ما فيش حاجة اسمها أديان!؟
لا... هذه ليست تدوينة لادينيّة ولا جدليّة ولا بطاطسيّة...
بل هي فكرة تلح عليّ منذ فترة، منذ كثرة الحديث عن "ازدراء الأديان"، ثم "الأديان السماويّة"، وهكذا...
تساءلت ببساطة من باب التساؤل عمّا يبدو طبيعيّاً،
أديان؟؟
(ظهر هذا جزئيّاً في نقاش قريب في مدوّنة غاندي)
الإيمان مصدر من الفعل "آمن"، والإيمان كلمة لا جَمع لها...
الإسلام مصدر من الفعل "أسلم"، والإسلام كلمة لا جمع لها...
المسيحيّة مشتقّة من "المسيح"، وهي أيضاً كلمة لا جمع لها...
فماذا عن "الدين"؟
استشرتُ المُعجم الوحيد المُتاح بين يديّ هنا، مختار الصحاح، فقال:
السؤال هو؟ متى بدأ المتحدِّثون بالعربيّة يستخدمون كلمة "أديان" في الجمع؟
لا مصدرَ للتعرُّف بالعربيّة أفضل من القرآن الكريم،
وفي القرآن الكريم ذُكِرت لفظة "دين" قرابة الثمانين مرّةً، سواء لوصف "يوم الدين" أو للتحدّث عن الدين: دين الله، دين الحق، الدين كلّه، وهكذا...
لم ترد لفظة "أديان" (الجمع) ولا مرّةً واحدة في القرآن الكريم.
وحتّى حين يتحدّث القرآن عن مقارنة "الدين الحق" بغيره، يتحدّث عن غيره في صيغة المفرد، فعلى سبيل المثال:
ماذا عن الكتب المقدّسة اليهوديّة؟ لم ترد لفظة أديان في صيغة الجمع ولا مرّةً في كتب اليهود المقدّسة: التوراة والكتوبيم وأسفار الأنبياء؛ أمّا كلمة الدين فهي ترد دائماً بمعنى "يوم الدين".
وفي الكتاب المقدّس المسيحيّ؟ "العهد القديم" يجمع الكتب المقدّسة اليهوديّة وهذه سبق ذكرها، وفي الترجمة العربيّة للـ"عهد الجديد"، لا ترد كلمة "أديان" في الأناجيل ولا مرّة، وكلمة "دين" ترد فقط للتعبير عن يوم القيامة أو الدينونة ("يوم الدين")، بينما في الرسائل والأسفار الأخرى، وردت لفظة "ديانة" أربع مرّات.
بالمثل لم ترد لفظة "Religion" في الترجمة الإنجليزيّة للكتاب المقدّس كلّه سوى خمس مرّات، وجميعها في المفرد.
٢- أضافت BeastBoy مقتطفاً من مادة (دين) في محيط المحيط للمعلم بطرس البستانيّ:
بل هي فكرة تلح عليّ منذ فترة، منذ كثرة الحديث عن "ازدراء الأديان"، ثم "الأديان السماويّة"، وهكذا...
تساءلت ببساطة من باب التساؤل عمّا يبدو طبيعيّاً،
أديان؟؟
يعني إيه "أديان"؟
وفوجئت بما وجدت....(ظهر هذا جزئيّاً في نقاش قريب في مدوّنة غاندي)
*****
الإيمان مصدر من الفعل "آمن"، والإيمان كلمة لا جَمع لها...
الإسلام مصدر من الفعل "أسلم"، والإسلام كلمة لا جمع لها...
المسيحيّة مشتقّة من "المسيح"، وهي أيضاً كلمة لا جمع لها...
فماذا عن "الدين"؟
استشرتُ المُعجم الوحيد المُتاح بين يديّ هنا، مختار الصحاح، فقال:
"و (الدّين) أيضاً الطاعة. تقول (دانَ) له يدينُ (ديناً) أي أطاعه ومنه (الدين) والجمعُ (الأديان) ويُقال (دانَ) بكذا (ديانةً) فهو (دَيِّنٌ) و(تَدَيَّن) به فهو (مُتَدَيِّنٌ) و(دَيّنه تدييناً) وكّله إلى دينه"كلام جميل.
