أسبوع الاحتفاء بغاندي والنبش في أصول التدوين
لا أخفي علَيْكُم سعادتي الغامرة، أو لنقُل انتشائي-الذ لم أكُن أتوقّعه-لعودة صديقي غاندي إلى التدوين (أو لنقل لبدايته التدوين، لأنّ ما كان يفعله مسبقاً كان:ـ
blogging.)
لا أنوي-بأيّ شكل من الأشكال-أن أقول إنّ أسلوب غاندي أفضل من غيره (مع أنّ أسلوبه رشيق بالفعل)، ولا إنّ دماغه صندوق أفكار (مع أنّها مكتظّة بها)، ولا إنّه مهندس شاعر لا يفارقه رحيق المراهقة حتّى تحت طبقات النضوج الصدئة المحتاجة لتزييت وتراب أعباء الحياة (مع أنّه كذلك)، ولا حتّى أريد أن أقول إنّ مدوَّنته تستحقّ الزيارة (فهي لا تزال في طور التبرعُم)-
كلّ ما أريد أن أقوله إنّني سعيد لأنّ صديقاً قديماً لي يكتُب في هذا الفضاء اللامتناهي، ممّا يفجّر بداخلي قائمة من الموضوعات لم أتبادلها-في الماضي-سوى مع غاندي، وهي موضوعات متعدية الطبيعيّ/ فائقة الطبيعيّ/ بعد-طبيعيّة/ وكلّ ما يرضيك من مسمّات غير عاديّة.
كم تناقشنا في البلكونة حول موضوعات لا يُمكِن أن تُسَمِّى إلاّ جنوناً!
كم كُنّا نجلس بالساعات لنتخيّل شكل الكتابة والتعبير في مراحلَ قادمةٍ، ونتخيّل كتاب القرن الحادي والعشرين الذي سيكون متعدّد الشفّافات (ككتب الميكانيكا الهندسيّة وكتب التشريح الطبيّة) في كلّ طبقة شفّافة تضيف معلومةً وبعداً جديداً، وكم حلُمنا أن يكون بإمكانك التعمُّق في كلمة معيّنة فتصدر عنها تعريفات وروائح، وتقرأ أغنيّة فتسمعها.
بعد مناقشتنا هذه بأعوام قليلة، فاجأنا النص الفائق
hypertext
بأكثر هذه الإمكانيّات. وهكذا...
بل كنّا نتساءل متى سيسمح الزمان أن يتطابق الشكل مع المضمون (القالب مع الصورة الكليّة) في الكتابة، بحيث إن كتبت قصّةً عن الشطرنج، جاءت سطورُها تتالياً بين مربّعات سودائيّة ومربّعات بيضائيّة (إن جاز التعبير)، ومن هُنا أيضاً نشأت فكرة الكتابات التي تتبع قوانين الحركات الموسيقيّة والسلالم حتّى في النثر (ابحث عنها في مدوّنتي).
كم كُنّا نصيغ النظريّات والنماذج الرياضيّة الهندسيّة الفلسفيّة الثرموديناميكيّة لتطبيقها على أمور الدنيا والدين، وكم تحدّثنا عن الـ"فوطة" التي إن ألقيت بها بسرعة الضوء تحوّلت إلى طاقة، ونتخيّل ماذا لو "فرملنا" سرعة الضوء؟ ستعود الفوطة التي صارت "فوطوناً" إلى أيّ شكل آخر من المادّة تختاره: أتجسُّدٌ هذا أم إعادة تجسُّد؟
reincarnation
باختصار، أنا سعيد لعودة غاندي، وقد ينقل هذا تدويناتي إلى مرحلة أكثر من التخريف/الاستنارة (حسب نظارتك) بعد-الطبيعيّة بدلاً من النفخ في قربة السياسة المخرومة.
