قطة الجورو: أو كيف تتعلّم الأوليّات الراقية-كما تعلّمت القرود-اتّباع أسلافهم

الإهداء: إلى رفيق الكفاح التدوينيّ، أَلِف، تآلفاً زمكانيّاً مع السُباطة المحرّمة
إلى أفريقانو الّذي ذكّرني بالقصّة زمان

حين كان المعلّم (الجورو*) يجلس لإقامة الصلاة كلّ مساء،
كانت قطّة الدير تشتِّت المصلّين. ولذلك أمر بربط القطّة أثناء صلاة المساء.

بعد أن مات المعلّم، استمرّ تلاميذه في ربط القطّة
للحفاظ على الهدوء أثناء صلاة المساء.

ماتت القطّة!
لهذا جُلِبت قطّة أخرى للدير
لكي تُربط أثناء صلاة المساء

بعد قرون وقرون، كتب تلاميذ هذا المعلّم ومريدوه
البحث تلو الآخر حول المعنى الدينيّ والطقسيّ
لربط قطّة أثناء إقامة صلاة المساء

أنتوني دي ميللو**- نقلاً عن قصّة شائعة-
(نقلتُها إلى العربيّة بتصرّف بسيط)ـ

تكملة من خيالي (اللي مش هيجيبها لبرّ)

وفي حوار أجراه أحد الصحفيين في أوساط الشباب العائد إلى الدين بعد سنوات الردّة الاشتراكيّة:

- أنا باحبّ ربط القطّة (أو القط- أنا مش عنصري على فكرة). أثناء الصلاة أنظر إلى القطّة وأسمع مواءَها الهادئ. هذا الجوّ يجعلني أقشعرّ وأمتلئ مهابة. التجديد مفيد، لكن لازم يكون له مبرّر. القطط موجودة بكثرة. حين أعجز عن الذهاب للمعبد، أربط قطّة بجانب فراشي، وأمتلئ خشوعاً وأصلّي.

- أنا شخصيّاً مش فاهمة سرّ الهجوم البشع على معلّمنا الجديد (رابط القطّة وخادم المعبد قطقوط الثالث عشر). هل تريدونه أن يكُفّ عن ربط القطّة عشان يرضي الناس الليبراليين المجانين بتوع حقوق الحيوان؟ نحنُ نكرّم القطّة بربطها، ونجعلها-كحيوان-تشارك في العبادة للإله الأكبر. أظنّ قطط الشوارع غيرانة من قطّة المعبد، فالحيوان والطير والإنسان في خدمة الإله الأكبر.

- يا ريت الناس قبل ما تهاجِم تقرأ الأصول وتفهم ديننا الجميل. المعلّم الأكبر كان له حكمة في كلّ ما فعل. ومادام ربط قطّة يبقى هو فاهم ليه عمل كده، وأكيد الإله الأعظم قال له كده. ياريت نهدأ ونبطّل الكبر اللي هيودينا في داهية. إنتوا عارفين لو واحد متهوّر لغى ربط القطّة، أو ربط قطّاً ذكراً مثلاً؟ ناس كتير هتهجر ديانتنا، وسيسبّب هذا انقساماً كبيراً.

- لو لم يكُن المعلِّم ربط القطّة، لربطناها نحنُ! زهّقتونا بقى بجدالكُم وأسئلتكم الغريبة.
إزّاي يا مؤمن ربّنا هيسمع صلاتك ويستجيب لو لم تستوفِ الشروط؟ القطّة نفسها لا تشفع لنا، لكنّها علامة على طاعتنا لله واقتدائنا بالمعلِّم الأكبر.
ـ
نَوْنَوة

عن قصّة أخرى لأنتوني من الكتاب نفسه:
دخل اثنان إلى مقابلة للحصول على وظيفة:
الأوّل:
- اسمك إيه؟
- حسام يا افندم
الثاني:
- اسمك إيه
- اللي تشوفه يا افندم
وحظي الثاني بالوظيفة

تعليق دى ميللو
"أيّهما أهم. الأرثوذكسيّة*** أم الحقيقة؟"ـ

* الجورو: المعلِّم في بعض الديانات الشرقيّة (وهو بمثابة الأب الروحيّ أو شيخ الطريقة في الديانات الشرق أوسطيّة).ـ
**
Anthony de Mello- The Guru's cat- from "The song of the bird"
ـ
*** لا يقصد أنتوني دى ميللو-الراهب اليسوعيّ ذي الجنسيّة الهنديّة-العقيدة المسمّاة "أرثوذكسيّة" بل يعني بهذه اللفظة الـ"أصوليّة" والإصرار على اتّباع "تعاليم الآباء الأوّلين".
--
ملحوظة:
سأنشر النصّ الأصليّ الإنجليزيّ للقصّة فور عودتي من السفر