Post-oppositionism: ما بعد المُعارضيزم
شموع وورد وكنس السيّدة
بما أنّ "الأدب" لم يَنفَع، أجدني مضطرّاً للتعبير عن رأيي، على عُجالةٍ-كالعادة (يبدو أنّ تلك العُجالة التي صارت عادةً ستجعلني أغيّر اسم المدوّنة إلى "مكتوب على وجه السرعة!!"-مع أنّ لديّ مدوّنةً أُخرِى "للمستعجلين فقط".)
ماذا أقول؟
أقول إنّني بعد أن عبّرت عن نفسي مستخدماً أساليبَ أدبيّةً (كـهذه وهذه وتلك)، وحيثُ إنّ الأدب "حمّالُ أَوْجُه"، فلا مناص الآن من اللجوء لفنّ المقال، أو للكلام المباشر "على المفتشر".
حداد
والكلامُ المُباشِر يبدأ بأنّني-منذ أسبوعَيْن-قرّرتُ أن أستجيبَ لنداء الأمّهات المصريّات الداعياتِِ إلى لبس الحِداد (كمواطن مصريّ تحرّكت مشاعري وخرجتُ من سِني الصمت الرهيب إلى تعبير بسيط رمزيّ لا يهدّد حياتي). واتّفَقتُ معهُنَّ في لبس السواد، وأعجبني إصرارهنّ على مطالبهن وعلى الوسيلة السلميّة في التعبير، كما أعجبني حيادهن ورغبتهن في فصل مبادرتهن عن حركة كفاية (مثلاً) رغم تشعبُط" كفاية في مبادرتهن".
ثم لبس الناس الحداد، وقامت مظاهرة سلميّة وندوة بنقابة الصحفيّين.
ما تَحَفَّظتُ عليه هو مطلب "إقالة" وزير الداخليّة، رغم أنّه يبدو منطقيّا، إلا أنّني أرفض أيّ "حُكم" بلا مُحاكمة، أيّاً كانت طبيعة الاتّهام وخطورة المتّهَم، وإلاّ لصرنا-نحنُ المواطنين-نُطَبِّق قانون الطوارئ-الاستثنائيّ، سيّءَ السُمعة-على من نطالبهم بإلغائه، وهذا هو بالتحديد "سقوط المُعارضة في فخ تقليد الأغلبيّة"، أو سقوط المظلوم في فخّ تقليد الظالم.
الأمر الآخر الذي أثارَ قلقي، هو سياسة "ردّ الفعل"، وهو عيبٌ مُزمِن في معارضتنا المصريّة (وفي غيرِها كالحزب الديمقراطيّ الدائخ الآن في أمريكا): انتظار أفعال الحُكومة، والردّ عليها بالانتقاد والاحتجاج. فلو قالوا يميناً قالت المُعارضة يساراً، ولو قالوا يساراً قالوا يميناً. سياسة ردّ الفعل تأتي من السطحيّة و"غياب الفكر"، وتأتي من داء التصاق المُعارضة بمقعدها المُزمن (احتراف الاحتجاج)، وهو-بدوره-ردّ فعل لالتصاق الحُكومة بمقاعد مُزمنة واحترافها تجاهل النقد والاحتجاج. "داء ردّ الفعل المُزمن"عدواه سهلة، وهو لا يحمِّل صاحبه مسئوليّة اقتراح بدائل وتحمُّل تبعتها، لكنّه مَظْهَر من مظاهر "عدم النُضج"، يعضّده داء "الانفعاليّة" (المختلف كثيراً عن العاطفيّة المزعومة التي يُتَّهَم بها المصريّون).
أخيراً أثار قلقي أيضاً خوفي أن تتحوَّل الدعوة للمُظاهرات والحداد استغلالاً لحوادث خطيرة (كيفاً) وإن كانت محدودة (عدداً) من باب اللعب على وتر "العرض والشرف"، وكلُّنا نعرف أنّه "أحسن من الشرف ما فيش"، و"ساعة الأعراض تتوه الأغراض*". لكنّ هذا أيضاً ليس نضجاً ولا شرفاً، بل هو ضربٌ من تحريك القطعان البشريّة: أرفضه!
كتمتُ مخاوفي، واستمتعتُ بلحظة صُحوة وطنيّة نادرة حقيقيّة غير متحزِّبة (رغم التحاق حركة كفاية وبعض الأحزاب بها).
الشموع السوداء!
بعد الأوشحة السوداء، والجولة التي فازت فيها حركة المُعارضة المصريّة الجديدة باقتدار، محرزةً أكثر من "هدف" في مرمى حُكومة اكتَفَت بصمتٍ في مزيج من الغرور والصلف مع اللامبالاة و قلّة الحيلة، بدأت حركة الشموع.
الشموع مظهر حضاريّ، بغضّ النظر عن كونه غربيّاً أو "مسيحيّاً" كما زعم البعضُ (وهو ليس مسيحيّاً شرقيّاً مثلاً-فالشموع في الشرق لا تُستخدم في سهرات الصلاة والتضرُّع بل يُستخدم البخور والسجدات المتتالية المقترنة بطلب رحمة الله)، إلاّّ أنّه تعبير رائع وصامت عن الاحتجاج. وهو تعبير ذكيّ مبهج، لأنّ كلّ شمعة في الظلام لها مفعولٌ قويّ ملحوظ، وهي رمزٌ يُحَقِّق ما يرمِزُ إليه في التوّ واللحظة: معاً نحنُ أقوى! وكلّ شمعة تضيء شمعة، وقد تخمُد شمعة ثم تحتاج اللهب من شمعةٍ أضاءتٍٍها لتوِّها، وهكذا...
مظهر رائع، ومفعوله مُبهِج، وهو يُضاعِف مفعول الزحام عدّة مرّات: فهناك دفء الزحام، ودفء لهيب الشموع، ثم دفء ضوئها الحنون. كلّ هذا إلى جانب الهدوء وغياب الصخب في صوت الشموع.
ما أدهشني وأدهش غيري، هو عدد الحاضرين وتنوُّعِهم (كما بدا في الصور والتقارير المكتوبة والمسموعة). العدد أكثر ممّا تَوَقَّع أيّ أحد. وبينما جاءت دعوة الشموع (من جديد) من جهات مستقلّة، فقد سارعت "كفاية" وهَرْوَل حزب الغدّ إلى المكان، وبذكاء لم يُفتْهم أن يشاركوا في احتفاليّة قادها مواطنو الأغلبيّة الصامتة (ليس هذا قدحاً بل مدحاً لذكاء كفاية والغد، لكنّه-وهذا الأهم-من باب نسب الفضل لصاحبه).
