شيء من الخوف.. شيء من التعاطُف
(١)
عندما يقترب أهل البلد من دوّار عتريسفي نهاية فيلم "شيء من الخوف"
يشعُر الكثيرون بالفرح
بالتشفي
بالراحة
النيران تحيطُه من كُلّ جانب
عتريس
الرجُل الكبير الذي لم يهتز
الذي يرتجِف من يسمع صوته ويرى حدّة نظرته
بما فيهم مشاهد الفيلم نصف المندمِج
عتريس
وحدُه في بيتٍ يحترق
(٢)
عندما يقترب أهل البلد من دوّار عتريسعتريس المتروك وحيداً في بيتٍ يحترق
يشعُر الكثيرون بالفرح والتشفي
أمّا أنا
فواحدٌ ممّن تسيل دموعهم
الدموع نفسها التي سالت على فؤادة وعلى غيرِها ممّن ظُلِموا طوال عرض القصّة
لا تلوموني
لا تسألوني لماذا
عتريس-في هذا المشهد-إنسان
أراقبه في الزمان الحاضر
أجرِّده من ماضيه الأسود
فأحبّه
إنسان (أو لنقل بَشَريّ) خائف
وحيد
مُحاصر
مخنوق
(٣)
عندما يقتربُ أهل البلد من دوّار عتريسالمتروك وحيداً في بيتٍ يحترق
لا أستطيع منع نفسي من بعض التعاطُف
لا أستطيع مسك دموعي من غزو أجفاني
رجُلٌ قويٌّ خائفٌ يحترق
يختنق
لو فرحتُ فيه لصرتُ مثله
وصرتُ مثلهُم
أطبيعيٌّ أن أتشفّى؟
إذن فقد انتصر عتريس
لا أرى عتريس إلاّ في حاضره
ضعيفاً يستغيث
بل-إن شئتم الحقيقة-أرى بعضَ ماضيه
أراهُ ضحيّةَ جدّه الذي ربّاه على "الشجاعة"
أرى جدّه يخرِّب شخصيّته ويعلِّمه "رجولة" ذبح الحمامة
أرى طفولته تُغتال على يد رجُلٍ اغتيلت إنسانيّته على يد آخر وآخر وآخر
أرى المطبِّلين والهتّيفة والمنافقين وعديمي الرجولة الذين سمحوا له بالتمادي في ظلمه
أرى "أصدقاء الزيف" الذين لم يصدقوه قولاً وزادوه غروراً على غرور
وأطلب له الغفران
(٤)
عندما يقترب أهل البلد من دوّار عتريسفي نهاية فيلم "شيء من الخوف"
أشعُرُ بشيءٍ من التعاطُف
وأغفر لعتريس ما فعل.. ليموتَ مُحَلَّلاً ممّا فعله بي
لكن..
أيغفر عتريس لنفسه؟
أيرى نفسه في الزمان الحاضر؟
إنّه وحيدٌ متروك
يتساءل لماذا تُرِك وحيداً ممّن أغدق عليهم؟
لماذا تركوه؟
ينظُر إلى أبناء البلد الغاضبين
أشكالُهم تختلف من خلف النيران
كان يظنّهم يحبّونه ويخافونه ويقدرّون عمله من أجل "مصلحتهم"
هل يفهَم عتريس خطأه قبل أن يموت؟
أم يبقى في عماه حتّى حين تسبح روحه في الفضاء/العماء
هل يفهم لماذا تُرِك وحيداً
(٥)
اختار عتريس اختيارَ كلِّ جبّار أحمقاختار درعاً من السفلة ليحموه مِن أبناء بلده
لم يكُن-في غروره-يعلم
أنّه لا درع إلاّ أبناء البلد
وأنّهم يريدونه أن ينجح ويصلُح ليحقّق لهُم الرفعة والعدل والكرامة
أُعطيتَ يا عتريس فُرصةً بعدَ فرصة
وأسأتَ الاختيار
وما الحياةُ سوى فرصة واختيار
ارحل يا عتريس مغفوراً لكَ
لكنّ حقوق المظلومين لا بدّ أن تعود
وستعود
هذه هي الحياة
وهذه سُنَّتُها
فالحقُّ يا عتريس أقدمُ منك
والحقُّ يا عتريس سيعيشُ بعدك
p.s.
يا عيني عالولد"When I despair, I remember that all through history the way of truth and love has always won. There have been tyrants and murderers and for a time they seem invincible but in the end, they always fall - think of it, always."
6تعليقات:
100 100 جامدة جدا جدا جدا يادكتور انت بتجيب الكلام الجامد ده منين ؟
على فكرة انت شجعتنى ابتدى مدونتى الخاصة
http://treasureofmadness.blogspot.com
( بس انا باحب اسميها مكلمة للتمويه )
اخوك الصغنننننن
أتفق معك فى نفس ما تشعر به نحو عتريس ساعة أن تركوه وحده يحترق
تتلاشى كل لحظات الغل والغيظ طوال مدة الفيلم.. وتبقى لحظة إنسان ترك وحيدا ليموت ببشاعة
إنسان ظُلم أول الأمر، وظَلم على امتداد سلطانه، وساعة الثأر كان وحيداً،
كانت فؤادة بطلة، أيقظت القرية
ولكن الخيانة هى التى قضت على عتريس
انا بقي كان دايماً اللى مثير للدهشة عندى هو حالة الانفعالات إلا كان فيها البشر و هم رايحين يحرقوا البيت
الأعين كانت مفتوحة و الاوردة نافرة و الاجساد متحفزة ... كمن يوشك على ارتكاب جريمة اغتصاب
الحالة دى في جزء منها بصراحة انا ارى ان معناها أن هؤلاء القوم - الذين كانوا عبيداً - لا يرغبون سوى في الانتقام و ان قيامه بحرق عتريس ليس مبعثة الخوف على البلد أو محاولة صنع مستقبل مشرق
لأن ببساطه المغتصبين الغاضبين الانفعالينن الذى تتحكم فيهم عواطف الحنق و الغضب هم اشخاص غير قادرين على احترام الأخر أى أخر ، اشخاص لا تحركهم سوى غرائزهم
مرحباً يا أحمد وشكراً يا بنت مصريّة...
كتب إبليس:"لأن ببساطه المغتصبين الغاضبين الانفعالينن الذى تتحكم فيهم عواطف الحنق و الغضب هم اشخاص غير قادرين على احترام الأخر أى أخر ، اشخاص لا تحركهم سوى غرائز"
آمين
الكلام انسانى جدا" ينفذ للقلب بيسر و مضمون الفكرة ايجابى بوعى ..ليشعل رجاء فى القلوب
Merci..
Post a Comment
<< Home