السؤال هو؟ متى بدأ المتحدِّثون بالعربيّة يستخدمون كلمة "أديان" في الجمع؟
لا مصدرَ للتعرُّف بالعربيّة أفضل من القرآن الكريم،
وفي القرآن الكريم ذُكِرت لفظة "دين" قرابة الثمانين مرّةً، سواء لوصف "يوم الدين" أو للتحدّث عن الدين: دين الله، دين الحق، الدين كلّه، وهكذا...
لم ترد لفظة "أديان" (الجمع) ولا مرّةً واحدة في القرآن الكريم.
وحتّى حين يتحدّث القرآن عن مقارنة "الدين الحق" بغيره، يتحدّث عن غيره في صيغة المفرد، فعلى سبيل المثال:
"و الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدًا" (الفتح: ٢٨)
ماذا عن الكتب المقدّسة اليهوديّة؟ لم ترد لفظة أديان في صيغة الجمع ولا مرّةً في كتب اليهود المقدّسة: التوراة والكتوبيم وأسفار الأنبياء؛ أمّا كلمة الدين فهي ترد دائماً بمعنى "يوم الدين".
وفي الكتاب المقدّس المسيحيّ؟ "العهد القديم" يجمع الكتب المقدّسة اليهوديّة وهذه سبق ذكرها، وفي الترجمة العربيّة للـ"عهد الجديد"، لا ترد كلمة "أديان" في الأناجيل ولا مرّة، وكلمة "دين" ترد فقط للتعبير عن يوم القيامة أو الدينونة ("يوم الدين")، بينما في الرسائل والأسفار الأخرى، وردت لفظة "ديانة" أربع مرّات.
بالمثل لم ترد لفظة "Religion" في الترجمة الإنجليزيّة للكتاب المقدّس كلّه سوى خمس مرّات، وجميعها في المفرد.
متى ظهرت كلمة "الأديان" في اللغة العربيّة إذن؟
ومتى ظهر مصطلح "الأديان السماويّة"؟
أنتظر اقتراحات أولي المعرفة والمتخصصين في اللغة.
ومتى ظهر مصطلح "الأديان السماويّة"؟
أنتظر اقتراحات أولي المعرفة والمتخصصين في اللغة.
*****
١- جووجل (في ٢٦ نوڤمبر ٢٠٠٥): أديان: ٤١،٢٠٠ نتيجة / دين: ٢،٩٦٠،٠٠٠ نتيجةهوامش:
٢- أضافت BeastBoy مقتطفاً من مادة (دين) في محيط المحيط للمعلم بطرس البستانيّ:
"والدين عند العلماء وضع الهي سائق ذوي العقول باختيارهم اياه إلى الصلاح في الحال والفلاح في المآل. وهذا يشمل العقيدة والأعمال. وقال السيد الشريف الدين والملة يتحدان في الذات ويختلفان في الاعتبار فأن الشريعة من حيث أنها تُطاع تُسمى دينًا ومن حيث أنها تجمع تسمى ملة، ومن حيث أنه يُرجع إليها تُسمى مذهبًا."
20تعليقات:
في محيط المحيط للمعلم بطرس البستاني يقول عن دين الكثير ومن قوله: والدين عند العلماء وضع الهي سائق ذوي العقول باختيارهم اياه إلى الصلاح في الحال والفلاح في المآل. وهذا يشمل العقيدة والأعمال. وقال السيد الشريف الدين والملة يتحدان في الذات ويختلفان في الاعتبار فأن الشريعة من حيث أنها تُطاع تُسمى دينًا ومن حيث أنها تجمع تسمى ملة، ومن حيث أنه يُرجع إليها تُسمى مذهبًا.