لماذا جاءَ مستقلوّن إلى هذا الحدث بينما لم يُشارِكوا في مظاهرات من قبل (ربّما طول عمرهم)؟
لأنّ الكثيرين-وأنا منهم-لا يجذبهم أيّ حديث من أحاديث المُعارضة البالية، ولا يريدون أن يدخلوا في مظاهرة لا تعجبهم شعاراتِها؛ أمّا من ساروا في مظاهرة الشموع، فلم يكونوا جميعاً مكترثين بنظام الحُكم أو انتخاب الرئيس، بل كانوا غاضبين على الشُرطة متضامنين مع مَنْ أُضيروا على الملأ.
ورغم شكاوى بعض أنصار الأخوان المسلمين "إشمعنى إحنا بنتضرب من غير ما الناس تطلع مظاهرة"، ورغم دعاوى جهات أخرى أنّ هذا مظهر بورجوازيّ (من مظاهر غسل الطبقة الراقية لضميرها)، إلاّ أنّ الأمر فاقَ ذلك-بَيدَ أنّ أكثر الناس لا يجيدون قراءة ما تحت السطور، ولا يميّزون الأصيل من الخسيس من فرط انتشار الأخير. ما فاقَ ذلك روعةً هو يقظة نفرٌ قليل-لكن مؤثِّر-من الأغلبيّة الصامتة غير المتحزِّبة. وهذا أمرٌ أدهش الكثيرين كما أدهشني.
هدف آخر في مرمى الحكومة، ونَوعٌ من التهديد للمعارضة الـ"رسميّة"، سواء كانت مُعارضة الأحزاب المتهرِّئة التي لا يسير أحد في مظاهراتها المسكينة، أو مُعارضة "الأخوان المسلمين" ذات الأيديولوجيّة الواضحج والمظاهرات المُخَطَّطة مُسبقاً التي تهتف بهتافات لا تستهوي الطبقة الوُسطى ولا تُعجب "الناس العاديّة" حتّى إن أشفقوا على ما يحدُث للأخوان داخل السجون (وخارجها).
جدير بالذكر أنّ صورة كمال خليل يحمل لافتةً تطالب بحقوق الأخوان المسلمين في السجون هي صورة معبِّرة عن مظهر جديد (رغم أنّه مألوف في أوساط جمعيّات حقوق الإنسان): مظهر شخص يُدافِع عمّن يقع في الجانب الآخر من الطيف السياسيِّ، وهو مظهر سيصير شائعاً في الأيّام القادمة.
مَضَت حركة الشموع مثل سابقتها، بلا مشكلات كبيرة، ولا شكّ أنّ هذا سيقوّي عزيمة البعض ويشجّع بعض الصامتين على التحرُّك. وقد يكون هذا الهدوء هدوءاً يسبق العاصفة، أو "طُعماً" يعقبه انقضاض. وسنرى.
لا يزال الأمرُ يجري بتحضُّر، ومع ذلك، فلا تزال بضعة مخاوف "تلعب في عبّي" وبضعة عيوب في الأفق، ولا أزال في مرحلة المُراقَبة: هل سيتمّ اختطاف الحركات التلقائيّة وتسييسها وتحويلها إلى وسائل ضغط على الحكومة؟ هل سيفقد المتظاهرون حماسهم ويتشتّتون وراء أكثر من هدف؟
هدف؟ ما الهدف أصلاً؟
يقولون إنّهم يريدون إقالة وزير الداخليّة ومحاكمة المسئولين عن "الأربعاء الأسود". هل يستحقّ الأربعاء الأسود كلّ هذا؟ هذا ما يسأله المحايدون وهو أيضاً ما يسأله "المغتاظون" السائلون "إشمعنى، حتّى في المطالبة بالعدل فيه ظُلم وفيه ناس أهم من ناس؟"
والحقيقة أنّ السؤال مشروع، لكنّ الجواب جاء في مظاهرة الشموع: المظاهرة تبدو ضدّ جميع تجاوزات الشرطة ضدّ المواطنين: جميع المواطنين. هي تبدو كذلك، لكنّ أحداً لم يُصِغ مطالب "المحتجّين" بشكل واضح. وهذا لأنّ الحركة تلقائيّة انفعاليّة عشوائيّة (لكنّها صادقة). فهناك حاجة حقيقيّة لصياغة لا تتجاهل فئةً ما من الشعب لها مظالم، ولن يكون هذا صعباً: فلا توجد فئة من الشعب لم يظلمها جهاز الأمن المصريّ-للأسف.
نأتي لمربط الفرس: حركة اليوم! كنس السيّدة زينب.
فإن كُنتَ لم تملّ ولا زلت تقرأ حتّى الآن، أو إن كُنتَ قد قفزت هنا لتوِّك لتقرأ هذا الجُزء، فهذا هو السؤال الجوهريّ في قولي ومقالي.
لم يختلف أحد على فكرة لبس الحداد، أمّا موضوع الشموع فأثار بضعة أقاويل وبضعة شكوك، لكنّه تمّ بنجاح.
أمّا فكرة "كنس السيّدة" فقد أثارت القيل والقال بشكل غريب.
أنا شخصيّاً أعجبتني الفكرة في البداية، لكنّ تحفُظّي الوحيد كان على منطق لا أحبّه شخصيّاً: الدُعاء على الظالم بدلاً من الدُعاء للمظلوم.
ثم فكّرت! ما هذا الغباء الذي أقوله؟ من قال إنّ من دعا للفكرة يقصُد بالفعل اللجوء للدُعاء على الظالم (حرفيّاً) واللجوء للغيبيّات. أليست هي فكرة عبقريّة لم تتم الدعاية لها بشكل سليم.
أليس مربط الفرس في كنس السيّدة هو تلك العبقريّة المصريّة، عبقريّة "الفلاح الفصيح" في شكواه الرائعة التي كتبها منذ آلاف السنين. عبقريّة التعبير عن اليأس بشكل غير يائس. عبقريّة المصريّ ذي البسمة الساحرة الساخرة التي تُصغي لمسئول يتحدّث عن العدل وتضحك عليه لعلمها أنّ "حاميها حراميها".
هي بالفعل فكرة ذكيّة: إنّ مربط الفرس-كما فهمتُ أنا، وكما لم يشرح الداعون لها جيّداً-هو: مع أنّ ما فيش فايدة، لكنّنا لن نتوّقَف عن الشكوى.
سنتّبع جميع أساليب الشكوى.
سنكنس السيّدة.
سنكشف الرءوس وندعي.
سنوقد القناديل.
سنذهب حتّى إلى أبو الهول لنشكو له أعمال أحفاده.
يمكن كمان نضرب الودع ونعمل حجاب.
