مالكُم وما للناس؟
أقرأ مقالاً جيّداً * في موقع "إسلام أونلاين" على الإنترنت، يناقش سؤالاً لشاب حول ضعفه أمام بعض الصَُوَر العارية المثيرة للغرائز التي يبُثُّها العديد من مواقع الإنترنت. سؤال صادق يعبّر عن صراع إنسانيّ طبيعيّ. سرّ جودة المقال أنّه لا يدين السائل ولا يكبُته أو يعنّفه، بل يقرّ بصعوبة مقاومة تلك المواقع إلخ، ويقترح اقتراحات عمليّة جيّدة فعلاً (تدل على خبرة وتفهّم للكاتب)، ولايقتصر على مجرّد تقديم حلول نظريّة تعجيزيّة.
ما لا أفهمُه هو أنّ الكاتب المسلم الذي يردّ على السائل المسلم ينتهز الفُرصة لانتقاد المسيحيّة واليهوديّة**(هكذا! في عبوّة واحدة يجمع المذاهب والتيّارات المتعددة في تلكما الديانتين القديمَتَيْن) بسبب نظرتهما السلبيّة للجسد والجنس على عكس الإسلام المُعتَدِل الذي-بحسب رؤية الكاتب-لا يرى صراعاً بَيْنَ الجسد والروح بل يقدّم رؤية شاملة.
بارك الله فيك يا أخي، تُساعِد الشباب على فهم دينه وعلى مقاومة ما يؤثّر لا في آخرته فحسب، بل في نموّه ونضجه النفسيّ العصبيّ . ما الذي حَشَر المسيحيّة واليهوديّة هُنا؟ تحشُر تفسيرَك الخاص للديانتين أو تفسير طائفة بعينها أو حقبة مظلمة معيّنة أو إساءة فهم من البعض لكلمتي الجسد والروح في مَوْضِعٍ من مقالك بعيداً عن السياق حشراً لا داعيَ له. أنتَ حرّ طبعاً، لكن:
مالك وما للناس؟
في أماكِن عديدة أيضاً، بعضُ العقلانيّين المجَدِّدين المهتمّين بنقد التٍُراث ينقُدون الخطاب الدينيّ المُعاصر، وينتقدون رؤيا معيّنة ضيّقة للدين الإسلاميّ في شكله الحاليّ، ويهاجِمون بعض الشيوخ أو الدُعاة واصفين إيّاهم بالـ"كهنوتيّة" والـ"رهبانيّة" مع أنّ لا كهانة ولا رهبانيّة في الإسلام. يا سيّدي، جدّد في دينك ما تشاء، انقُد الخطاب الذي تراه لا عقلانيّ، لكِن لماذا تحشُر الرهبانيّة والكهانة، وتصفهم بما ليس فيهم.
مالك وما للناس؟
في الجانب الآخر من الخريطة الجغرافيّة والدينيّة، قد يتحدّث واعِظٌ تليفزيونيّ مهاجِماً الزواج المدنيّ، ومؤكِّداً على أهميّة الزواج في الكنيسة، ثم يعدّد مزايا الزواج في المسيحيّة منتقداً طائفة المورمونيّين الذين يبيحون تعدّد الزوجات، أو المسلمين الذين يسمحون بالزواج بأربعة. يا سيّدي الفاضل، دافع عن الزواج المسيحيّ قدرَ ما تستطيع، عدّد مزاياه. لكِن، هذا لا يُعطيك الحقّ أن تنال من شرائع الآخرين-بحسب تفسيرك الخاصّ- خارج السياق الذي يُحِبّون أن يقدّموه هم، خاصّةً أنّه من النادر أن يشاهد برنامجك مورمونيّون أو مسلمون، وبالتالي فلن تُتاح لهم فرصة التعقيب والإيضاح.
مالك وما للناس؟
وهكذا...
هذا الواعِظ يقول: "إحنا مش زيّ المسلمين اللي بيقولوا ...، لكنّنا بنقول...."
وذاك الرابَّاي (المعلم اليهوديّ) يقول: "بينما يغرق المسيحيّون في خُرافة ...، نعيش نحنُ في طهارة بسبب ...."
والعلاّمة الفذ داعية الإلحاد يتندّر: "علينا التصرّف السريع أمام تلك الكوارث الإنسانيّة بدلاً من التساؤل: لماذا حدثت وما معناها! يعجز الدين دائماً عن إجابة تلك الأسئلة الصَعبة، ويترُك مُريديه مخدّرين مُدَغدَغين عاطفيّاً، منشغلين عن دُنياهم بآخرتهم، عاجزين عن تفسير الحوادث الجِسام إلاّ بإلقائها على قوّة خارجيّة عُظمى ...."