يا رامي لا يهم- فيما أري- توقيت ظهور صيغة الجمع بقدر ما يهم ماتدل عليه ملاحظتك اللغوية الذكية من جملة استنتاجات جديرة بالاعتبار. أولها أن الدين-أي دين- يقوم علي تصور "مطلق" عن الوجود والموجودات، وهو في ذلك يختلف عن العلم الذي ينشغل بما هو "نسبي". وحيث أن "المطلق" واحد لا يقبل المخالفة أو المغايرة ولا يقبل القسمة علي اثنين، فالد
فالدين واحد، وأصحاب أي دين من هذا المنطلق يظنون أنهم وحدهم مُلال الحقيقة المطلقة الواحدة والوحيدة. وهذا الظن يؤدي بالضرورة إلي ممارسة العنف الذي يراه ممارسوه واجباً شرعياً لفرض المطلق الذي يتصورون أنهم يملكونه وحدهم. ثانياً: يترتب علي ذلك تهافت وهراء فكرة "حوار الأديان" (تلك الكلمة التي لم تجد لها جمعاً في اللغة)، ذلك أنه لا حوار بين "مطلقين" (هذا إذا صحت اللفظة أساساً)، وإنما الحوار هو بين أصحاب الديانات، في محاولة لأنسنة الأديان، وتحويلها من أنظمة فكرية اطلاقية تنطوي علي طاقة تدمير وتخريب باسم الدفاع عن المطلق، إلي ممارسة انسانية مجتمعية في الأساس. ثالثاً (وهنا أربط كلامي بما ذكره "الولد الوحش" عن معاني "ملة" و"مذهب") إن مجمل تاريخ منطقتنا المنكوبة يمكن تلخيصه في سطوة هذه الكلمات الثلاث، وفي تحمكها في سلوكياتنا وأفكارنا وعلاقتنا ببعضنا البعض، سواءً وعينا ذلك أو لم نعيه، فأن تدين للمطلق وتطيعه (معني الدين)أصبح ليس فقط شرطاً ضرورياً للتدين، وإنما أضحي شرطاً للقبول في الجماعة، ومن ثم كل من خالف الجماعة في تصوره عن المطلق تم اغتياله، معنوياً أو حرفياً، ومن ثم أصبح الدين في منطقتنا هو الجامع الوحيد للأفراد، وهو المرجع الأوحد (معني المذهب) في كل ما نأتيه من سلوك أو تفكير، فنحن لا نأكل ولا نشرب ولا نلبس إلا بفتوي (يستوي في ذلك إفتاء المفتي أو "حل" الكاهن) ولا نفكر أو نكتب أو نذيع فكرة إلا دون الرجوع إلي حراس الدين، وسدنة الملة، ومحتكري المذاهب. الحديث طويل، ولكني أرغب في أن أسمع للجميع، فما أثرته هام، هام.
أنا فعلاً لم أكُن أقصد سوى موضوع الجمع (أديان)، ولم أتطرّق إلى المفرد ("الدين") بعد، لأنّ هذه الكلمة لها حكايات.
لكن بما أنّكم سبقتم إلى مناقشة مفهوم الدين وتعريفه، وبدأتم مناقشة ممتعة (لن أتدخّل فيها بعد)، أحب أن يبدأ كلّ مداخلاته التالية بذكر تعريفه لكلمة "الدين"، ثم بإجابة السؤال البسيط الحويط: الدين من الله أمن من الإنسان أم من كليهما؟
ملاحظة ذكية فعلا يا رامي..لا تصدر إلا عنك.
كما قال سامح، الدين المطلق المعرفة لا يمكن أن يجمع، لانه مثل الإله واحد لكن ليس على سبيل العدد.
طبعا أنا هنا محامي الشيطان (مفارقة لفظية ليس أكثر).
الصفصافة قصدها نبيل و جميل، لكن الموضوع أعمق من هذا، في رأيي.
طيب و متى ظهرت كلمة "الديانة"، و هل هي المصطلح المادي الموضوعي للحديث عن ما هو أساسا غير موضوعي، أي لأجل الخروج من الصندوق عند محاولة وصفه و دراسته؟
Below are the words of Baha'u'llah, the founder of the Baha'i Faith:
"Take heed that ye do not vacillate in your determination to embrace the truth of this Cause—a Cause through which the potentialities of the might of God have been revealed, and His sovereignty established. With faces beaming with joy, hasten ye unto Him. This is the changeless Faith of God, eternal in the past, eternal in the future. Let him that seeketh, attain it; and as to him that hath refused to seek it—verily, God is Self-Sufficient, above any need of His creatures."
As Baha'is we've always believed that religion is one but revealed progressively to humanity over time. So in essence, truth and source all religions are one. Definitely laws differ according to the time of revelation and condition of people, but they change progressively in relation to each other as humanity progresses towards maturity.
Based on this belief and others related to equality of mankind, Baha'is abandon prejudice whether based on race, ethnicity, nationality, religion, or class.
I find some of the conclusions that you reached here similar to these teachings and I thought of sharing them with you.