هذا ما تقوله حركة المُعارضة المصريّة الجديدة، الحركة التّي أسمّيها أنا "ما بعد المعارضة" لأنّها تتّبع أساليب "ما بعد الحداثة" في وجه مُثقَّفين تربّوا في مدرسة الحداثة الناصريّة/الاشتراكيّة {أليس كلّ مثقَّف وسياسيّ في مصر تقريباً سليلَ حركة الطليعة وشباب الاتّحاد الاشتراكيّ (سواء بالتتلمذ على يديهم، أو بمعارضتهم)}. أمّا طارحو الفكرة والمتحمّسون لها، فهم بين يائس يريد التعلُّق بأيّ قشّة، وبين شخصٍ يفهم عُمقَ السخرية المصريّة، وبين تابع مخلص، وبين شاب "كوول" يحبّ الفكرة "الأوريچينال".
الصراع الحقيقيّ الذي يثيره موضوع كنس السيّدة ليس صراعاً بين فكر شعبي وفكر راقٍ، أو بين صفوف المعارضة. والخطر في الذهاب إلى السيّدة للتظاهر ليس خطر "تهميش الأقباط" أو "نشر الفكر الغيبيّ". هذا ليس خطراً على الإطلاق، لأنّ الأقباط (أي عامّة الأقباط) مهمّشون من الأساس، ولن يخرجوا إلى مظاهرة إلاّ للمطالبة بحقوق قبطيّة مهدرة أو للشكوى ضدّ "الأحكام الواهية في قضيّتي الكُشح" مثلاً. أمّا "الفكر الغيبيّ" فهو ليس ذا أثر، لأنّ المتديّنين الحاليّين يتبعون مدرسةً سُنيّةً سُعوديّةَ التأثير، لن يسقطوا في هذه "البدع والمهاترات" المسماة بالشيعيّة.
ما فجّرته قضيّة "كنس السيّدة بلا شكّ هو: (أسرد بلا شرح، تاركاً لذكائكم التفسير)ـ
بالنسبة للمتشائمين، كان مزيج (الحوار/اللاحوار) الأخير بشأن مسيرة "كنس السيّدة" بمثابة "وجه قبيح للمعارضة المصريّة..
بالنسبة للمتفائلين، كان ظاهرةً صحيّة لنشأة المعارضة الجديدة التلقائيّة..
بالنسبة للفائقين (الفائق ضدّ النائم والمسطول والسكران والمحشّش والعائش في الوهم)، الأمر هو لقطة رائعة لحركة معارضة ناشئة عشوائيّة:
والحوار صحيّ وإن كانَ عقيماً في بضعة أحيان، لأنّه يظهر كيف أنّ الجيل الجديد يكره الاتّباع والهرولة، وأنّه مصاب بداء من الاستقلال والشكّ في كلّ اقتراح؛ وهذه الأدواء قد تكون سرّ الشفاء.
لا يُمكِن إنكار أنّ فكرة كنس السيّدة بدأت "فكرةً رِوْشة" من باب التغيير والتنوُّع (كما لم يُنكر طارحوا الفكرة)، وانتهت ملحمةً تعبِّر عن فوضى المعارضة المصريّة الجدية المُصابة بأمراض الذين يُعارِضونهم.
كان هذا تصوُّري المتواضع، وأعرف أنّك أيّها القارئ "لديك تصوّر آخر"، وهذا مكانه في "صفيحة التعليقات" :)
ــــــ
* مثل "شعبيّ" من تأليفي!
ـ
ماذا أقول؟
أقول إنّني بعد أن عبّرت عن نفسي مستخدماً أساليبَ أدبيّةً (كـهذه وهذه وتلك)، وحيثُ إنّ الأدب "حمّالُ أَوْجُه"، فلا مناص الآن من اللجوء لفنّ المقال، أو للكلام المباشر "على المفتشر".
حداد
والكلامُ المُباشِر يبدأ بأنّني-منذ أسبوعَيْن-قرّرتُ أن أستجيبَ لنداء الأمّهات المصريّات الداعياتِِ إلى لبس الحِداد (كمواطن مصريّ تحرّكت مشاعري وخرجتُ من سِني الصمت الرهيب إلى تعبير بسيط رمزيّ لا يهدّد حياتي). واتّفَقتُ معهُنَّ في لبس السواد، وأعجبني إصرارهنّ على مطالبهن وعلى الوسيلة السلميّة في التعبير، كما أعجبني حيادهن ورغبتهن في فصل مبادرتهن عن حركة كفاية (مثلاً) رغم تشعبُط" كفاية في مبادرتهن".
ثم لبس الناس الحداد، وقامت مظاهرة سلميّة وندوة بنقابة الصحفيّين.
ما تَحَفَّظتُ عليه هو مطلب "إقالة" وزير الداخليّة، رغم أنّه يبدو منطقيّا، إلا أنّني أرفض أيّ "حُكم" بلا مُحاكمة، أيّاً كانت طبيعة الاتّهام وخطورة المتّهَم، وإلاّ لصرنا-نحنُ المواطنين-نُطَبِّق قانون الطوارئ-الاستثنائيّ، سيّءَ السُمعة-على من نطالبهم بإلغائه، وهذا هو بالتحديد "سقوط المُعارضة في فخ تقليد الأغلبيّة"، أو سقوط المظلوم في فخّ تقليد الظالم.
الأمر الآخر الذي أثارَ قلقي، هو سياسة "ردّ الفعل"، وهو عيبٌ مُزمِن في معارضتنا المصريّة (وفي غيرِها كالحزب الديمقراطيّ الدائخ الآن في أمريكا): انتظار أفعال الحُكومة، والردّ عليها بالانتقاد والاحتجاج. فلو قالوا يميناً قالت المُعارضة يساراً، ولو قالوا يساراً قالوا يميناً. سياسة ردّ الفعل تأتي من السطحيّة و"غياب الفكر"، وتأتي من داء التصاق المُعارضة بمقعدها المُزمن (احتراف الاحتجاج)، وهو-بدوره-ردّ فعل لالتصاق الحُكومة بمقاعد مُزمنة واحترافها تجاهل النقد والاحتجاج. "داء ردّ الفعل المُزمن"عدواه سهلة، وهو لا يحمِّل صاحبه مسئوليّة اقتراح بدائل وتحمُّل تبعتها، لكنّه مَظْهَر من مظاهر "عدم النُضج"، يعضّده داء "الانفعاليّة" (المختلف كثيراً عن العاطفيّة المزعومة التي يُتَّهَم بها المصريّون).
أخيراً أثار قلقي أيضاً خوفي أن تتحوَّل الدعوة للمُظاهرات والحداد استغلالاً لحوادث خطيرة (كيفاً) وإن كانت محدودة (عدداً) من باب اللعب على وتر "العرض والشرف"، وكلُّنا نعرف أنّه "أحسن من الشرف ما فيش"، و"ساعة الأعراض تتوه الأغراض*". لكنّ هذا أيضاً ليس نضجاً ولا شرفاً، بل هو ضربٌ من تحريك القطعان البشريّة: أرفضه!