يا عباقِرةً في مجالاتِكم، يا خبراءً في دياناتكم، يا فلاسفةً في مدارسكُم، ما دام الأمر لا يتعلّق بمقارنة مباشرة،
مالكُم وماللناس؟
الثابت في مُعظَم هذه الأحاديث التي تثير امتعاضي هو أنّ المتحدّث دائماً ما يفسّر نصوصاً "حمّالة أوجه" يُقدّسها غيره ويجحدها هو أكثر التفسيرات سذاجةً وسطحيّةً، أو يختار من مفسّريها أغباهم وأبعدهم عن رأيه ليظهر التضاد المُفتعَل.
الثابت أيضاً في ردود أفعال المُشاهِدين أنّهم يحترفون سياسة "بَلع الزلط وتمنّي الغَلَط***" بحسب هويّة المُهاجِم والمُهاجَم!
كم من الظُلم أن يمثّلني أحد بطريقة غير التي أريد أن أُمَثّل بها؟
كم من الجهل أن يفسّر أحد كُتُبي بمنهج غير الذي يفسّر به كُتُبه؟
كم من العمى ألاّ أرى الظُلم والإجحاف إلاّ حين يُنَال ممّا أومن به أنا، أو الفكر الذي أعتنقه، أو الحزب الذي أتبعه؛ وأن أعجز عن رؤية الأمر نفسُه حين يكون المُهاجِم من حزبي وقطيعي وقافلتي.
يا عُقَلاء الدُنيا اتّحدوا.. قبل فوات الأوان!
ـ
ما لا أفهمُه هو أنّ الكاتب المسلم الذي يردّ على السائل المسلم ينتهز الفُرصة لانتقاد المسيحيّة واليهوديّة**(هكذا! في عبوّة واحدة يجمع المذاهب والتيّارات المتعددة في تلكما الديانتين القديمَتَيْن) بسبب نظرتهما السلبيّة للجسد والجنس على عكس الإسلام المُعتَدِل الذي-بحسب رؤية الكاتب-لا يرى صراعاً بَيْنَ الجسد والروح بل يقدّم رؤية شاملة.
بارك الله فيك يا أخي، تُساعِد الشباب على فهم دينه وعلى مقاومة ما يؤثّر لا في آخرته فحسب، بل في نموّه ونضجه النفسيّ العصبيّ . ما الذي حَشَر المسيحيّة واليهوديّة هُنا؟ تحشُر تفسيرَك الخاص للديانتين أو تفسير طائفة بعينها أو حقبة مظلمة معيّنة أو إساءة فهم من البعض لكلمتي الجسد والروح في مَوْضِعٍ من مقالك بعيداً عن السياق حشراً لا داعيَ له. أنتَ حرّ طبعاً، لكن:
مالك وما للناس؟
في أماكِن عديدة أيضاً، بعضُ العقلانيّين المجَدِّدين المهتمّين بنقد التٍُراث ينقُدون الخطاب الدينيّ المُعاصر، وينتقدون رؤيا معيّنة ضيّقة للدين الإسلاميّ في شكله الحاليّ، ويهاجِمون بعض الشيوخ أو الدُعاة واصفين إيّاهم بالـ"كهنوتيّة" والـ"رهبانيّة" مع أنّ لا كهانة ولا رهبانيّة في الإسلام. يا سيّدي، جدّد في دينك ما تشاء، انقُد الخطاب الذي تراه لا عقلانيّ، لكِن لماذا تحشُر الرهبانيّة والكهانة، وتصفهم بما ليس فيهم.
مالك وما للناس؟
في الجانب الآخر من الخريطة الجغرافيّة والدينيّة، قد يتحدّث واعِظٌ تليفزيونيّ مهاجِماً الزواج المدنيّ، ومؤكِّداً على أهميّة الزواج في الكنيسة، ثم يعدّد مزايا الزواج في المسيحيّة منتقداً طائفة المورمونيّين الذين يبيحون تعدّد الزوجات، أو المسلمين الذين يسمحون بالزواج بأربعة. يا سيّدي الفاضل، دافع عن الزواج المسيحيّ قدرَ ما تستطيع، عدّد مزاياه. لكِن، هذا لا يُعطيك الحقّ أن تنال من شرائع الآخرين-بحسب تفسيرك الخاصّ- خارج السياق الذي يُحِبّون أن يقدّموه هم، خاصّةً أنّه من النادر أن يشاهد برنامجك مورمونيّون أو مسلمون، وبالتالي فلن تُتاح لهم فرصة التعقيب والإيضاح.
