Issa's usual suspects إبراهيم عيسى واتهامات مزمنة
تعليقاً على أحداث الإسكندريّة ٢٠١١، كتب إبراهيم عيسى مقالاً ذا وزن، وإن كان في مجمله لا يختلف كثيراً عن مقالات عديدة كُتِبَت هذا الأسبوع من حيثُ "السخاء" والمساواة في توزيع الاتّهامات، ويختلف عنها في الجرأة وتكرار "مبارك ونجله" بدلاً من ذكر ما يسمى بالـ"نظام" بشكل مبهم.
أتفق مع مُجمَل المقال، ومع ذلك أستشعر خطورةً ما في كيل اتهامات مزمنة لمشتبه فيهم معتادين (usual suspects) مما يرفع حالة الحذر عندي، لأنّ الكلام الجميل الذي تتسلل إليه بضعة مغالطات حين يتكرر كثيراً بلا اعتراض، تصير المغالطات الصغيرة فيه "حقائق كبيرة" لا تُساءَل، وتنتج عنها أساطير وأفكار مسبقة تثير الضحك أحياناً والهلع أحياناً أخرى.
أتفق معه أيضاً إنّه لا يمكن أن ينفصل المسيحيون والمسلمون ويجزئوا القضايا، بل عليهم أن يجلسوا معاً ويحددوا أولويات القضايا التي تحتاج لحلول عاجلة، وتلك التي تحتاج إلى عقود لحلها، ويناضلوا معاً لأجلها.
أختلف معه كثيراً في تسطيح مشكلة موقف المسيحيين من الحكومة، وفي ادعاء أن المسيحيين يظنون أنّ الحاكم في يده الحل. الحقيقة (والمشكلة أيضاً) هي أنّهم يظنون أن الحل في يد الله دون سواه - وبشكل سلبي غالباً - ولذلك يلوذون برجال الدين متعشمين أن يساعدوهم على التقرب إلى الله. أما "الغزل المتبادل" بين المسيحيين وكنيستهم وبين الحكومة، فالكل يعرف أنّه مفتعل وأنّ كلا الطرفين يكره الآخر. معظم المسيحيين بقسوسهم وأساقفتهم على يقين أنّ الحكومة وجهاز أمنها ضلع أساسيّ في الأزمة، لكنّهم (ولأسباب معقدة يطول شرحها بعضها ديني وبعضها انهزاميّة تراكميّة) لا ييأسون من طلب العون من العاجزين. أندهش بعض الشيء أيضاً في اعتبار هذه مشكلة قاصرة على المسيحيين في الآونة الأخيرة بدلاً من اعتبارها داءً مزمناً من أدواء مصر بدءاً من الفلاح الفصيح ومروراً بعمر مكرم وحتّى يومنا هذا.
في كلّ ما سبق أتفق مع إبراهيم عيسى تارةً وأختلف معه تارةً، لكنّ ما دفعني إلى الكتابة هو سؤاله الذي توقّفتُ أمامه كثيراً.
ظاهرياً: أمر مستفز ومستغرب أن يقوم المصريون والأجانب بتقديم العزاء للبابا شنودة قبل (أو بدون) تقديم العزاء لرئيس جمهوريّته حسني مبارك. الأمر المستغرب بالأكثر مثلاً،هو أنّ البابا شنودة قام منذ بضعة سنوات بإرسال برقية عزاء (نُشِرت على موقع البطريركيّة الإلكترونيّ) في حادث حريق قطار الصعيد في أحد الأعياد. تساءلت وقتها: هل يراسله كأيّ مصري يعزيه في المصريين جميعاً، أم "يرد له واجب عزاء" حين عزاه مبارك في مقتل مسيحيين في حادث أوتوبيس من قبل.