تدوين الخيار والفقّوس؟
قال البعض إنّ التدوين فيه شلليّة، وكان في قولهم نبرة تبرٌّم أو اعتراض، وكأنّ الـ"كوسة" وأخواتها ستلوِّث عالم التدوين اليوتوپيّ. وأقول أنا: ما المانع من أن أضع روابط لأصدقائي ولرفاق "شلّة التدوين" الذين بدأوا معي في عام واحد (كمحمد، وألف، وعمَر العربيّ، وحمكشة، وابن عبد العزيز، وحدوتة، وصاحب الأشجار، والست نعامة، وإيهاث، وغيرهم-لا أبغي الحصر بل المثال)...
لم أزعُم أنّهم أفضل من يكتُب (لأنّ لا وجود للأفضل في هذا المجال)، ولم أزعُم أنّهم أعضاء "نقابة" أو مجموعة جزئيّة
subgroup
من المجموعة الكليّة، ولا أنّهم الروّاد، ولا أنّ ما عداهُم هم "الجيل الجديد"، ولا أنّني في موضع تحديد "مين اللي ييجي منّه ومين اللي ما يجيش"،
كلّ ما أقوله إنّ التدوين-بطبيعته-ليس تسلسليّاً (هيراركيّاً*) بل عَصَبَويّ**(نسبةً إلى العَصَب و"العصبون" لا العُصبة)، وأنّه عشوائيّ في نظامه، بعد-حداثيّ في صميمه؛ ومن هُنا إصرار ألِف الدائم مثلاً على أنّ "إنترنت" هي نقابة المدوِّنين.
التدوين تنظيم بلا زعيم، تنظيم سريُّ علنيّ، تنظيم لا رئاسيّ***.
"الفوضى الجميلة" لا أقصد بها فوضى شارع رمسيس في الثانية ظهرَ الإثنين الأوّل من الشهر، بل أقصد بها فوضى الطبيعة الرائعة حين تخرُج حبوب اللقاح في تذاكر ذهاب بلا عودة لتحُطّ حيثُ لا تدري، وتلقِّح من لا تدري، فتثمر أو لا تثمر، وتخرُج ثمارها إلى الحياة ثم تلقي بذورها في كلّ مكان؛ فوضى مياه الأنهار وعبير الأزهار، فوضى الحيوانات المنويّة وديدان الأرض المخفيّة،... الفوضى فائقة النظام!
يعني..
لم أقصد أن أصل حيثُ أنا الآن حين بدأتُ هذا التداعي، فقد بدأتُ مُرَحِّباً بغاندي، وأنتهي مخصِّصاً هذا الأسبوع للاحتفاء به، وقد يقتصر الاحتفاء على رأسي.
وبس
---
* Hierarchical
** Neuronal
*** Anarchic
blogging.)
لا أنوي-بأيّ شكل من الأشكال-أن أقول إنّ أسلوب غاندي أفضل من غيره (مع أنّ أسلوبه رشيق بالفعل)، ولا إنّ دماغه صندوق أفكار (مع أنّها مكتظّة بها)، ولا إنّه مهندس شاعر لا يفارقه رحيق المراهقة حتّى تحت طبقات النضوج الصدئة المحتاجة لتزييت وتراب أعباء الحياة (مع أنّه كذلك)، ولا حتّى أريد أن أقول إنّ مدوَّنته تستحقّ الزيارة (فهي لا تزال في طور التبرعُم)-
كلّ ما أريد أن أقوله إنّني سعيد لأنّ صديقاً قديماً لي يكتُب في هذا الفضاء اللامتناهي، ممّا يفجّر بداخلي قائمة من الموضوعات لم أتبادلها-في الماضي-سوى مع غاندي، وهي موضوعات متعدية الطبيعيّ/ فائقة الطبيعيّ/ بعد-طبيعيّة/ وكلّ ما يرضيك من مسمّات غير عاديّة.
كم تناقشنا في البلكونة حول موضوعات لا يُمكِن أن تُسَمِّى إلاّ جنوناً!
