعها) دخل البورصات العالميّة (وول ستريت تحديداً حيث إنّها المثال الذي أستخده هنا)؟
لا أظنّ أنّ من بين قرّاء هذه السطور من دخل أسواق المال العالميّة هذا الأسبوع ولا الأسبوع الماضي...
لذلك فنحن مُجبرون على أن نصدّق عيونَنا، رغم أنّ عيونَنا ليست في الحقيقة عيونَنا، بل عيونُهُم (وبالضمير هنا أقصد وسائل الإعلام المختلفة التي خصصتها بــهذا اللون في المقطع الأوّل).
طوال الأسابيع الماضية، أستمتِعُ بممارسة جهلي بالاقتصاد ومفرداته، وأشاهد إمارات الفزع والجزع وأستمع إلى تحذيرات الخبرات وإنذارات المتخصصين ما بين منتظر الكارثة ومهوِّن من شأنِها ومحذِّر من الإفراط في التفاؤل أو التشاؤم، وطبعاً أنا بداخلي شعور باطني جارف أنّ هذه التوترات والمرتفعات والمنخفضات لا تخلو من تلاعب وبعض المؤامرات، وأنّ هناك من يكسبون من مصائب القوم الخاسرين،
ولكنّ ما لفت نظري هو هذه الصور العُليا في إحدى شبكات الأنباء التي أكنُّ لها بعض الاحترام (الـ BBC)، لكنّني لا يمكن أن أصمت أمام هذا الهزل الذي أراه في الصور!
يمكنك أن تصوِّر جُزءاً من أيّ مجتمع كان (مترو الأنفاق/ مجمع التحرير/ مدرجات الاستاد/ إلخ...) وأن تجد فيها ما تريد أن تجده! يمكنك أن تجد السعيد والحزين، المتألم والمتهلل، وقد تكون هذه التعبيرات كلُّها غير متعلقة بموضوع خبرك الذي ستنشره البتة. قد يكون هناك من يبكي لأنّ "جزمته كانت ضيّقة" أو هناك من يضحك ملء شدقيه لأنّ هناك من "يزغزغه".
هكذا أردتُ ببساطة أن أعلٍّق على الصور التي أوردتها في مطلع هذه التدوينة. أنا أشكّ بشدّة في تعلُّق هذه الصور بموضوعات الأخبار. لا شكّ أنّ الكثيرين توتروا لانهيار البورصة (وقت كان مؤشر داو چونز ينزل من عشرة آلاف وخمسمائة إلى عشرة آلاف ومئتين) ولا شكّ أنّ هناك من يرقص اليوم لارتفاعه من ثمانية آلاف ونصف إلى تسعة آلاف، لكن... ارحمونا يعني! صوركم كلّها تلاعُب!
لكنّه طبعاً حقُّكم! حقُّكم المُكتسب من جراء عمانا! فنحنُ ليس لدينا سوى عيونكم لنبصر، ولا شكّ أنّكم لا تستحقون ثقتنا. فما العمل؟
ـــــــــــــــ
تدوينات مشابهة:
- ترجموا على ترجموا على كيفكم ما احنا بهايم!!
- حتّى أنتِ يا بي بي سي
Labels: الأزمة الاقتصادية العالمية, البورصة, تهافت الصحافة التقليدية, فن الضحك على الذقون
4تعليقات:
for a whole week similar photos were the first pages on the local newspapers .. you make we wonder indeed :)
Dina
وفي الحقيقة المصدر واحد لكل الصور اللي منتشرة في كل الجرائد والمجلات المحلية والعالمية، المحترمة والغير محترمة.. لأنها كلها صور وكالات الأنباء!!! بعني كلنا نرى العالم بعيون 3-4 أشخاص .. مش أكتر..
This comment has been removed by the author.
إنها فعلا الحقيقة، لا يري الجمهور البعيد عن مجال حدث ما، هذا الحدث إلا بعيون الإعلام.
وهذا تحديدا مبرر وجوده.
أحيانا ما تكون الصور خادعة، مثل أن أنشر صورة رجل يضرب آخر ولا أنشر صورة أخرى بدأ فيها الآخر بالعدوانK وأستغل ذلك في صياغة الحدث، أو أن أنشر الاثنين وفي الخبر أرتب الأمر ترتيبا آخر.
ولكن أعتقد أن موضوع الصور هو أقل الأمور خطورة.
فالصورة هنا - كما في معظم الأخبار- ليس الغرض منها إثبات وقوع الحدث. الصورة دورها هنا جمالي وتعبيري وموازي للحدث.
تلقيك لخبر زياة مبارك للسودان لن يتوقف على الصورة التي يظهر فيها مبارك في المطار أو يصافح البشير. في العادة أنت ستصدق الخبر لأنك تثق في المصدر أو لأنه تواتر في الأنباء ولو صاحبته صورة أرشيفية لآخر زيارة لمبارك أو صورة من التوترات في الجنوب وتحتها مكتوب: مبارك سيزور الجنوب أيضا.
يمكن أن أنشر صورة غاضبة للبابا شنودة بعد حادث طائفي عبر البابا إزاءه عن الغضب ولكن لم يصوره أحد هذه اللحظة. في هذه الحالة من المهنية أن يذكر أن هذه صورة أرشيفية.
نحن فعلا نرى بعيون الإعلام لأننا يجب أن نثق بأحد ما ليخبرنا ما الذي يحدث هناك، ولو لم تكن هناك صورة.
والأخطر هو تلوين صورة الحدث عبر الكلمات.
وهذا موضوع آخر
Post a Comment
<< Home