سؤال إبراهيم عيسى محيّر فعلاً، لكن "السؤال بيجيب سؤال"…
* هل يرسل مبارك برقية لتهنئة شيخ الأزهر في عيد الأضحى أم يتلقى هو التهنئة من المصريين والأجانب معآً؟
- في المقابل هل يتقبل مبارك برقيات تهاني في عيد الميلاد المجيد؟ وإن كانت الحال هكذا، فهل يتقبل برقيات تهاني في عيد الميلاد بالتقويم الغربيّ (الذي يتبعه بضعة مئات الآلاف من المصريين) أم الشرقيّ (الذي يتبعه بضعة ملايين منهم)؟
* حاولت أن أفكِّر من منظور آخر تماماً، هل لو فجِّرت قنبلة في مدرجات النادي الأهلي في إحدى المباريات وقتلت عدداً من مشجعي الأهلي وربما أحد لاعبيه الاحتياطيين، هل سيقوم مبارك بتعزية رئيس النادي الأهلي أم يتلقى العزاء بنفسه؟ هل يقوم رئيس الزمالك والإسماعيلي بواجب العزاء (كنوع من إظهار التضامن مع الأهلي وإبعاد شبهة التشفي مثلاًً) أم ليس هذا إجراءً متوقعاً؟ ماذا لو حدث ذلك في نادي من أندية الدرجة الثانية؟ هل سيتحرك أحد؟ كلّ هذا مع الافتراض التام أن الفاعل ليس عدواً للأهلي، بل ربما صهيوني عدو لمصر كلها.
* زاوية ثالثة: هل يكرِّم مبارك حفظة الإنجيل أم يكرمهم البابا شنودة الثالث؟ في المقابل، من يكرِّم حفظة القرآن؟ مبارك أم شيخ الأزهر فقط. لا يهمني إن كان الإجراء رمزياً أو حتى نفاقياً، لكنّه يعني أمراً واحداً لا يغيب على أحد:
بحسب الدستور، دين الدولة الإسلام، وبالتالي، فالرئيس مبارك هو رئيس المصريين المسلمين في ما يخص دينهم ودنياهم، ورئيس المصريين المسيحيين في ما يخصدينهم دنياهم فحسب. حين يُقتَل بعض المسيحيّين أمام كنيسة أو دفاعاً عن أسوار دير، تختلط الأوراق، ولا يعرف أحد إن كان هذا أمر من أمور الدنيا أو الدين. لذلك لايعرف السفراء والوزراء أيعزون رئيس جمهوريتهم أم رئيس الجالية المسيحيّة/ نقيب المسيحيّين: الأنبا شنودة الثالث، أو من ينوب عنه من "شركائه في الخدمة الرسوليّة"!
أتفق مع مُجمَل المقال، ومع ذلك أستشعر خطورةً ما في كيل اتهامات مزمنة لمشتبه فيهم معتادين (usual suspects) مما يرفع حالة الحذر عندي، لأنّ الكلام الجميل الذي تتسلل إليه بضعة مغالطات حين يتكرر كثيراً بلا اعتراض، تصير المغالطات الصغيرة فيه "حقائق كبيرة" لا تُساءَل، وتنتج عنها أساطير وأفكار مسبقة تثير الضحك أحياناً والهلع أحياناً أخرى.
*******
أتفق مع إبراهيم عيسى تماماً في أنّ الغالبية الساحقة من المسيحيين المصريّين قد انحصروا في قضيّة واحدة يناضلون لأجلها دوناً عن جميع القضايا الوطنيّة والإقليميّة والعربيّة والدولية ألا وهي قضيّة حقوق المسيحيين في مصر (وأحياناً في أماكن أخرى).أتفق معه أيضاً إنّه لا يمكن أن ينفصل المسيحيون والمسلمون ويجزئوا القضايا، بل عليهم أن يجلسوا معاً ويحددوا أولويات القضايا التي تحتاج لحلول عاجلة، وتلك التي تحتاج إلى عقود لحلها، ويناضلوا معاً لأجلها.
