تسونامي: الكوارث مقامات! ـ
فات اليَوْم أكثر من أسبوعَينْ على الكارثة التاريخيّة الكُبرى في جيلي وربّما في القرن الأخير كلّه؟
ـ ما الذي يجعل كارِثةً طبيعيّة أكبر من غيرها؟ هل الكوارث مقامات؟
ـ لا إجابة!
أعترف بتبلّدي الشديد أمام الخبر، الذي لمحته فَوْرَ وقوعِه على الموقع الإلكتروني للـ بي.بي.سي (هيئة الإذاعة البريطانيّة) كخبر عاجل
(Breaking News)
عن زلزال، ثم أمواج، ثم غَرَق..
لوهلة ظننتُ الأرض كلّها ستغرق متذكّراً أفلام الخيال العلميّ. ثم نمتُ واستيقظتُ لأجد زيادة لوغاريتميّة في أعداد الضحايا: خمسون ألفاً، ستّون، ثمانون، مائة. ربّما مائة وأربعون. قد يتضاعف العدد بسبب الأوبئة.
تساءل "إنسان خُردة" من قبل عن لامبالاته أمام أعداد القتلى بسبب اعتياده القراءة عن ضحايا الحُروب يوميّاً. ومن هُنا أطرح أنا سؤالاً يبدو ساذجاً: لماذا يتناسب مدى تأثّرنا طرديّاً مع عدد القتلى؟ وهل نصل إلى "عتبة" معيّنة بعدها لا تَفْرِق الأعداد؟ أتذكّر اقتباسَ الكاتب نفسه من ستالين "حين يُقتَل رجلٌ فهي مأساة، وحين يُقتل ملايين فهي مجرّد إحصائيّة *"ـ
أنا كان موقفي هذه المرّة أقلّ تأثّراً من ذي قبل. فرغم الآلام والصُوَر المُفزعة، فهُناك بعض مبادئ تحكّمت في ردّ فعلي وخفّفت من صدمتي:
١) أتألّم لضحايا الحُروب، لأنّ موتهم يبدو نتيجة غباء القادة و غطرستهم وأطماعهم، ولأنّه نتيجة قتل الإنسان لأخيه الإنسان. أما الكوارث التي لا يدَ للبشر فيها، فهي على الأقلّ تفاعُلٌ بين الإنسان والطبيعة؛ وقديماً قيل إنّ "السقوط في يد الله خير من السقوط في يد إنسان"**. ـ
٢) العدد في الليمون! إنسان مثل عشرة مثل ألف. لو فقدَت أسرة طفلها الوحيد في حادث أو في زلزال صغير، فلن يجعلهم هذا أقلّ تأثّراً من ١٠٠ ألف أسرة فقدت ١٠٠ ألف طفل. لا أريد أن أبدو وحشيّاً متبلّد الحسّ هُنا؛ لكنّني أيضاً أشعر أنّ بعضَ الفضول الجماهيريّ والتغطية الإعلاميّة التي قد تغذّيه باقتدار يدفعان البعض لاعتبار كارثةًَ ما أكثر أهميّة منه غيرها (قارن بالملايين ضحايا الإيدز في أفريقيا، و ضحايا المجاعات والحروب الأهليّة في القارّة نفسها). جميع الكوارث سواءٌ، والموتُ هو الموت، وفُقدان الأحباب هو فقدان الأحباب لدى البيض والسود والصُفر والناس من كلّ ملّة ولدى عديمي الملل أيضاً.
٣) لا أنفعل مع ما ليس بيدي تغييرُه كما أنفعلُ مع ما يمكنُني اتّقاؤه أو علاجُه. لو كانت الكارثةُ وباءً مثلاً، سأفعل قصارَى جهدي لإيجاد المصل والعلاج السريع، ولن أهدأ حتّى أطمئنّ على احتواء الوباء. لكنّ الزلزال قد حدث، والأمواج قد جارت عَلى الأرض؛ وما بيد البشر الآن إلاّ تلافي الأوبئة الممكنة وفعل ذلك بأقصى سُرعة.
ـ
* مقولة ستالين:ـ
2تعليقات:
أعجبتني مقولة ستالين
"من قتل نفسا بغير نفس او فساد في الارض فكانما قتل الناس جميعا ومن احياها فكانما احيا الناس جميعا "
بس
على فكرة يا راء، امبارح بس كنت لسّه باتكلم على الكوارث الطبيعية، وأنا لا أحب الكوارث الطبيعية، بس حاجة غريبة جداً؛ إني باحب البراكين! بتأثر بها أوي، يعني باكون متحمسة جداً لما بركان يتفجر بعد خمود، بس من غير أذى للبشر :-)
أنا كمان عندي مشكلة تبلُد المشاعر، مثلاً (أنا متأكدة إن هيحصل هجوم عليا) القضية الفلسطينية، لاأتأثر بها اطلاقاً، وكمان الزلازل والفياضانات، وكارثة تسونامي ديه كمان لم أهتم بها أوي، يادوبَك أقرأ عناوين الخبار وخلاص. ممكن عشان ماعرفش حدّ هناك فمِش مهتمة؟ امبارح عرفت إن صديقة لي قررت بعد سنوات العمل الطويل، أن تصرف تحويشة العمر في تايلاند، ويا عيني مالحقتش.
Post a Comment
<< Home