كتمتُ مخاوفي، واستمتعتُ بلحظة صُحوة وطنيّة نادرة حقيقيّة غير متحزِّبة (رغم التحاق حركة كفاية وبعض الأحزاب بها).
الشموع السوداء!
بعد الأوشحة السوداء، والجولة التي فازت فيها حركة المُعارضة المصريّة الجديدة باقتدار، محرزةً أكثر من "هدف" في مرمى حُكومة اكتَفَت بصمتٍ في مزيج من الغرور والصلف مع اللامبالاة و قلّة الحيلة، بدأت حركة الشموع.
الشموع مظهر حضاريّ، بغضّ النظر عن كونه غربيّاً أو "مسيحيّاً" كما زعم البعضُ (وهو ليس مسيحيّاً شرقيّاً مثلاً-فالشموع في الشرق لا تُستخدم في سهرات الصلاة والتضرُّع بل يُستخدم البخور والسجدات المتتالية المقترنة بطلب رحمة الله)، إلاّّ أنّه تعبير رائع وصامت عن الاحتجاج. وهو تعبير ذكيّ مبهج، لأنّ كلّ شمعة في الظلام لها مفعولٌ قويّ ملحوظ، وهي رمزٌ يُحَقِّق ما يرمِزُ إليه في التوّ واللحظة: معاً نحنُ أقوى! وكلّ شمعة تضيء شمعة، وقد تخمُد شمعة ثم تحتاج اللهب من شمعةٍ أضاءتٍٍها لتوِّها، وهكذا...
مظهر رائع، ومفعوله مُبهِج، وهو يُضاعِف مفعول الزحام عدّة مرّات: فهناك دفء الزحام، ودفء لهيب الشموع، ثم دفء ضوئها الحنون. كلّ هذا إلى جانب الهدوء وغياب الصخب في صوت الشموع.
ما أدهشني وأدهش غيري، هو عدد الحاضرين وتنوُّعِهم (كما بدا في الصور والتقارير المكتوبة والمسموعة). العدد أكثر ممّا تَوَقَّع أيّ أحد. وبينما جاءت دعوة الشموع (من جديد) من جهات مستقلّة، فقد سارعت "كفاية" وهَرْوَل حزب الغدّ إلى المكان، وبذكاء لم يُفتْهم أن يشاركوا في احتفاليّة قادها مواطنو الأغلبيّة الصامتة (ليس هذا قدحاً بل مدحاً لذكاء كفاية والغد، لكنّه-وهذا الأهم-من باب نسب الفضل لصاحبه).
لماذا جاءَ مستقلوّن إلى هذا الحدث بينما لم يُشارِكوا في مظاهرات من قبل (ربّما طول عمرهم)؟
لأنّ الكثيرين-وأنا منهم-لا يجذبهم أيّ حديث من أحاديث المُعارضة البالية، ولا يريدون أن يدخلوا في مظاهرة لا تعجبهم شعاراتِها؛ أمّا من ساروا في مظاهرة الشموع، فلم يكونوا جميعاً مكترثين بنظام الحُكم أو انتخاب الرئيس، بل كانوا غاضبين على الشُرطة متضامنين مع مَنْ أُضيروا على الملأ.
ورغم شكاوى بعض أنصار الأخوان المسلمين "إشمعنى إحنا بنتضرب من غير ما الناس تطلع مظاهرة"، ورغم دعاوى جهات أخرى أنّ هذا مظهر بورجوازيّ (من مظاهر غسل الطبقة الراقية لضميرها)، إلاّ أنّ الأمر فاقَ ذلك-بَيدَ أنّ أكثر الناس لا يجيدون قراءة ما تحت السطور، ولا يميّزون الأصيل من الخسيس من فرط انتشار الأخير. ما فاقَ ذلك روعةً هو يقظة نفرٌ قليل-لكن مؤثِّر-من الأغلبيّة الصامتة غير المتحزِّبة. وهذا أمرٌ أدهش الكثيرين كما أدهشني.
هدف آخر في مرمى الحكومة، ونَوعٌ من التهديد للمعارضة الـ"رسميّة"، سواء كانت مُعارضة الأحزاب المتهرِّئة التي لا يسير أحد في مظاهراتها المسكينة، أو مُعارضة "الأخوان المسلمين" ذات الأيديولوجيّة الواضحج والمظاهرات المُخَطَّطة مُسبقاً التي تهتف بهتافات لا تستهوي الطبقة الوُسطى ولا تُعجب "الناس العاديّة" حتّى إن أشفقوا على ما يحدُث للأخوان داخل السجون (وخارجها).
جدير بالذكر أنّ صورة كمال خليل يحمل لافتةً تطالب بحقوق الأخوان المسلمين في السجون هي صورة معبِّرة عن مظهر جديد (رغم أنّه مألوف في أوساط جمعيّات حقوق الإنسان): مظهر شخص يُدافِع عمّن يقع في الجانب الآخر من الطيف السياسيِّ، وهو مظهر سيصير شائعاً في الأيّام القادمة.
مَضَت حركة الشموع مثل سابقتها، بلا مشكلات كبيرة، ولا شكّ أنّ هذا سيقوّي عزيمة البعض ويشجّع بعض الصامتين على التحرُّك. وقد يكون هذا الهدوء هدوءاً يسبق العاصفة، أو "طُعماً" يعقبه انقضاض. وسنرى.
لا يزال الأمرُ يجري بتحضُّر، ومع ذلك، فلا تزال بضعة مخاوف "تلعب في عبّي" وبضعة عيوب في الأفق، ولا أزال في مرحلة المُراقَبة: هل سيتمّ اختطاف الحركات التلقائيّة وتسييسها وتحويلها إلى وسائل ضغط على الحكومة؟ هل سيفقد المتظاهرون حماسهم ويتشتّتون وراء أكثر من هدف؟
هدف؟ ما الهدف أصلاً؟
يقولون إنّهم يريدون إقالة وزير الداخليّة ومحاكمة المسئولين عن "الأربعاء الأسود". هل يستحقّ الأربعاء الأسود كلّ هذا؟ هذا ما يسأله المحايدون وهو أيضاً ما يسأله "المغتاظون" السائلون "إشمعنى، حتّى في المطالبة بالعدل فيه ظُلم وفيه ناس أهم من ناس؟"
والحقيقة أنّ السؤال مشروع، لكنّ الجواب جاء في مظاهرة الشموع: المظاهرة تبدو ضدّ جميع تجاوزات الشرطة ضدّ المواطنين: جميع المواطنين. هي تبدو كذلك، لكنّ أحداً لم يُصِغ مطالب "المحتجّين" بشكل واضح. وهذا لأنّ الحركة تلقائيّة انفعاليّة عشوائيّة (لكنّها صادقة). فهناك حاجة حقيقيّة لصياغة لا تتجاهل فئةً ما من الشعب لها مظالم، ولن يكون هذا صعباً: فلا توجد فئة من الشعب لم يظلمها جهاز الأمن المصريّ-للأسف.