أختلف معه كثيراً في تسطيح مشكلة موقف المسيحيين من الحكومة، وفي ادعاء أن المسيحيين يظنون أنّ الحاكم في يده الحل. الحقيقة (والمشكلة أيضاً) هي أنّهم يظنون أن الحل في يد الله دون سواه - وبشكل سلبي غالباً - ولذلك يلوذون برجال الدين متعشمين أن يساعدوهم على التقرب إلى الله. أما "الغزل المتبادل" بين المسيحيين وكنيستهم وبين الحكومة، فالكل يعرف أنّه مفتعل وأنّ كلا الطرفين يكره الآخر. معظم المسيحيين بقسوسهم وأساقفتهم على يقين أنّ الحكومة وجهاز أمنها ضلع أساسيّ في الأزمة، لكنّهم (ولأسباب معقدة يطول شرحها بعضها ديني وبعضها انهزاميّة تراكميّة) لا ييأسون من طلب العون من العاجزين. أندهش بعض الشيء أيضاً في اعتبار هذه مشكلة قاصرة على المسيحيين في الآونة الأخيرة بدلاً من اعتبارها داءً مزمناً من أدواء مصر بدءاً من الفلاح الفصيح ومروراً بعمر مكرم وحتّى يومنا هذا.
*******
في كلّ ما سبق أتفق مع إبراهيم عيسى تارةً وأختلف معه تارةً، لكنّ ما دفعني إلى الكتابة هو سؤاله الذي توقّفتُ أمامه كثيراً.
"مشهد ذهاب المسئولين لتعزية البابا فى الكنيسة كان إعلانا مزريا على أن مصر ليست دولة مدنية وقد فرح الأقباط جدا بأن الحكام والمسئولين والشيوخ ذهبوا لتعزية البابا ونسوا أن هذا إعلان بأننا دولة دينية وليست مدنية على الإطلاق فلو قتل مصريون فى جامع هل كان أحد سيذهب لتعزية شيخ الأزهر ؟"هذا السؤال الذي يطرحه إبراهيم عيسى أبعد ما يكون عن السطحية أو البساطة، لهذا أتعجّب أنّ إجابته جاءت جاهزة رغم أنّ السؤال يحتاج أن يبقى مفتوحاً دافعاً أولي العقول إلى لتفكير. وطبعاً لن أفوِّت هذه المناسبة في التعبير عن ضجري من كم "الإجابات" التي تنهال علينا منذ وقوع الجريمة في مقابل نُدرة الأسئلة المفتوحة. الجميع أصدروا أحكاماً. الجميع لديهم إجابات جاهزة!
ظاهرياً: أمر مستفز ومستغرب أن يقوم المصريون والأجانب بتقديم العزاء للبابا شنودة قبل (أو بدون) تقديم العزاء لرئيس جمهوريّته حسني مبارك. الأمر المستغرب بالأكثر مثلاً،هو أنّ البابا شنودة قام منذ بضعة سنوات بإرسال برقية عزاء (نُشِرت على موقع البطريركيّة الإلكترونيّ) في حادث حريق قطار الصعيد في أحد الأعياد. تساءلت وقتها: هل يراسله كأيّ مصري يعزيه في المصريين جميعاً، أم "يرد له واجب عزاء" حين عزاه مبارك في مقتل مسيحيين في حادث أوتوبيس من قبل.
سؤال إبراهيم عيسى محيّر فعلاً، لكن "السؤال بيجيب سؤال"…
* هل يرسل مبارك برقية لتهنئة شيخ الأزهر في عيد الأضحى أم يتلقى هو التهنئة من المصريين والأجانب معآً؟
- في المقابل هل يتقبل مبارك برقيات تهاني في عيد الميلاد المجيد؟ وإن كانت الحال هكذا، فهل يتقبل برقيات تهاني في عيد الميلاد بالتقويم الغربيّ (الذي يتبعه بضعة مئات الآلاف من المصريين) أم الشرقيّ (الذي يتبعه بضعة ملايين منهم)؟
* حاولت أن أفكِّر من منظور آخر تماماً، هل لو فجِّرت قنبلة في مدرجات النادي الأهلي في إحدى المباريات وقتلت عدداً من مشجعي الأهلي وربما أحد لاعبيه الاحتياطيين، هل سيقوم مبارك بتعزية رئيس النادي الأهلي أم يتلقى العزاء بنفسه؟ هل يقوم رئيس الزمالك والإسماعيلي بواجب العزاء (كنوع من إظهار التضامن مع الأهلي وإبعاد شبهة التشفي مثلاًً) أم ليس هذا إجراءً متوقعاً؟ ماذا لو حدث ذلك في نادي من أندية الدرجة الثانية؟ هل سيتحرك أحد؟ كلّ هذا مع الافتراض التام أن الفاعل ليس عدواً للأهلي، بل ربما صهيوني عدو لمصر كلها.