مالك وما للناس؟
وهكذا...
هذا الواعِظ يقول: "إحنا مش زيّ المسلمين اللي بيقولوا ...، لكنّنا بنقول...."
وذاك الرابَّاي (المعلم اليهوديّ) يقول: "بينما يغرق المسيحيّون في خُرافة ...، نعيش نحنُ في طهارة بسبب ...."
والعلاّمة الفذ داعية الإلحاد يتندّر: "علينا التصرّف السريع أمام تلك الكوارث الإنسانيّة بدلاً من التساؤل: لماذا حدثت وما معناها! يعجز الدين دائماً عن إجابة تلك الأسئلة الصَعبة، ويترُك مُريديه مخدّرين مُدَغدَغين عاطفيّاً، منشغلين عن دُنياهم بآخرتهم، عاجزين عن تفسير الحوادث الجِسام إلاّ بإلقائها على قوّة خارجيّة عُظمى ...."
يا عباقِرةً في مجالاتِكم، يا خبراءً في دياناتكم، يا فلاسفةً في مدارسكُم، ما دام الأمر لا يتعلّق بمقارنة مباشرة،
مالكُم وماللناس؟
الثابت في مُعظَم هذه الأحاديث التي تثير امتعاضي هو أنّ المتحدّث دائماً ما يفسّر نصوصاً "حمّالة أوجه" يُقدّسها غيره ويجحدها هو أكثر التفسيرات سذاجةً وسطحيّةً، أو يختار من مفسّريها أغباهم وأبعدهم عن رأيه ليظهر التضاد المُفتعَل.
الثابت أيضاً في ردود أفعال المُشاهِدين أنّهم يحترفون سياسة "بَلع الزلط وتمنّي الغَلَط***" بحسب هويّة المُهاجِم والمُهاجَم!
كم من الظُلم أن يمثّلني أحد بطريقة غير التي أريد أن أُمَثّل بها؟
كم من الجهل أن يفسّر أحد كُتُبي بمنهج غير الذي يفسّر به كُتُبه؟
كم من العمى ألاّ أرى الظُلم والإجحاف إلاّ حين يُنَال ممّا أومن به أنا، أو الفكر الذي أعتنقه، أو الحزب الذي أتبعه؛ وأن أعجز عن رؤية الأمر نفسُه حين يكون المُهاجِم من حزبي وقطيعي وقافلتي.
يا عُقَلاء الدُنيا اتّحدوا.. قبل فوات الأوان!
ـ
ـ
* في حالة عدم فتح الرابط ، افتح المقال من الموقع المحلّي التاليّ (هذا الخيار غير متاح حالياً)ـ
** "الجنس في الإسلام، والميل إلى النساء، وحب شهوتهن، وما يتفرع عن هذا، ويتعلق به خاصاً بالجسد أو غيره ليست أموراً مستنكرة ولا مستقذرة نعتذر عنها، أو نخجل منها، أو نتورط فيما تورط فيه النصارى أو اليهود وغيرهم من تصورات منحرفة تعتبر الجنس دنساً، والجسد وشهواته ضد الروح وسموها ..عندنا في الإسلام الجنس والجسد، والشهوة والرغبة، طاقة ونعمة هي من الله-سبحانه وتعالى-هو خلقها وأودعها فينا، وقد رتب سبحانه كيف نستثمرها، ونستمتع بها."
*** يقول المثل الشعبيّ: "حبيبك يبلع لك الزلط، وعدوّك يتمنّالك الغلط"
ـ
* في حالة عدم فتح الرابط ، افتح المقال من الموقع المحلّي التاليّ (هذا الخيار غير متاح حالياً)ـ
** "الجنس في الإسلام، والميل إلى النساء، وحب شهوتهن، وما يتفرع عن هذا، ويتعلق به خاصاً بالجسد أو غيره ليست أموراً مستنكرة ولا مستقذرة نعتذر عنها، أو نخجل منها، أو نتورط فيما تورط فيه النصارى أو اليهود وغيرهم من تصورات منحرفة تعتبر الجنس دنساً، والجسد وشهواته ضد الروح وسموها ..عندنا في الإسلام الجنس والجسد، والشهوة والرغبة، طاقة ونعمة هي من الله-سبحانه وتعالى-هو خلقها وأودعها فينا، وقد رتب سبحانه كيف نستثمرها، ونستمتع بها."
*** يقول المثل الشعبيّ: "حبيبك يبلع لك الزلط، وعدوّك يتمنّالك الغلط"
ـ
2تعليقات:
jazaks
Ramy,
Neqool tor ye qolo e7laboooh LOL!
Post a Comment
<< Home