كم كُنّا نجلس بالساعات لنتخيّل شكل الكتابة والتعبير في مراحلَ قادمةٍ، ونتخيّل كتاب القرن الحادي والعشرين الذي سيكون متعدّد الشفّافات (ككتب الميكانيكا الهندسيّة وكتب التشريح الطبيّة) في كلّ طبقة شفّافة تضيف معلومةً وبعداً جديداً، وكم حلُمنا أن يكون بإمكانك التعمُّق في كلمة معيّنة فتصدر عنها تعريفات وروائح، وتقرأ أغنيّة فتسمعها.
بعد مناقشتنا هذه بأعوام قليلة، فاجأنا النص الفائق
hypertext
بأكثر هذه الإمكانيّات. وهكذا...
بل كنّا نتساءل متى سيسمح الزمان أن يتطابق الشكل مع المضمون (القالب مع الصورة الكليّة) في الكتابة، بحيث إن كتبت قصّةً عن الشطرنج، جاءت سطورُها تتالياً بين مربّعات سودائيّة ومربّعات بيضائيّة (إن جاز التعبير)، ومن هُنا أيضاً نشأت فكرة الكتابات التي تتبع قوانين الحركات الموسيقيّة والسلالم حتّى في النثر (ابحث عنها في مدوّنتي).
كم كُنّا نصيغ النظريّات والنماذج الرياضيّة الهندسيّة الفلسفيّة الثرموديناميكيّة لتطبيقها على أمور الدنيا والدين، وكم تحدّثنا عن الـ"فوطة" التي إن ألقيت بها بسرعة الضوء تحوّلت إلى طاقة، ونتخيّل ماذا لو "فرملنا" سرعة الضوء؟ ستعود الفوطة التي صارت "فوطوناً" إلى أيّ شكل آخر من المادّة تختاره: أتجسُّدٌ هذا أم إعادة تجسُّد؟
reincarnation
باختصار، أنا سعيد لعودة غاندي، وقد ينقل هذا تدويناتي إلى مرحلة أكثر من التخريف/الاستنارة (حسب نظارتك) بعد-الطبيعيّة بدلاً من النفخ في قربة السياسة المخرومة.
تدوين الخيار والفقّوس؟
قال البعض إنّ التدوين فيه شلليّة، وكان في قولهم نبرة تبرٌّم أو اعتراض، وكأنّ الـ"كوسة" وأخواتها ستلوِّث عالم التدوين اليوتوپيّ. وأقول أنا: ما المانع من أن أضع روابط لأصدقائي ولرفاق "شلّة التدوين" الذين بدأوا معي في عام واحد (كمحمد، وألف، وعمَر العربيّ، وحمكشة، وابن عبد العزيز، وحدوتة، وصاحب الأشجار، والست نعامة، وإيهاث، وغيرهم-لا أبغي الحصر بل المثال)...
لم أزعُم أنّهم أفضل من يكتُب (لأنّ لا وجود للأفضل في هذا المجال)، ولم أزعُم أنّهم أعضاء "نقابة" أو مجموعة جزئيّة
subgroup
من المجموعة الكليّة، ولا أنّهم الروّاد، ولا أنّ ما عداهُم هم "الجيل الجديد"، ولا أنّني في موضع تحديد "مين اللي ييجي منّه ومين اللي ما يجيش"،
كلّ ما أقوله إنّ التدوين-بطبيعته-ليس تسلسليّاً (هيراركيّاً*) بل عَصَبَويّ**(نسبةً إلى العَصَب و"العصبون" لا العُصبة)، وأنّه عشوائيّ في نظامه، بعد-حداثيّ في صميمه؛ ومن هُنا إصرار ألِف الدائم مثلاً على أنّ "إنترنت" هي نقابة المدوِّنين.
التدوين تنظيم بلا زعيم، تنظيم سريُّ علنيّ، تنظيم لا رئاسيّ***.