* زاوية ثالثة: هل يكرِّم مبارك حفظة الإنجيل أم يكرمهم البابا شنودة الثالث؟ في المقابل، من يكرِّم حفظة القرآن؟ مبارك أم شيخ الأزهر فقط. لا يهمني إن كان الإجراء رمزياً أو حتى نفاقياً، لكنّه يعني أمراً واحداً لا يغيب على أحد:
بحسب الدستور، دين الدولة الإسلام، وبالتالي، فالرئيس مبارك هو رئيس المصريين المسلمين في ما يخص دينهم ودنياهم، ورئيس المصريين المسيحيين في ما يخص
Labels: ّIbrahim Issa, إبراهيم عيسى, جريدة الدستور, صحافة شعبية, نقد
2تعليقات:
صباح الخير
أتابعك من سنوات وقد تذكرت صباح اليوم تدوينة"عربة المسيحيين، و بحثت عنها و اعدت قراءتها،أتمنى أن تفكر في إعادة نشرها فهى تبدو حاجة واقعية و معقولة جدابالنظر الى ما نحن فيه.
سلامي لك
إيمان
كلنا واحد
فى عين اللجة
لماذا هى ثورة كاملة
الثورة ليست فعل تغيير و فقط ولكنها فعل تطهير كون النظام فاسدا وكونه ظالما وكونه عميلا وكونه قاتلا وكونه كاذبا وكونه خائنا كل هذا كان معروف لرجل الشارع فى مصر ومعروفا ايضا لرجل الشارع فى العالم العربى لان رؤسائهم كلهم اشباه لمبارك والذى يعتقد ان هذه ثورة مصر فقط فهوواهم ومشتبه عليه وليفعل فعل بسيط هو ان يقلب فى القنوات الرسمية فى العالم العربى ويرى ماذا تعرض قنوات كل النظام العربى ويتسائل لماذا اختفى صوت الجامعة العربية ولماذا لجأ رئيسها الذى انتخبوه الى ميدان التحرير اين اللجنة الرباعية وماذا تقول ماذا عن موقف الأمم المتحده ومن يا ترى قد طالب بأن يعقد اجتماع لها ان هناك صراع على الشرق الاوسط كاملا ومن يعتقدون ان شباب مصر يحارب من زبانية مبارك فقط واهمون ان اشرار العالم كله يتآمرون على هذا الميدان, ان الساقطون فى كل العالم يتآمرون على هذا الميدان وليعلموا ان فلاسفة السياسة فى العالم كله يجلسون كتلاميذ يسمعون المحاضرات التى يقدمها هذا الميدان ويراقبون الصورة المهيبة لتحركات ملايين من الشعب المصرى المتوجهة الى هذاالميدان الثورى يستمعون لهتافاته يراقبون صلواته ويتعلمون ويفكرون..... وان شياطين الفساد والشر والتحكم فى العالم قاعدين منها مقاعد للسمع. إن مصير باراك حسين اوباما سيتحدد هنا ان نتنياهو سوف يتحدد مصيره هنا واقول للعقلاء ومن يوافقون على تقرير جلدستون فى تل ابيب اذا كنتم تشفقون على اتفاقية كامب دفيد فاخرجوا المظاهرات فى تل أبيب ضدد نظام مبارك فاذا كانت اتفاقية كامب دفيد يحميها مبارك فقد سقط مبارك وعمر سليمان ..
يا شباب العالم انشأوا ميدان تحريركم
يا شباب اسرائيل انشأوا ميدان تحريركم
اذا كان يمكن ان يكون لكم ميدان تحرير تتحرروا به من جرائم حكوماتكم فالزمن القادم لن يكون الا لمن يتحرروا ويتطهروا
Post a Comment
<< Home