وقعت في شرّ أقوالي
لا شكّ أنّني خُضتُ في مستنقع يصعب الخروج مِنه حين اخترتُ أن أتطرّق لفن خِداع القرّاء والمستمعين أو ما أسمَيتُه بفنّ "الضحك على الذقون (الدقون)". فأنا نفسي أكتُب وأتحدّث كثيراً، وبالطبع أنا لا أكتُب لمجرّد تفريغ أفكاري، وإلاّ لفعلت ذلك على الورق ولما اخترتُ أن أنشُرَ ما أكتُبه. لكنّني دخلتُ المُستنقع حين اخترتُ نقد الخِداع والتحذير مِنْه، بينما أنا أكتُبُ أيضاً للتعبير عن أفكاري، وبالطبع لمشاركتها مع القُرّاء، ولا شكّ أنّ أملي ورجائي وطمعي هو أنْ تُعجِب أفكاري القارئ، بل أن يقتَنِع ببعضِها، بل أن تغيّر شيئاً في منظومة أفكاره، سواء بإضافة معلومة، أو إثارة تساؤل، أو تحدّي فكرة مُسبَِقة لديه.
أجل! لديّ أهداف، لا أُخفيها. ولديّ تصوّر أيضاً عن كيفيّة الخِداع، وأحذّر قارئي من كافّة أنواع الخِداع. أيّ موقف هذا الذي أقف فيه؟ لقد وقعتُ في "شرّ أقوالي" وربّما في "خَيْرِها"، فلا شكّ أنّ قارئي سيصير أكثر تحفّزاً تجاه قبول أيّة فكرة أكتبها، متوجِّساً خيفةً، متأهِّباً لالتقاط علامات الخِداع، مشكِّكاً في كلّ زعمٍ أزعمه، ممحِّصاً كلّ ما أكتُب. نعم! لقد وضعتُ نفسي في موقف صعب، وأنا نفسي أعترف بأنّني بعيد كلّ البُعد عن العِصمة من الخِداع. لستُ معصوماً وربّما لستُ صافيَ النيّة بدرجة تامّة. أحياناً ما أتفادى بعض الأمثلة خشية انقلاب الحُجّة ضدّي، وأحياناً ما أبالغ في الهجوم في اتّجاه ما، وأحياناً ما أضع الكثير من الحجج جنباً إلى جنب لتعضيد فكرة دون أخرى.
حقّاً، وصِدقاً، لا أستطيع أن أزعم عِصمتي ممّا أُهاجِم -وأرجو ألاّ يكون صِدقي هذا قناعاً يبغي إقناعاً- فأنا فِعلاً أتعهّد على نفسي أن أواصل السعي نحو الصِدق مع القارئ والشفافية متى استطعتُ لذلك سبيلاً، وأعِد القارئ بشيء قد يكرهه البعض: أعِده بالاعتذار والاستدراك وربّما "الرجوع في كلامي" متى أدركتُ أنّني تسرّعتُ أو بالغتُ أو لجأتُ لوسيلة من وسائل رخيصةٍ لكسب القرّاء، أو الصيد في المياه العكرة!
أقول هذا بالتحديد بسبب الموقف التالي: قرأتُ مقالاً، بل مقالاتٍ لمجدي خليل،صحفيّ مصريّ يكتُب كثيراً في مواقع وجرائد للأقباط في أمريكا، المعروفين سياسيّاً بأقباط المهجر. أعجبني بعض ما كَتَب، وأثار غضبي بعض ما كَتَب، وهمَمْتُ بالتعليق والردّ على هذه الصفحات، لتحقيق مكسب سهل (ووهميّ) بالردّ على كاتب لن يقرأ ما أكتُبه غالباً. ولكنّني -كما أسلفتُ في عُنوان هذا المَكتوب- سقطتُ في شرّ أعمالي أو أقوالي، وانقلَبَت أقوالي عليّ صارخةً: هاه! أنت يا هذا تتحدث عن النُبل وتشكو مِن الصيد في المياه العكرة.. تتحدث عن الضحك على الذقون؟ وها أنت تريد أن تبارز رجُلاً لا يحمل السيف؟ أيّ فارِسٍ يفعل هذا؟ أتريد أن تجادل كاتباً جدالاً من طرف واحد، على صفحات سجلٍّ تكتبه أنت ويقرؤه قرّاؤك وأصدِقاؤك؟ أيّ مجادلة هذه وأيّ حِوارٍ بنّاء ينتج من هذا الـ"مونولوج"؟
أخ... فقدتُ فُرصة مقال سَهل، وفي المُقابل، صرخ ضميري -ذي الصوت المزعج أحياناً- قائلاً إنّني لا أستطيع أن أعلّق على مقالات مجدي خليل إلاّ... إلاّ... امممم... إلاّ إن أرسلتَ له أوّلاً وناقشتُه وأصغيت له وعرفت ما وراء ما يكتُب، قبل أن أعلّق وأردّ.
يا للفكرة المثاليّة "البايخة" التي ستُفقِدني مقالاً وربّما تمنعني فرصة سهلة من التعليق الغاضب. وماذا لو صرخ ضميري الصرخة نفسها طالباً منّي أن أُراسِل فهمي هويدي أو سمير رجب أو سيّد القِمني أو غيرهم ممّن يثيرون لديّ الكثير من التعليقات؟
يلوح لي اليوم أنّ النُبل والفروسيّة والحِكمة والرشاد كلمات سهلة القول صعبة التنفيذ، ولعلّي أفهم الآن أكثر وأكثر لماذا يتخلّى الكثيرون عن هذه الاأفكار/القيم/ المثاليّات. لكنّني الآن لم أعُد ُ حُرّاً طليقاً؛ ستطاردني فكرتي حتّى أُنفِّذها، وكلّي أمل أن أرسل لذلك الكاتب ولا يرُدّ، لعلّي ألتمس لنفسي عُذراً. لكِنْ: لنرَ! لنرَ إلى أين سيقودُنا "الشرف"! أما قُلتُ مسبقاً: "أحسن مِ الشرف مافيش؟"
الردّ -نَقلاً عن عدّة مسلسلات وأفلام عربيّة: "خلّي الشرف ينفعك يا فالح!"
