أين أمين؟ أين عبد الكريم؟ أين أنا؟ ـ ١ ـ
ملخص (للمستعجلين):
باختصار شديد، تردّدت ثلاثة أيّام قبل أن أكتب شيئاً عن المدوِّن المُختَفي عبد الكريم نبيل سليمان، حتّى تذكّرتُ ردّ فعلي السريع حين اعتُقِل أمين، عضو أسرة النور، الذي اعتُقِل أيّام الجامعة، فتعجّبتُ ممّا حدث لي من تغيير في ١٠ أعوام.
باختصار شديد، تردّدت ثلاثة أيّام قبل أن أكتب شيئاً عن المدوِّن المُختَفي عبد الكريم نبيل سليمان، حتّى تذكّرتُ ردّ فعلي السريع حين اعتُقِل أمين، عضو أسرة النور، الذي اعتُقِل أيّام الجامعة، فتعجّبتُ ممّا حدث لي من تغيير في ١٠ أعوام.
“First they came for the communists,
I did not speak out
because I was not a communist.
When they came for the social democrats,
I did not speak out
because I was not a social democrat.
When they came for the trade unionists
I did not speak out
because I was not a trade unionist.
When they came for the Jews
I did not speak out
because I was not a Jew;
And when they came for me,
there was no one left to speak out.”
Martin Niemoeller (1892-1984), a Nazi survivor.
صار عبد الكريم نبيل سليمان الشخصيّة الأشهر تدوينيّاً في أوّل أيّام عيد الفطر من هذا العام، فقد خصّص منال وعلاء كلّ مُجَمِّعَهُما تقريباً له، ولم أفتح مدوّنةً إلاّ وجدتها تتحدّث عنه سواء مطالبةً بإطلاق سراحه من أجل حريّة الرأي، أو من أجل الشفقة عليه وعلى شبابه من التعذيب وخلافه، أو من فرط كره المدوِّن له وكراهيّته أن يتحوّل إلى بطل لا سمح الله.
ولأنّني بطبعي بطيء متردِّد (أسمّي بُطئي تَرَوٍّ وتردُّدي حكمةً)، فقد آثرتُ تقصّي الحقائق والمناقشة مع بعض الزملاء قبل أن ألحق بالحملة نفسَها؛ وقد شلّتني المناقشات والتعليقات بعض الوقت عن اتّخاذ أيّ موقف؛ لكنّ عدم اتّخاذ موقف أيضاً هو ضرب من "النذالة".
أعرفُ أنّ آلافاً من الشباب المصريّ معتقلين لسبب أو لآخر، ولميول سياسيّة نحو اليمين تارةً ونحو اليسار تارةً أخرى، ولم أكترث من قبل بالمطالبة بإطلاق سراح أحدهم. أمبرِّرٌ هذا لكي لا أبدأ؟
لا.. في الحقيقة ليست هذه أوّل مرّة، ولستُ بغير مكترث، فقد حدث أن تذكرتُ "أمين"...
أمين؟
كان أمين عضواً في أسرة النور الإسلاميّة بالكليّة أثناء فترة دراستي. وكنّا على طرفي نقيض في انتخابات اتّحاد الطلبة، فقد كُنتُ أحد مرشّحي طلبة الأسر والجوّالة وكان هو أحد كوادر أسرة النور (المنافسة لنا). وقبل الانتخابات بيومٍ واحد، ونحنُ على باب المدرّج سمعتُ أنّ أميناً قد اختفى في ظروف غامضة وإنّ أسرته تقول إنّه اعتُقِل.
كُنتُ أسبح في بحر المثاليّات (وريعان الشباب!!) في ذلك الوقت، و"أخذتني الجلالة" فأسرعتُ الخُطى نحو الميكروفون وهممتُ بالحديث. ولم يكُن هذا مُستغرباً عشيّة الانتخابات، فقد توقّع من رأوني شيئاً مملاً من باب "انتخبونا" أو "أخيراً أقنعنا الدكتور فلان أن يطبع محاضراته". لكنّني فوجئتُ بصمتٍ لم أشهده من قبل حين نطقت كلماتي الأولى: "يا جماعة بغض النظر عن المنافسة الانتخابيّة، عايز أعرّفكم أنّ زميلنا أمين مختفي ونحن لا نعرف ظروف اختفائه ولا أسبابها، لكن... كذا كذا... ويا ريت لو حدّ عنده اقتراحات لمساندة أسرته يتفضّل."