إن سألني أحد: "إشمعنى"؟ لماذا هذه المرّة؟ لماذا هاج الناس وماجوا وقامت الدُنيا ولم تقعُد. لا أجد الإجابة صعبة.كنس السيّدة: لقطة رائعة لحركة "ما بعد المعارضة" في ذات الفعل
هُناك عدّة أسباب، سأذكُر بعضها عفويّاً بشكل غير حصريّ:
أوّلاً، هُناك تكويم مستمرّ واحتقان، يملأ كلّ مواطن قد ضجر من مخالفات المرور التي يدفعها دون أن تكون لديه سيّارة، أو ملّ مظهر "إنتَ إزّاي تكلّّمني كده يا بن الكلب. ده أنا ضابط" في خناقة عاديّة في المترو، أو ساقه حظّه التعس إلى قسم الشرطة لأنّه-من خيبته-لم يتفادَ سيّارة سائق أحد "الناس المهمّة"، فصَدَمَتهُ دونَ ذنبٍ جناه أو خطأ ارتكبه، وانتِهى الأمر بضربه وبـ"بوسه الأيادي" ليطلب من المخطئ الغفران ويعده بإصلاح العطب.
ثانياً، هذه المرّة شاهد الناس صور ضرب وبهدلة لـ"ناس عاديّة مثلهم": صحفيّة تحضر درساً، وأخرى تجري حواراً، إلى جانب متظاهرين شكلهم عادي وآخرين شكلهم "ولاد ناس". لو ضُرِب "الكفايويّون" فقط أو "الأخوان" فقط، سيقول المشاهد العادي: "ده اختيارهم. هم اللي مشيوا في الطريق ده، وداوشينّا بحاجات مش مهمّة. إحنا عايزين الستر". لكن أن يُضرب "مُدَوِِّن صديق" أو "فتاة صحفيّة محجَّبة" أو "ناس ماشية جنب حائط النقابة"، وأن يحدُث هذا في وضح النهار، فهذا زاد عن حدّ الاحتمال في أحد أيّام "أزهى عصور الديمقراطيّة". وما زاد الطينة بلّة هو أنّ مرتكبي العنف بلطجيّة من الشعب، وليسوا "ناس كبيرة" لا يجوز انتقادهم.
ثالثاً، بالطبع، لا يُمكِن تجاهُل أنّ مُعظم المضروبين كانوا "مش وشّ بهدلة"، فهُم من الطبقة الوُسطى بأجزائها المثقّفة. معظم من ضربوا وأوذوا بدنيّاً لهم اتّصالات داخليّة وخارجيّة، ولم يعتادوا الضرب (اتّاخذوا على خوانة). البعضُ منهم مثلاً قد يكون لم يركب حافلة نقل عام من قبل! لهذا جاء ردّ الفعل طبيعيّاً من طبقة ذات تأثير. طبقة تحتمي بها النُظُم الحاكمة عادةً، فهي طبقة مستفيدة عادةً من بقاء الأحوال على ما هي عليه، لكنّها طبقة متعلِّمة وتصدِّق الشعارات. (لا أعني هُنا كُلّ من ضُرِب، بل جزء مؤثِّر منهم).
ـ
نأتي لمربط الفرس: حركة اليوم! كنس السيّدة زينب.
فإن كُنتَ لم تملّ ولا زلت تقرأ حتّى الآن، أو إن كُنتَ قد قفزت هنا لتوِّك لتقرأ هذا الجُزء، فهذا هو السؤال الجوهريّ في قولي ومقالي.
لم يختلف أحد على فكرة لبس الحداد، أمّا موضوع الشموع فأثار بضعة أقاويل وبضعة شكوك، لكنّه تمّ بنجاح.
أمّا فكرة "كنس السيّدة" فقد أثارت القيل والقال بشكل غريب.
أنا شخصيّاً أعجبتني الفكرة في البداية، لكنّ تحفُظّي الوحيد كان على منطق لا أحبّه شخصيّاً: الدُعاء على الظالم بدلاً من الدُعاء للمظلوم.
ثم فكّرت! ما هذا الغباء الذي أقوله؟ من قال إنّ من دعا للفكرة يقصُد بالفعل اللجوء للدُعاء على الظالم (حرفيّاً) واللجوء للغيبيّات. أليست هي فكرة عبقريّة لم تتم الدعاية لها بشكل سليم.
أليس مربط الفرس في كنس السيّدة هو تلك العبقريّة المصريّة، عبقريّة "الفلاح الفصيح" في شكواه الرائعة التي كتبها منذ آلاف السنين. عبقريّة التعبير عن اليأس بشكل غير يائس. عبقريّة المصريّ ذي البسمة الساحرة الساخرة التي تُصغي لمسئول يتحدّث عن العدل وتضحك عليه لعلمها أنّ "حاميها حراميها".
هي بالفعل فكرة ذكيّة: إنّ مربط الفرس-كما فهمتُ أنا، وكما لم يشرح الداعون لها جيّداً-هو: مع أنّ ما فيش فايدة، لكنّنا لن نتوّقَف عن الشكوى.
سنتّبع جميع أساليب الشكوى.
سنكنس السيّدة.
سنكشف الرءوس وندعي.
سنوقد القناديل.
سنذهب حتّى إلى أبو الهول لنشكو له أعمال أحفاده.
يمكن كمان نضرب الودع ونعمل حجاب.
هذا ما تقوله حركة المُعارضة المصريّة الجديدة، الحركة التّي أسمّيها أنا "ما بعد المعارضة" لأنّها تتّبع أساليب "ما بعد الحداثة" في وجه مُثقَّفين تربّوا في مدرسة الحداثة الناصريّة/الاشتراكيّة {أليس كلّ مثقَّف وسياسيّ في مصر تقريباً سليلَ حركة الطليعة وشباب الاتّحاد الاشتراكيّ (سواء بالتتلمذ على يديهم، أو بمعارضتهم)}. أمّا طارحو الفكرة والمتحمّسون لها، فهم بين يائس يريد التعلُّق بأيّ قشّة، وبين شخصٍ يفهم عُمقَ السخرية المصريّة، وبين تابع مخلص، وبين شاب "كوول" يحبّ الفكرة "الأوريچينال".