"الفوضى الجميلة" لا أقصد بها فوضى شارع رمسيس في الثانية ظهرَ الإثنين الأوّل من الشهر، بل أقصد بها فوضى الطبيعة الرائعة حين تخرُج حبوب اللقاح في تذاكر ذهاب بلا عودة لتحُطّ حيثُ لا تدري، وتلقِّح من لا تدري، فتثمر أو لا تثمر، وتخرُج ثمارها إلى الحياة ثم تلقي بذورها في كلّ مكان؛ فوضى مياه الأنهار وعبير الأزهار، فوضى الحيوانات المنويّة وديدان الأرض المخفيّة،... الفوضى فائقة النظام!
يعني..
لم أقصد أن أصل حيثُ أنا الآن حين بدأتُ هذا التداعي، فقد بدأتُ مُرَحِّباً بغاندي، وأنتهي مخصِّصاً هذا الأسبوع للاحتفاء به، وقد يقتصر الاحتفاء على رأسي.
وبس
---
* Hierarchical
** Neuronal
*** Anarchic
5تعليقات:
لم أكن اعرف ان تعليقي ضايقك، حقك عليا. على العموم التدوين بالنسبة لا يزيد - او ينقص - عن "تجربة" كتبت عنها ككاتب محترف ثم قررت (بعد تفكير) الخوض فيها (كأن تكتب عن الموسيقيين ثم تقرر أن تكون موسيقيا).
مدونتي هي آلتي ومعزوفتي الخاصة، ولا يضيرني - كموسيقي - أن اهتم بمن "سبقني" (زمنيا) في هذا المضمار.
ملحوظة: معلم/دكتور/استاذ ألقاب استخدمها بشكل (شخصي) للألفة ولا أقصد بها أي نوع من التراتبية أو الهيراركية على حد تعبيرك.
أبداً تعليقك لم يُضايقني بالشكل الذي تعنيه، بل ما ضايقني هو أن يكون لديك أو لدى البعض شعور بأنّني أقلِّل من شأن المدوِّنين الأحدث عهداً.
أنت يا علاء الدين من الإضافات النادرة لحلقة التدوين وكتاباتك عالية المستوى، وتعليقاتك في مدوَّنتي دائماً لها وزنها؛ لهذا حرصت هنا أن أفهم معنى تعليقك.
أمّا عن الهيراركيّة في ما كتبتُ هنا فهي لا علاقة لها بالمرّة بموضوع الترتيب الزمنيّ، بل قصدت بها "التصنيف والتقسيم" المنظمّين، في مقابل التشعُّب العصبيّ. هما طريقتان في الحَوْسَبة تختلفان كثيراً لتصلا إلى الأهداف نفسها.
آسف لاستخدامي تعليقك كمثال على شيء آخر. أنت هنا في بيتك، واستخدام "المعلّم" والـ"دكتور" مفهوم تماماً: أنا مش حسّاس بهذا الشكل، وأتمنّى ألا تكون أنت كذلك.
ـ
رامي انت صديق عزيز قبل اي شيء. لا أنسى أنك من أوائل المدونين الذين علقوا عندي وشجعوني من أول تدوينة.
فرحنا بك لما حصلت على الدكتوراة (من بلاد بره) وسوف نستقبلك استقبال الفي أي بيز لما توصل مصر بالسلامة.
في انتظار زيارتك لمدونتي دائما.
مرحبا بغاندى.. أنا كمان..
لكن عندى سؤالين.. إشمعنا الفوطة، مع إن النظرية منطبقة على أى جسم متحرك بسرعة الضوء.. وغير كدة إشمعنا أول إثنين من كل شهر فى شارع رمسيس بقى؟!
الشارع دة طول عمره مغلق للزحمة!!
إشمعنا الفوطة؟
وليه لأ. أيّ حاجة نبدأ بيها.
بصراحة هي دي اللي كانت في إيدي ساعة مناقشة النظريّة.
شارع رمسيس؟
الإثنين عادةً أزحم يوم في الأسبوع (عشان حركة البيع والشراء تكون في أوجها حيث تغلق المحلات والأشغال الجمعة أو السبت أو الأحد). وأوّل الشهر عادةً يكون أزحم بسبب المعاشات والمرتبات وما إلى ذلك.
ـ
Post a Comment
<< Home