الخيرُ في النّاسِ
الخيرُ في النّاسِ مصنوعٌ إذا جُبِروا
والشرُّ في الناسِ لا يفنى وإن قُبِروا
وأكثرُ النّــاسِ آلاتٌ تُحرِّكُهـــا
أصابِعُ الدّهرِ يَوْماً ثم تنكسِرُ
والشرُّ في الناسِ لا يفنى وإن قُبِروا
وأكثرُ النّــاسِ آلاتٌ تُحرِّكُهـــا
أصابِعُ الدّهرِ يَوْماً ثم تنكسِرُ
ـ(من "المواكِب" لجُبران خليل جبران)ـ
أعشق "جُبران"...
إنّه من الكُتّاب الذين وصلوا لأعلى مستويات الحِكمة والعُمق التي رأيتُها. وأعدُّ قصيدَتُه "المواكِب"-ومطلعُُها مُقتبس أعلاه-مَلحمةًَ حقيقيّة في وصف الحياة وما بها. ألا يقول البيت الأخير في مقطع القصيدة الأوّل:
فأفضلُ النّاسِ قِطعانٌ يسيرُ بها
صوتُ الرُعاةِ، ومَنْ لَمْ يمشِ يَندَثِرُ
صوتُ الرُعاةِ، ومَنْ لَمْ يمشِ يَندَثِرُ
وهذا خير تعبير عن حالة الهَرْوَلة المُزمِنة التي تمارسها القطعان البشريّة وتجعل عالمنا في حالة "طبيعيّة" (ضدّ سياسة هذه المدوّنة البَعْد-طبيعيّة!).
الأمر الوحيد الذي لا أستطيع أن أتّفق فيه مع مواكب جُبران هو زعمه أنّ "الخيرَ في الناس مصنوعٌ إذا جُبِروا". هي نظرة سَوداويّة قد يريحني اتّباعُها لكي أقول "مافيش فايدة. ملعونةٌ الدُنيا؛ فلأتركْ متاعَها ومتاعِبَها ولأهتمّْ بنفسي". لولا أنّ قلبي يقول لي غير ذلك.
جالت جميع هذه الأفكار بخاطري وأنا أقود سيّارتي في أحد شوارع ممفيس في يَومٍ بارد مطير، إذ رأيتُ مجموعة من النساء في العقد الخامس من عمرهنّ يحملن لافتات تشير إلى تجمّع للتضامُن مع ضحايا كارثة "تسونامي" الأخيرة والتبرُّع لهم.
ما الذي يجعل هؤلاء اللائي يعِِشنَ على بُعد آلاف الأميال من موقع الكارثة (وفي الأغلب لا يعرِفنَ أيّاً من الضحايا) يفعلن ذلك في يَوْمٍ مطير؟
تجدّدَت الفِكرةُ لديّ اليوم وأنا أعطي دولاراً لتلك الفتاة الصغيرة التي لا يزيد عُمرُها على خَمْسِ سَنَواتٍ وهي تسألني أن أتبرّع بدولار لضحايا تلك "الموجة الكبيرة التي قتلت القريبين من الشاطئ".
ـ
الخَيرُ في النّاسِ متدفِّقٌ إذا تُرِكوا في حالِهم
لكنّ التشريط الاجتماعيّ والتعصّب والتربية الخاطئة
قد يخنقون هذه الجذوة الإلهيّة بداخلهم
لكنّ التشريط الاجتماعيّ والتعصّب والتربية الخاطئة
قد يخنقون هذه الجذوة الإلهيّة بداخلهم
1تعليقات:
و أنا أردد "الناس خير و بركة"
بس
Post a Comment
<< Home