أعتقد إن فكرة السؤال عن متى بدأنا نستخدم جمع كلمة أيا كانت يبقى سؤال مالوش إجابة محددة لأن حتى مؤرخي وفقهاء اللغة مدققوش قوي في موضوع استخدام الألفاظ الشائعة لكل كلمة لوحدها .. على الأقل بالنسبة للي أنا قريته أو على حد علمي ..
بالنسبة للجمع أديان فهو جمع طبيعي جدا لانه من الإسم الثلاثي فيجمع على أفعال وممكن أسترشد بكتاب للدكتور محمد سعيد الأفغاني لو حبيت بس معتقدش إن له مكان هنا ..
إنما لو السؤال هو متى قررنا أن هناك دين ودين ودين مخالف للإثنين الأوليين وليه منخليش كله واحد وخصوصا الأديان السماوية فأنا هحاول أبسطها وأقسم إجابتي لقسمين
1- هل الدين جمع أم مفرد: يعني هل يمكن أن يكون هناك أكثر من دين دون أن يخل بالمعنى اللغوي أو الإصطلاحي وأنا بقول أيوه ممكن بدليل الأيه القرأنية لكم دينكم ولي ديني وهنا بيدل على اختلاف الأديان وإن كان استخدم ليها صيغة المفرد لكل واحده بس بتفهم من الأيه إنه هناك أكثر من دين واحد ..
2- هل الأديان السماوية واحدة أم متعددة: هنا أعتقد موضع الإختلاف .. فالدين عند الله الإسلام .. بس هل الأديان التي يقال أنها الأن سماوية هي الأديان التي عند الله ؟؟؟
يعني هل المسيحية التي نعرفها الأن هي المسيحية التي يعرفها الإسلام وهل اليهودية التي نراها هي اليهودية التي وجدت أيام موسى عليه السلام ؟؟ هنا مربط الفرس
ـ" هنا مربط الفرس"
يعجبني فيك حسمك للأمور، لكنّني لا أعتقد أنّ ما قلته هو مربط الفرس بصراحة.
مربط الفرس هو "ما معنى المصطلح وما معنى ترجمته إلى لغات أخرى، وكيف يتحدث الناس عن أنفسهم"؟
هل مثلاً اليهوديّة قيل عنها أبداً إنّها دين قبل وجود المسيحيّة؟ وهل المسيحيّون الأوائل سموا "المسيحيّة" ديناً؟ وهل كلمة دين في اللغة العربيّة تعني الشيئ نفسه كالكلمة اليونانيّة والكلمة الإنجليزيّة وهكذا؟
* تقول إنّ "أديان" جمع طبيعيّ لكلمة "دين". أنا لم أقل إنّه جمع غير طبيعيّ، لكن لماذا لم يُذكر أبداً في القرآن مثلاً؟ هل تظن أنّها مجرد مصادفة أم أنّ الكلمة لم يكن لها وجود؟
* تقول إنّ "لكم دينُكم ولي دينِ" (الكافرون ٦) هو دليل على أنّه من الممكن وجود أكثر من دين، وأنا لم أقل غير ذلك؛ أتكلّم على الجمع اللفظيّ، ومن ذلك أيضاً "و الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدًا" (الفتح: ٢٨)
لماذا جاءت "الدين كلّه" ولم تجمع؟ إذن دين الحق جزء من "الدين كلّه" وليس من "الأديان كلها"؟
سؤالي لغويٌّ صرف وليس في فلسفة تعدد الأديان (على الأقل حالياً).
أيضاً إن كنت أقول لك: "لك إيمانك ولي إيماني" أو "لك فكرُك ولي فكري"، فهل يُجمع "الإيمان"؟ هل يُجمع "الفِكْر"؟ ما جمعهما وأين وردا في صيغة الجمع؟
وبالمناسبة، لم تكُن هناك يهوديّة أيام موسى، فلم يكُن لهذه الكلمة وجود حتّى قامت مملكة يهوذا بعد موت النبيّ موسى بسنين كثيرة...
ـ
طيب لنفترض جدﻻ إنها لم تكن موجوده لغويا قبل كده .. إيه المشكله ؟؟
متنساش إن اللغة بتتطور بتطور الخطاب
واستحداث مفردات جديدة مش مشكلة في اللغة العربية طالما إنها مخرجتش على القاعدة النحوية وفي نفس الوقت عدم وجودها لغويا مينفيش عدم وجودها في الواقع ..
وبالنسبة لسؤالك عن الدين كله فأنت هنا خلطت بين الدين المفرد والدينه المفرده ..