ـ
أجل! لديّ أهداف، لا أُخفيها. ولديّ تصوّر أيضاً عن كيفيّة الخِداع، وأحذّر قارئي من كافّة أنواع الخِداع. أيّ موقف هذا الذي أقف فيه؟ لقد وقعتُ في "شرّ أقوالي" وربّما في "خَيْرِها"، فلا شكّ أنّ قارئي سيصير أكثر تحفّزاً تجاه قبول أيّة فكرة أكتبها، متوجِّساً خيفةً، متأهِّباً لالتقاط علامات الخِداع، مشكِّكاً في كلّ زعمٍ أزعمه، ممحِّصاً كلّ ما أكتُب. نعم! لقد وضعتُ نفسي في موقف صعب، وأنا نفسي أعترف بأنّني بعيد كلّ البُعد عن العِصمة من الخِداع. لستُ معصوماً وربّما لستُ صافيَ النيّة بدرجة تامّة. أحياناً ما أتفادى بعض الأمثلة خشية انقلاب الحُجّة ضدّي، وأحياناً ما أبالغ في الهجوم في اتّجاه ما، وأحياناً ما أضع الكثير من الحجج جنباً إلى جنب لتعضيد فكرة دون أخرى.
حقّاً، وصِدقاً، لا أستطيع أن أزعم عِصمتي ممّا أُهاجِم -وأرجو ألاّ يكون صِدقي هذا قناعاً يبغي إقناعاً- فأنا فِعلاً أتعهّد على نفسي أن أواصل السعي نحو الصِدق مع القارئ والشفافية متى استطعتُ لذلك سبيلاً، وأعِد القارئ بشيء قد يكرهه البعض: أعِده بالاعتذار والاستدراك وربّما "الرجوع في كلامي" متى أدركتُ أنّني تسرّعتُ أو بالغتُ أو لجأتُ لوسيلة من وسائل رخيصةٍ لكسب القرّاء، أو الصيد في المياه العكرة!
أقول هذا بالتحديد بسبب الموقف التالي: قرأتُ مقالاً، بل مقالاتٍ لمجدي خليل،صحفيّ مصريّ يكتُب كثيراً في مواقع وجرائد للأقباط في أمريكا، المعروفين سياسيّاً بأقباط المهجر. أعجبني بعض ما كَتَب، وأثار غضبي بعض ما كَتَب، وهمَمْتُ بالتعليق والردّ على هذه الصفحات، لتحقيق مكسب سهل (ووهميّ) بالردّ على كاتب لن يقرأ ما أكتُبه غالباً. ولكنّني -كما أسلفتُ في عُنوان هذا المَكتوب- سقطتُ في شرّ أعمالي أو أقوالي، وانقلَبَت أقوالي عليّ صارخةً: هاه! أنت يا هذا تتحدث عن النُبل وتشكو مِن الصيد في المياه العكرة.. تتحدث عن الضحك على الذقون؟ وها أنت تريد أن تبارز رجُلاً لا يحمل السيف؟ أيّ فارِسٍ يفعل هذا؟ أتريد أن تجادل كاتباً جدالاً من طرف واحد، على صفحات سجلٍّ تكتبه أنت ويقرؤه قرّاؤك وأصدِقاؤك؟ أيّ مجادلة هذه وأيّ حِوارٍ بنّاء ينتج من هذا الـ"مونولوج"؟
أخ... فقدتُ فُرصة مقال سَهل، وفي المُقابل، صرخ ضميري -ذي الصوت المزعج أحياناً- قائلاً إنّني لا أستطيع أن أعلّق على مقالات مجدي خليل إلاّ... إلاّ... امممم... إلاّ إن أرسلتَ له أوّلاً وناقشتُه وأصغيت له وعرفت ما وراء ما يكتُب، قبل أن أعلّق وأردّ.
يا للفكرة المثاليّة "البايخة" التي ستُفقِدني مقالاً وربّما تمنعني فرصة سهلة من التعليق الغاضب. وماذا لو صرخ ضميري الصرخة نفسها طالباً منّي أن أُراسِل فهمي هويدي أو سمير رجب أو سيّد القِمني أو غيرهم ممّن يثيرون لديّ الكثير من التعليقات؟
يلوح لي اليوم أنّ النُبل والفروسيّة والحِكمة والرشاد كلمات سهلة القول صعبة التنفيذ، ولعلّي أفهم الآن أكثر وأكثر لماذا يتخلّى الكثيرون عن هذه الاأفكار/القيم/ المثاليّات. لكنّني الآن لم أعُد ُ حُرّاً طليقاً؛ ستطاردني فكرتي حتّى أُنفِّذها، وكلّي أمل أن أرسل لذلك الكاتب ولا يرُدّ، لعلّي ألتمس لنفسي عُذراً. لكِنْ: لنرَ! لنرَ إلى أين سيقودُنا "الشرف"! أما قُلتُ مسبقاً: "أحسن مِ الشرف مافيش؟"
الردّ -نَقلاً عن عدّة مسلسلات وأفلام عربيّة: "خلّي الشرف ينفعك يا فالح!"
ـ
0تعليقات:
Post a Comment
<< Home