الصراع الحقيقيّ الذي يثيره موضوع كنس السيّدة ليس صراعاً بين فكر شعبي وفكر راقٍ، أو بين صفوف المعارضة. والخطر في الذهاب إلى السيّدة للتظاهر ليس خطر "تهميش الأقباط" أو "نشر الفكر الغيبيّ". هذا ليس خطراً على الإطلاق، لأنّ الأقباط (أي عامّة الأقباط) مهمّشون من الأساس، ولن يخرجوا إلى مظاهرة إلاّ للمطالبة بحقوق قبطيّة مهدرة أو للشكوى ضدّ "الأحكام الواهية في قضيّتي الكُشح" مثلاً. أمّا "الفكر الغيبيّ" فهو ليس ذا أثر، لأنّ المتديّنين الحاليّين يتبعون مدرسةً سُنيّةً سُعوديّةَ التأثير، لن يسقطوا في هذه "البدع والمهاترات" المسماة بالشيعيّة.
ما فجّرته قضيّة "كنس السيّدة بلا شكّ هو: (أسرد بلا شرح، تاركاً لذكائكم التفسير)ـ
١) صراعاً طبقيّاً بين طبقة وسطى-وسطى ترفُض التدنّي إلى مستوىً شعبيٍّ وطبقة وسطى-عُليا تتمنّى إثبات حُسن النوايا للـ"ناس العاديّة" مُحاوِلةً تحدُّث لُغة لم يعُد العامّة يتحدَّثونها.
٢) صراعاً ثقافيّاً بين فلول الحداثة (حركة التنوير التي تُعلي العقل وتنبذ رموز الرجعيّة والتخلُّف وتتجرّد من عيوب التراث) وأبناء عصر ما بعد الحداثة (العائدين إلى الروحانيّة لا الدين، النسبويّين في تفكيرهم في كلّ شيء، العاشقين الرموز والشموع والبخور، الراغبين في التصالح مع ما قبل الحداثة).
٣) صراعاً عنيفاً بين بقايا الديانة المصريّة الشعبيّة (بموالدها ومقاماتها) والرياح القادمة من صحاري الخليج الحارّة التي تقلع الأخضر واليابس من التراث المصريّ وتحوِّل الهويّة المصريّة الضاربة في القِدَم إلى جزء من وطن عربيّ مُستَحدَث يلبس العقال الچينز على المخ الصدئ نفسه، ويردِّد الأفكار القديمة باستخدام الإنترنت والأطباق الفضائيّة، ويطبِّق قوانين الصحاري على أهل الأرض الخضراء.
ـ
بالنسبة للمتشائمين، كان مزيج (الحوار/اللاحوار) الأخير بشأن مسيرة "كنس السيّدة" بمثابة "وجه قبيح للمعارضة المصريّة..
بالنسبة للمتفائلين، كان ظاهرةً صحيّة لنشأة المعارضة الجديدة التلقائيّة..
بالنسبة للفائقين (الفائق ضدّ النائم والمسطول والسكران والمحشّش والعائش في الوهم)، الأمر هو لقطة رائعة لحركة معارضة ناشئة عشوائيّة:
والحوار صحيّ وإن كانَ عقيماً في بضعة أحيان، لأنّه يظهر كيف أنّ الجيل الجديد يكره الاتّباع والهرولة، وأنّه مصاب بداء من الاستقلال والشكّ في كلّ اقتراح؛ وهذه الأدواء قد تكون سرّ الشفاء.
لا يُمكِن إنكار أنّ فكرة كنس السيّدة بدأت "فكرةً رِوْشة" من باب التغيير والتنوُّع (كما لم يُنكر طارحوا الفكرة)، وانتهت ملحمةً تعبِّر عن فوضى المعارضة المصريّة الجدية المُصابة بأمراض الذين يُعارِضونهم.
استمرّوا في التعبير أيُّها المعارضون، استمرّوا فالتخبُّط قد يقودُكم إلى النضج، أو قد ينتهي بكم إلى الهاوية (وكلاهُما أفضل من بقاء الأحوال على ما هي عليه).
استمرّوا ونحنُ معكُم وإلى جانبكُم.. سنراقب وسنشارك وسنرى إلامَ النهاية.
وأنا بدوري، سأهديكُم باقةً من أفكاري التي أظنّها بعد-طبيعيّة، وقد تظنّونها غير ذلك.
استمرّوا ونحنُ معكُم وإلى جانبكُم.. سنراقب وسنشارك وسنرى إلامَ النهاية.
وأنا بدوري، سأهديكُم باقةً من أفكاري التي أظنّها بعد-طبيعيّة، وقد تظنّونها غير ذلك.
كان هذا تصوُّري المتواضع، وأعرف أنّك أيّها القارئ "لديك تصوّر آخر"، وهذا مكانه في "صفيحة التعليقات" :)
ــــــ
* مثل "شعبيّ" من تأليفي!
ـ
10تعليقات:
تحليل اكثر من رائع
:)
سأقراه اكثر من مرة ان شا ءالله حتي افهم بعض النقاط بشكل افضل
الا صحيح يا رامي انت تصنفني تبع هذا الطرح تحت اي بند من المجموعات اللي ذكرتهم ؟
مجرد سؤال حتي احاول رؤية شكلي في عيون الاخريم مما يسهل علي فهمهم او ربما اتغير تماما كما تغيرت من قبل
المهم
عندي فقط تحفظ واحد علي شئ لا ادري من اي اتيت به
هل الامهات المضريات وجموعة السيدة هي مجموعات مستقلة ثم انقضت عليها كفاية لتكون محتوياها؟ وما هو الدليل علي هذا ؟
ثانيا ؟
اليس هذا دليل علي ان المظلة اهم من الرسالة؟
بمعني كل ما ياتي لي بدعاية سانفخ فيه
حتي اظهر علي قمته
مما قد يؤدي الي ضياع الرسالة
وبقاء الهيكل نفسه بلا روح ؟
مجرد سؤال
وليس حالة نرفزة عصبية نتيجة ارث ثقافي متعفن في داخلي
:)
بهزر
ابن عبد العزيز:
أين أصنّفك؟
مش عارف. أنت مزيج من كذا مجموعة :)
لكنّك بالتأكيد تنتمي لمجموعة معارضة معارضة المعارضة!!