المعجم الوجيز ص 241 مكتوب فيه
"الدَّين : اسم لجميع ما يتدين به و الدين: المله (ج) أديان.
الدَّينة: العبادة والطاعة (ج) دين "
وفي الأيه الكريمة ليظهره على الدين كله واضح إنها أقوى لأنه يظهر دين الحق على العبادات كلها ..
ـ"طيب لنفترض جدﻻ إنها لم تكن موجوده لغويا قبل كده .. إيه المشكله ؟؟ "
ما فيش مشكلة، أنا باسأل متى ظهرت كلمة "أديان" في تاريخ اللغة العربيّة، وأنت أوضحت أنّك لا تعرف بالتحديد.
لتتطوّر اللغة براحتها، لكنّ تطوّر اللغة يؤدي إلى اختلاط المفاهيم، فتتحدث أنت عن شيء ويسمعه مخاطبك فيظنّ أنّك تتحدث عن شيء آخر، لذلك من المهم التساؤل من حين لآخر عن معنى المصطلحات والمفردات. وأنا أظنّ أنّ هناك خلط كبير بين كلمتي دين وديانة
كما أنا أعتقد أنّ دين لا تعني
religion
وهما لا تنبعان من المصدر نفسه ولا تشيران إلى الأمر نفسه.
- بالنسبة للمعجم الوجيز، متى كُتِب هذا المعجم؟
هي المشكلة نفسها. المعاجم أتت بعد استقرار اللغة وتغيّر بعض مفرداتها، وقليل في المعاجم العربيّة استقصاء تاريخ الكلمة وأصولها الإتيمولوچيّة.
ـ
ـ"وبالنسبة لسؤالك عن الدين كله فأنت هنا خلطت بين الدين المفرد والدينه المفرده .. "
شكراً على المعلومة. أنا بالفعل كنت أجهل تماماً وجود كلمة "الدينة"، لكنّني أستغرب أيضاً لماذا جُمِعت على الدين، (هل هي كالتينة والتين مثلاً)، وأستغرب أيضاً لماذا كان توكيد الجمع يستخدم الضمير الغائب المفرد
(الدين كلّه وليس كلّهم)، هل يعني هذا أنّه اسم نوع مثلاً؟
ولو كان "الدين" مصدراً من دان، فهل يجوز جمع المصادر؟
"ولو كان الدين مصدرا من دان"؟؟؟
بصراحة استغربت المفروض إن دان هو المصدر من دين مش العكس ..
في المعجم الوسيط
"دِينٌ - ج: أَدْيانٌ. [د ي ن]. (مص. دانَ). 1."يَلْتَزِمُ بِقَواعِدِ الدِّينِ" : بِأَحْكامِ العِبادَةِ، العَقيدَةِ، المِلَّةِ، الشَّريعَةِ، الدِّيانَةِ. "الدِّينُ الإِسْلامِيّ
وبالتالي يجوز جمع الإسم دين لأنه اسم مش مصدر
في كتاب "الكشاف" للزمخشري :
(علي الدين كله) علي جنس الدين كله يريد الأديان المختلفة من أديان المشركين والجاحدين من أهل الكتاب , ولقد حقق ذلك سبحانه فإنك لا تري دينا قط إلا وللإسلام دونه العز والعلبه , وقيل هو عند نزول عيسي حين لا يبقي علي وجه الأرض كافر . وقيل هو أظهاره بالحجج والآيات , وفي هذه الآية تأكيد لما وعد من الفتح وتوطين لنفوس المؤمنين علي أن الله سبحانه وتعالي سيفتح لهم من البلاد ويقيض لهم من الغلبة علي الأقاليم ما يستقلون اليه فتح مكة
اسم الجنس هو ما يدل على الجماعة ويفرق بينه وبين مفرده بالتاء كشجر وشجرة أو بالياء كعرب وعربي، وكل أسماء الأجناس يجوز فيها التذكير والتأنيث نحو: أعجاز نخل منقعر. وأعجاز نخل خاوية ونطق العرب أو نطقت العرب بكذا واسم الجمع هو ما يدل على الجماعة وليس له واحد من لفظه، ثم إذا كان للعاقل فإنه يذكر ويؤنث نحو وكذب به قومك، كذبت قوم نوح وإن كان لغير العاجل وجب تأنيثه نحو: الإبل، والغنم، والخيل، والوحش
ـ"بصراحة استغربت المفروض إن دان هو المصدر من دين مش العكس .. "
"وبالتالي يجوز جمع الإسم دين لأنه اسم مش مصدر"
يا أبا يوسف، أنا مش عارف إنت بتحوِّل الموضوع ليه لنوع من التحدي، وفي وسط التحدي تفتح على نفسك مجالات للخطأ، بدلاً من أن تصل معي لحلِّ مشترك لسؤال بسيط.