كان هذا دورنا-لا شكّ-كأعضاء في اتّحاد الطلبة (في آخر أيّام فترة عضويّتنا)، وكان ما فعلته رد فعل تلقائيّ أبقاني مقشعراً لفترة بعدها وأنا أستمع للتعليقات المختلفة من نوع: "حركة ميّة ميّة"، "ماشي يا عم، حركتين كده علشان الانتخابات"، "إنت متأكّد إنّك قدّ اللي بتقوله؛ ده هم نفسهم ما كانوش هيفتحوا الموضوع. كده هتخش إنت كمان القائمة السوداء!".
ثم التفسيرات الأخرى اللاحقة مثل: "دي مجرّد منظرة"، أو "سحب البساط من تحت أقدام أسرة النور"، "يقتلوا القتيل ويمشوا في جنازته، تلاقيهم عملوا كده علشان ما يحضرش الانتخابات" إلى جانب "إيه اللي هببته ده. إنت كده عملتله أكبر دعاية ليلة الانتخابات".
ولم أستطع (وحتّى الآن لا أستطيع) نفي أحد هذه الادّعاءات أو إثباته، فقد حدث ما حدث في لحظة تلقائيّة (أو سمّوها "عنتريّة")، أعقبها أن توّجهنا لرئيس حرس الكليّة الذي أقسم أنّه لا يعرف شيئاً عن الأمر، ووعد بإجراء اتّصالات.
ثم عرفنا أنّ الجامعة لا دخل لها بالموضوع بالمرّة، بل كان الأمر بلاغ من "فاعل خير" هو "مطبعجي" لجأ إليه أمين لطباعة مذكّرة عليها بضعة شعارات لأسرة النور، ويبدو أنّ صاحب المطبعة "خاف على نفسه لا يكون كمين" فأدّى واجبه الوطني لتأمين نفسه وأبلغ المباحث عن الفتى.
بعد أيّام قليلة عاد أمين وعليه علامات إرهاق وألم صامتَيْن، وقال المقرّبون له إنّه لم يتحدّث قطْ عمّا حدث له في هذه الأيّام، وخسر كام امتحان بسيط من أعمال السنة.
وانتهى الأمر على هذا، ولم يؤثر هذا على الانتخابات بأيّ شكل، فقد فزنا كالعادة (بدون شطب أو تزوير).
عبد الكريم؟ (يُتبَع)
لم يعُد الدفاع عن حقوق الخصوم السياسيّين ضرباً من النبل والمثاليّة ولا حتّى مناورةً سياسيّة
بل هو الاختيار الحيوي الوحيد للحركات "النضاليّة" والاختبار الحقيقيّ للمصداقيّة
بل هو الاختيار الحيوي الوحيد للحركات "النضاليّة" والاختبار الحقيقيّ للمصداقيّة
2تعليقات:
mesh hamak el modo3 ya3ny?
هوا د.رامي شوف
صدقني مش موضوع عشان المجتمع ولا ظروف ولا اي حاجه من الكلام دا
ولا حتى مجرد تقيه
انا بجد واحد من الناس اللي مبحبهوش بجد
وصدقني قعدت فتره قبل ماكتبت في تاني موضوع مش في الخبر الاول كمان اني ببغضه
الموضوع صعب اني افسره
انا دافعت عن عبد الكريم رغم بغضي له لانه حقه انه يقول
ومن حقي اني اكرهه وادافع عنه رغم كراهيتي له
دي فكرتي اللي عايز اوصلها والناس تفهمها
لان مدونين ياما جدا خايفين بشده من مجرد الاقتراب من الموضوع ومدونين اخرين رافضين اي زج باسم المدونين في الموضوع
مش عارف انا كلامي مش راكب على بعضه ومش عارف انا عايز اوصل ايه اصلا
في النهايه الازمه مش في عبد الكريم
اللي متأكد منه ان الازمه فينا احنا كبشر قبل كل حاجه
Post a Comment
<< Home