أمّا عن موضوع الأمّهات المصريّات، فهذا ما جاء في بيانهن الأوّل
"الأمهات المصريات ليست حركة سياسية، إنها صوت الأغلبية الصامتة من النساء ربات البيوت والعاملات، لكنهن يدركن اليوم أن الداخلية قد تجاوزت كل الخطوط الحمراء، وأن الصمت اليوم جريمة ولا بد من وقفة صفاً واحداً وشعباً واحداً للدفاع عن المرأة والبنت المصرية
"
و
"يوم 1 يونيو مصر كلها ستتشح بالسواد من أجل بناتنا اللاتي تم الاعتداء عليهن وتقطيع ملابسهن في الشارع لأنهن جرؤن على أن يقلن كفاية بدلاً من الصمت، سنخرج هذه المرة -ونحن لسنا من حركة كفاية- لنقول للداخلية التي كان دورها حمايتنا: اللعبة انتهت"
والله أعلم بالنوايا
أمّا عن "انقضاض كفاية عليهن"، (بلاش انقضاض دي)، فهذا ما لم أقله.
لقد تضامنت كفاية معهن، ثم غلبت الكثرة الشجاعة. فصار كأنّ دعوة السواد دعوة كفايويّة. لكنّها-مثل كنس السيّدة-دعوة مستقلّة رغم تضامن "الغد" والأمس معها!!
ـ
Indeed, good analysis. And I agree with your regarding the broom protest.
انا اطلقت دعوى لكنس الهرم يوم الأربعاء القادم
كمان بدأت خطوات فعلية لعمل عمل للحكومة
انت عترف ايه الغريب يا رامي
ان نقد ما نختلف معاه قد يكون مقبول
ثم اذا تم نقد ما نتفق معاه يكون ثقيل علي القلب
تحدث حالة من الضيق الشديد
معارضة معارضة المعارضة
قد يكون وصف جائر قليلا لي
وان كنت لا اعرف ما هو اصلا :)
انا اعلم ان التجربة احد مصادر الحكم والراي
وان ما رايته بنفسي واعرفه من الاحتكاك المباشر مختلف كثيرا عن المثاليات المكتوبة علي صفحات المفكرين
ورغم هذا لست متشائما
الا اننا تعودنا ان نسال الاسئلة التي لا يسألها الكثيرون
ويتضايق البعض ويصاب البالتشنج
اليس انصار عمرو خالد مثلا عندما قدمت سلسلة من الملاحظات علي منهجه وفكره
وجدنا من يظن اني اضيع وقتي
او عدو للنجاح
او كلب يعوي والقافلة تسير
او
او
او ربما اصبحت معارض من اجل المعارضة وخلاص
الغريب اننا نجتمع حول من يشاركنا مجموعة اراء ونقيم حولهم خيمة لنجلس فيها ونستمتع بصحبتهم
ثم نعتبر انفسنا قبيلة والاخرين قبيلة اخري
مالفرق بين مراقبة ظاهرة عمرو خالد
وكشف اخطاء الاخوان
وتمحيص ومراقبة الحركات السياسية المطالبة للتغيير
من حيث المبدأ؟
مالفرق بين
انتقاد استهلاك الدين بشكل تجاري
ونقد علمنة المجتمع بشكل فج
مالفرق بين دكيتاتروية الظالم
ودكيتاتورية الحر
مالفرق بين معارضة المتطرفين
ومعارضة السياسيين
الاسئلة مشروعة
حتي تلك التي فيها جدال حول ماهية الخلق والكينونة
ان كنا نريد حركة واعية بحق
فعليك بالتساؤل
والتدافع
وعلي كل شئ ان ياخذ مجراه
حتي ينتج منتجا متوازنا
Checks and balances
بخصوص بيان الامهات المصريات وانهن لسن من كفاية
استطيع ان اقول اي شئ في اي بيان ومحدش حيحاسبني
وكما قلت ليس عيبا ان يكونا منهم او لأ
لم يكن هذا اعتراض اصلا
لكنه كان جزء من ملحوظة عامة
ولذا
هل بامكان مستقلين تماما عمل مشروع ما بدون السماح لاي شخص بالانقضاض عليه ؟
او نكون مضطرين لتسليم بنات افكارنا لمن يستخدمها سياسيا بدون محاسبة ؟
هذا كان السؤال في داخل الصورة الاكبر
ويجعله عامر
:)
ابن عبد العزيز:
معارضة معارضة المعارضة ليست وصفاً جائراً. معناها ببساطة تحليل ما تفعله حركات المعارضة التي تعارض المعارضة الرسميّة.
أمّا معارضة المعارضة فهي مثلاً مثل حركة "الاستمرار من أجل الانحد.. الازدهار".
أمّا عن تحليل المسرح السياسي، فهذا مطلوب ومفيد وتربويّ، بس لا داعي لأخذه على أعصابك.
Voice:
ما أقصده بالـ"عجالة" هي أنّني لم أستعد للمقال جيّداً (وكلّما قلّ الاستعداد، زاد الكلام)، وبالتالي فقد أطلقتُ بضعة أحكام دون التحقّق التام. بس كده
يا عم رامي
انا كنت بهزر اصلا
:)
اقرا تاني كدة انا قلت ايه
:
" معارضة معارضة المعارضة
قد يكون وصف جائر قليلا لي
وان كنت لا اعرف ما هو اصلا :)
"
لمحات في عجالة :) على التحليل
ا-المطالبة باقالة وزير الداخلية لا تعتبر حكم مسبق لأن هذا ما يسمى المسئولية السياسية والتي لا تحتاج إلى دليل على اصداره للأوامر ولكنه مسئولاً عما حدث حتى ان كان ما حدث هو ما جاء بالرواية الرسمية "تجاوزات" واشتباك بين اعضاء الوطني والمعارضين والفريقان اعتدا على بعضهما وحدث ما حدث
فوزير الداخلية هو المسئول عن الأمن وبالتالي مسئولا عن منع حدوث ما حدث (مثلما استقال وزير المواصلات عند حدوث حادث القطار بغض النظر عن أسباب الحادث
ا-لم يعجبني استخدامك لتعبير الأغلبية عند الحديث عن الحكومة على الأقل ليست كلمة معرفة على اطلاقها
ا- كنت أعتقد دائماً أن تحريك الاقباط هو من الأمور شديدة الصعوبة وأن سلبيتهم تحتاج إلى الكثير حتى يمكن تغييرها، ولكنني مؤخرا بدات تغيير وجهة نظري، فبالرغم من السلبية الظاهرة إلا أنهم تحركوا مع كفاية وأعتقد ان تواجدهم هناك يفوق مجرد وجود جوج اسحق وقد كتب مرة ان نسبة الاقباط في حزب الغد قد تخطت ال30% وان كنت لست متاكدا ان كان ذلك حقيقة ام دعاية هدفها ابعاد الناس عن الحزب :)ا