أنا لاحظت ملاحظة، وطرحتها كتساؤل، وأنت تتفادى أسئلتي الرئيسيّة وتدخل في موضوعات فرعيّة؛
وكلّما أسألك سؤلاً تأتي لي بحجّة مختلفة من معجم آخر أو مفسِّر آخر.
كلّ معجم له اقتراح وكلّ مفسر له تفسير مختلف قليلاً، ولا مانع من التعددية في التفسيرات لكن لا تفسير واحد حتى الآن يقترح متى (ولماذا) بدأ العرب يجمعون الدين على "أديان". متى حُرِّر كلّ معجم؟
كيف يكون دين مصدر من الاسم دان؟ "المصدر" الذي قصدتُه يا عزيزي هو أصل المشتقات، وهو بمثابة اسم الفعل، أي هو ما دلّ على الفعل مجرداً عن الزمان. يعني المصدر هو اسم بالطبع، وقد يتطابق المصدر مع الاسم في البنية أحياناً مثل عَبَدَ عبادةً، والعبادة واحدة العبادات (وهو المثال الذي استخدمته أنت).
وحتّى عندما سألت عن جواز منع المصادر، لم يكُن هذا تحدياً بل سؤالاً حقيقيّاً لا أعرف إجابته واستثناءاته.
لذلك فأنا أخذت بتعريف مختار الصحاح، ولم آتِ ببنات أفكاري، وهذا التعريف (كما بالتدوينة):
تقول (دانَ) له يدينُ (ديناً) أي أطاعه ومنه (الدين) والجمعُ (الأديان) ويُقال (دانَ) بكذا (ديانةً) فهو (دَيِّنٌ) و(تَدَيَّن) به فهو (مُتَدَيِّنٌ) و(دَيّنه تدييناً) وكّله إلى دينه.
نعم الفعل الثلاثيّ دان هو الأصل، لكنّ المصدر (أو لعلّه اسم المصدر) هو دين: دان يدينُ ديناً.
يختلف مختار الصحاح عن المصباح المنير عن لسان العرب عن المعجم الوجيز عن المعجم الوسيط... وقد يكونون جميعاً على صواب، وكلّ منهم وليد عصره... واللهُ أعلم
ـ يُتبَع ـ
ـ"جنس الدين"
"اسم الجنس هو ما يدل على الجماعة ويفرق بينه وبين مفرده"
أعتقد أنّ هذا أرجح تفسير. وهذا ما قصدته أنا بسؤالي "هل يعني هذا أنّه اسم نوع مثلاًً؟" ولكن خانني التعبير، ففعلاً كنت أقصد "اسم الجنس" مثل "تينة وتين".
ومع ذلك فهذا لا يبرِّر الجمع، ولا يتّفق مع تعريف المعجم الوجيز "الدين جمع الدَيْنة".
هذا لا يمنع أنّ هناك تفسيرات تختلف عن الزمخشريّ قليلاً:
يقول القرطبيّ مثلاً في تفسير (الفتح ٢٨) إنّ الدين اسم بمعنى المصدر يفيد المفرد والجمع.
لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ
أي يعليه على كل الأديان . فالدين اسم بمعنى المصدر , ويستوي لفظ الواحد والجمع فيه . وقيل : أي ليظهر رسوله على الدين كله , أي على الدين الذي هو شرعه بالحجة ثم باليد والسيف , ونسخ ما عداه .
ويقول القرطبيّ نفسه في تفسير (الصفّ ٩) إنّ الدين مصدر.
وقيل : " ليظهره " أي ليطلع محمدا صلى الله عليه وسلم على سائر الأديان ; حتى يكون عالما بها عارفا بوجوه بطلانها , وبما حرفوا وغيروا منها . " على الدين " أي الأديان ; لأن الدين مصدر يعبر به عن جمع .
ثم يقول في تفسيره (التوبة ٣٣) ما يفيد وجود تفسيرين:
وقد أظهره على شرائع الدين حتى لا يخفى عليه شيء منها , عن ابن عباس وغيره . وقيل : " ليظهره " أي ليظهر الدين دين الإسلام على كل دين.
بينما يقول ابن كثير مثلاً إنّ المقصود هو "أهل الأديان" لا الأديان.
ليظهره على الدين كله " أي على أهل جميع الأديان من سائر أهل الأرض من عرب وعجم ومسلمين ومشركين".
وفي الجلالين:
على جميع باقي الأديان
ولأنّني غير متخصص في اللغة لجأت لهذه التفسيرات المتاحة على الشبكة في موقع موثوق به، ولا أظنّ أنّني خرجت في تدوينتي على أيٍّ من هذه المعاني.
ـ
يا دكتور أنا مش بحول الموضوع لتحدي أو لأي حاجه بس أنا بحاول أحط كل جوانب الموضوع قدامك يمكن أنت تشوف نقط أنا لم أنتبه لها ...
انت سألت هل يجوز جمع المصادر ؟ الإجابة نعم بدليل انه في المعجم الوسيط اللي كاتبه فوق دين ليها جمع وهي مصدر دان ..
أنا قصدت بالمصدر الحروف الأساسية للكلمة .. أسف إن كنت استخدمت تعبير مبهم ..
"كيف يكون دين مصدر من الاسم دان؟" .. مش عارف حاسس انك بتلخبط في حاجات كثير بدون قصد ..
منع المصادر؟؟ تقصد إيه ؟؟
بالنسبة للإختلاف في التفسير فده شيء طبيعي جدا وكلنا بنغلط ..
القرطبي لم يناقض الزمخشري في معنى "الدين" وأنه يأتي للجمع والمفرد ..
إنما بالنسبة للسؤال الأساسي .. متى ظهرت كلمة أديان فهحاول أدور في تاريخ اللغة أو فقة اللغة ..
بالنسبة لجمع دينة في المعجم الوجيز فأعتقد إن النطق يختلف عن الدين باللفظ اللي بنقوله دلوقتي ..
الدينة ممكن تجمع على الدين بكسر الدال وفتح الياء وممكن يكون ليها نطق تاني بس الوجيز اللي عندي مش موضح النطق بالضبط ...
بصراحة أنا كمان استغربت من إن الدين جمع دينة بس اتفاق المعنى مخلنيش أنكر الجمع ده .. والله أعلم
ـ"يا دكتور أنا مش بحول الموضوع لتحدي أو لأي حاجه بس أنا بحاول أحط كل جوانب الموضوع قدامك يمكن أنت تشوف نقط أنا لم أنتبه لها ... "
خلاص يا سيدي. حصل خير.
على العموم التحدي في أغلب الأحيان ليس أمراً سلبيّاً، بالعكس، ليت الجميع يَتَحَدُّون ليزيدوا المناقشة غنى.
أعتقد كلّ الخلط حدث من أنّ كلاً منا كان يتكلّم على "مصدر" بمعنى مختلف، فأنت كنت تتكلّم بخصوص مصدر الكلمة أي أصلها، وأنا كنت أعني المصدر من الفعل، أي أصل المشتقات المجرد من الزمان.
القرطبي لم يناقض الزمخشريّ لكنّهما ليسا متطابقين. فالزمخشريّ قال إنّ الدين "اسم جنس" والقرطبيّ قال إنّه "مصدر". والأسماء من حيث اشتقاقها إمّا أسماء جنس (لا تحتاج لفعل) أو مشتقات (تأتي من فعل) ومنها المصدر أصل المشتقات.
المهم، خلاصة القول أنّ جميع المفسرين والمعاجم تعاملت مع "الأديان" كأنّها كلمة موجودة ومعروفة في الوقت الذي ظهرت فيه التفسيرات وحُرِّرَت المعاجم، بينما لم ترد اللفظة لا في القرآن ولا التوراة ولا الإنجيل.
هذا لا ينفي بالطبع احتمال كون اللفظة أقدم من ذلك ولكنّني أستبعد أنّ إغفالها مجرد مصادفة.
ـ
تعليقي هذا قد يعجب ابن عبد العزيز: في العبرية ، وهي أقرب اللغات للعربية، "بيت دين" هو المحكمة، أي بيت القضاء. موشيه ديان يعني موسى القاضي.
Post a Comment
<< Home