ا- ان ظهور التنظيمات الكثيرة الاخدة في النمو اعتبره دليل صحي الا اذا بدأوا في التنافس فنزول كفاية مع الامهات مع الغد اعتبره امر ايجابي وان كان ايمن نور قد قال نحن هنا لنشارك مع كفاية حيث يبدو انه لم يعرف ان حركة الامهات هي التي دعت لهدا اليوم :)ا
ا- كنت اتمنى ان تكون بعض الاسباب التي ذكرتها هي الدافع الحقيقي نحو الحجم الكبير لمظاهرة الشموع، ولكن للأسف يجب أن نعترف أن موضوع الانتهاكات الجنسية للنساء في المظاهرة كان لها دورا كبيرا في زيادة الغضب الشعبي (كما >كر احد المدونين - واعتذر انني لا ادكر من كان القائل - ان ذلك شبيه بما حدث في فيلم البداية حيث ان المجموعة كانت تتعرض لكافة انواع الانتهاكات ولكن عند حدوث الانتهاك الجنسي للفتاة كانت الثورة) وان كنت لا اعتبر دلك سببا افضل من عشرات الاسباب الاخرى الا انني لا الوم المعارضة او اي تصنيف معارض لاستغلال هذا الموقف لزيادة الغضب الشعبي تجاه الحكم وكان هالشعب يحتاج للمزيد من الاسباب ولكن الاكيد انه يحتاج لاسباب للتحرك
اعتدر عن "العجالة" واعد ان اخذ المزيد من الوقت لاكتب اقل في المرة لاقادمة
أفكار على أفكارك يا رامي:
- تشعبُط كفاية بعربة الأمهات المصريات هو مكسب للجميع و ليس مأخذا. أي تحركات جماعوية :) مكسب. يكفينا ما بدر من رفعت السعيد من قطع علاقات حزبه مع كفاية. و كذلك سعيهم للمشاركة في حركة الشموع. إن كان المستقلون فيهم لواء الحرب، فالحزب و الحركة فيهم العدد (حتة تراثية من عندي:)
- إقالة وزير الداخلية مطلب عادل. المناصب العامة غير القضايا الشخصية، و في رأيي أن شبهة عدم الكفاءة و التقصير ممن يشغلونها تكفيهم هم لتقديم استقالاتهم من أنفسهم، فما بالك بمقاومة رغبات الجمهور الذين عُين المسؤولون أساسا لخدمتهم! ثم إن الإقالة ليست حكما جنائيا. هذا يأتي دوره فيما بعد. مثل الزبون، فالشعب دائما على حق. و لا يمكن اتهامه بالتعسف مع المسؤولين.
- سياسة رد الفعل هي وضع طبيعي في ظل وضع غابت فيه القوى السياسية الفعالة طويلا، و حكومة فككت أوصال المجتمع و تحاصره. طبعا أنا معك أننا انفعاليون في حياتنا العامة و هذا ينعكس على تحركاتنا السياسية، لكن دائما ما كانت الماهير هكذا، و في جالتنا هذه هو مطلوب بشرط\على أمل وجود سياسيين واعيين يحركون هذه الجماهير لتصبح قواهم بناءة.
- سمعت اعتراضات على فكرة الشموع قبل تنفيذها، بدعوى أنها غربية، ربما أصبحت كذلك الآن، لكن هذا لا يعني أنها كانت هكذا دائما. الشموع عنصر أساسي في الموالد و الأفراح، و جدتي حكت أن أهلها ملأوا بيتها شمعا ليلة عرسها سنة 1940. ألا تزال الشموع تستخدم في الصلوات في الكنائس الشرقية؟ في رمضان القادم سنقيم مظاهرة بالفوانيس (التي تضاء بالشموع) و لا يهمك. و هذا نبهني إلى أن الفانوس قد اقتصر على كونه طقسا رمضانيا بعد أن كان وسيلة الإضاءة اليومية في المحروسة. هكذا الشموع.
و كذلك توقعت أن تصدر اعتراضات على استخدام علم الملك (الذي هو أجمل من الحالي في رأيي، و لكن هذا موضوع آخر)، و أن.
- أتفق معك في أن العديد من المواطنين يتعاطفون أكثر عندما يتعلق الهتاف بالشرطة و عضو مجلس الشعب عن الحي. بالنسبة لهم رئيس الجمهورية رمز قومي كل دوره أن يتحدث عن دور مصر و مكانتها و يخطب في المناسبات، و يمنح منحة عيد العمال، و لا يربطون بينه و بين حياتهم اليومية بشكل مباشر.
- لم يطلب أحد من الإخوان ألا يتظاهروا. المشكلة أن تاريخهم المشوب بالعنف الذي كانوا هم البادئين به لا يجعلني أتعاطف معهم كثيرا، مع اعترافي بأن الأحوال يمكن أن تكون قد تغيرت، و لكن مازال رفضي لفكرهم عائقا، و مع هذا فليتظاهروا..أهلا وسهلا. و كما قلتَ فإننا نشهد الآن أشخاصا علمانيين مثلا يتظاهرون من أجل أطراف في الناحية الأخرى من السياج السياسي.
- لم يظهر الشباب الكوول الذين تصور أخي ساخرا أن هتافهم سيكون: "Lady Z..Lady Z" حيث Z==زينب :)
- لكني أختلف معك من جديد في ربط البداوة\الصحراوية بالسلفية. حالة الوهابية ليست مقياسا.
- تحليلاتك جيدة يا رامي لكنها كانت ستكون أدق لو كنت أقرب من موقع الحدث. رغم أني الآن أفكر أن بعدك عن الحدث قد يعطيك منظورا أشمل بشرط وضوح تقاصيل الصورة..
- لماذا لا تجمع المصريين المغتربين و تتظاهرون أمام القنصلية المصرية؟ صحيح أن اتهامات مسيحيو المهجر ستكون جاهزة عند النظام، لكنها قائمة دائما على أي حال، و يمكن أن تتواقت مع المظاهرة القادمة أو التي تليها في القاهرة، كرمز للتضامن.
ماشي كُنِسَت السيدة طب ايه اللي حصل؟؟ المحصلة "صفر كبير" زي البلد حصلت عليه عشان تنظيم كاس العالم 2010!!! الانجليز فضلوا محتلين مصر 74 سنة رغم أن المصريين وقتها كانوا يكنسون السيدة وكل ابواب الأولياء الصالحين حتى يخرجوا منها.. يا عزيز يا عزيز كبة تاخد الانكليز!!
الفكرة يا رامي لا تكون "حلوة" لأن صحابنا قالوا عليها.. الشللية لا تكون في هذا ايضا. آن لنا أن نتعلم من الغرب فكرة "النقد الموضوعي" يعني النقد البعيد عن فكرة الصداقة والصحوبية، الخ.
الشعب المصري لا يريد "الحياة" لأنها لو أرادها فعلا فلابد أن يستجيب "القدر" - كما قال أبو القاسم الشابي.
"معزة ولو طارت" - مثل شعبي - اي والله!
Post a Comment
<< Home