أفيون الشعوب؟
تعقيب: أفيون الشعوب؟
بدأ بعض القرّاء بالفعل يتركون التعليقات، وأنا على ذلك أشكرهم بشدّة. وبالطبع، تدفعني بعض التعليقات أيضاً إلى المزيد من التفكير، ومنها تعليق وقّعته "مافي" مشيرةً إلى مقولة شهيرة تُنسب لكارل ماركس، وهي أنّ "الدين أفيون الشُعوب".
هذا القَوْلُ في حدّ ذاته يبدو بسيطاً، لكنّه -ربّما مثل عقلي- مُعَقَّد بالفعل. وإٍنْ كان البعضُ يتّخذون قَوْلَ ماركس هذا ’ديناً‘، فالبعضُ -وهم غالباً أكثر- يعتَبِرونه كُفراً. وأنا أقول للبعض "الأولانيين" وللبعض "الآخرين" مهلاً مهلاً. لنتناول المَقولة بهدوء وعقلانيّة ونفهمها ونتفهّمها كي نستطيع التفاهُم بأسلوب آدمي إنسانيّ ناضح راشد.
العُبارة جملة اسميّة مُبتدأُها الدين (بلا تخصيص) وخبرُها أفيون. والعِبارة تحمِل تشبهياً بالطبع، فليس المقصود أنّ الدين هو ثمرة نبات الخشخاش، بل كلمة أفيون مُضافة إلى الشُعوب مُشيرةً إلى تأثير للمُبتدأ (كلمة "الدين") على الشعوب (بلا تخصيص شعب معيّن).
"كفاكَ سَفْسَطةً" وتلاعُباً! أتقول هذا أيّها القارئ؟ لا أتلاعب بالمرّة. القَولُ ليسَ بسيطاً، وفي الوقت نفسه هو رأي مُطلق يَصعُب إثباته أو نفيه، وينتمي إلى طائفة من الكلِمات التي يُسَمّيها الكاتب المصريّ زكي نجيب محمود بالكلمات "الخالية من المعنى*". وهو لا يقصد بهذا أنّها كلام فارغ، بل يعني أنّها لا يُمكِن إثباتها أو نفيها بالمنطق أو بالعلم.
يُمكن ببساطة تحوير قَولِ ماركس لإرضاء بعض القُرّاء دون غيرهم. فما رأيك في العبارات التالية؟
- الدين الباطل أفيون الشعوب.
- كلّ دين أفيون الشعوب ما عدا ديني.
- الدين غير السماوي أفيون الشعوب.
- ديانة عبادة الشيطان أفيون الشعوب.
- الدين أفيون الشعوب الفقيرة.
- الدين أفيون الشعوب الجاهلة.
- التديّن الشكلي أفيون الشعوب الحرفيّة.
- دين بلا إيمان أفيون لشعوب بلا عقول!
- إلخ.. إلخ...
علماً بأنّنا لم نتحقّق بعد إِنْ كُنّا -أنا وقرّائي- نتّفق -أصلاً- على تعريفٍ مشترك للـ"دين" وللـ"أفيون"، ذلك العلاج الذي يُستخدم أيضاً كمخدر.
مرّة أخرة أؤَكِّد لك أنني لا أتلاعب وسأدخُل إلى الموضوع مباشرةً.
العِبارة التي قالها ماركس عن الدين لا يُمكِن أخذََها خارج السياق، ولا يُمكِن تعميمها. ولا يُمكِن تداولها بين أناسٍ لم يقرأوا الكتِاب الذي وردت فيه. فعندئذٍ تصير قُنبُلةً موقوتة، وتصير هي نفسها مُخَدَِراً وأفيوناً. ولا يُمكِن بِحالٍ من الأحوال الاتّفاق معها أو نفيها. لكنّها بالفعل تُنبِّهُنا إلى شيء مهم: هل يوجد أفيون للشعوب؟ هل توجد مُخدِّرات تُسَهِّل قيادة الشعوب؟
(يُتبَع بعد قليل)
اقرأ في بقيّة المقال قريباً:
- السبعينيّات: الكُرة أفيون الشعب المصري؟
- الألفيّة الجديدة: الفيديو كليب أفيون الشعوب؟
- من الذي يُخدِّر من: هل يخدِّر الحُكّام شعوبهم أم يخدِّر الشعوب أنفسهم؟
هوامش:
* زكي نجيب محمود: موقف من الميتافيزيقا- دار الشروق
كتب في هذا الموضوع:
- عمرو إسماعيل: هل الدين هو فعلاً أفيون الشعوب، أم أنّ هناك مفهوم أفيونيّ للدين؟
- شوقي أبو خليل: حول مقولة الدين أفيون الشعوب
بدأ بعض القرّاء بالفعل يتركون التعليقات، وأنا على ذلك أشكرهم بشدّة. وبالطبع، تدفعني بعض التعليقات أيضاً إلى المزيد من التفكير، ومنها تعليق وقّعته "مافي" مشيرةً إلى مقولة شهيرة تُنسب لكارل ماركس، وهي أنّ "الدين أفيون الشُعوب".
هذا القَوْلُ في حدّ ذاته يبدو بسيطاً، لكنّه -ربّما مثل عقلي- مُعَقَّد بالفعل. وإٍنْ كان البعضُ يتّخذون قَوْلَ ماركس هذا ’ديناً‘، فالبعضُ -وهم غالباً أكثر- يعتَبِرونه كُفراً. وأنا أقول للبعض "الأولانيين" وللبعض "الآخرين" مهلاً مهلاً. لنتناول المَقولة بهدوء وعقلانيّة ونفهمها ونتفهّمها كي نستطيع التفاهُم بأسلوب آدمي إنسانيّ ناضح راشد.
العُبارة جملة اسميّة مُبتدأُها الدين (بلا تخصيص) وخبرُها أفيون. والعِبارة تحمِل تشبهياً بالطبع، فليس المقصود أنّ الدين هو ثمرة نبات الخشخاش، بل كلمة أفيون مُضافة إلى الشُعوب مُشيرةً إلى تأثير للمُبتدأ (كلمة "الدين") على الشعوب (بلا تخصيص شعب معيّن).
"كفاكَ سَفْسَطةً" وتلاعُباً! أتقول هذا أيّها القارئ؟ لا أتلاعب بالمرّة. القَولُ ليسَ بسيطاً، وفي الوقت نفسه هو رأي مُطلق يَصعُب إثباته أو نفيه، وينتمي إلى طائفة من الكلِمات التي يُسَمّيها الكاتب المصريّ زكي نجيب محمود بالكلمات "الخالية من المعنى*". وهو لا يقصد بهذا أنّها كلام فارغ، بل يعني أنّها لا يُمكِن إثباتها أو نفيها بالمنطق أو بالعلم.
يُمكن ببساطة تحوير قَولِ ماركس لإرضاء بعض القُرّاء دون غيرهم. فما رأيك في العبارات التالية؟
- الدين الباطل أفيون الشعوب.
- كلّ دين أفيون الشعوب ما عدا ديني.
- الدين غير السماوي أفيون الشعوب.
- ديانة عبادة الشيطان أفيون الشعوب.
- الدين أفيون الشعوب الفقيرة.
- الدين أفيون الشعوب الجاهلة.
- التديّن الشكلي أفيون الشعوب الحرفيّة.
- دين بلا إيمان أفيون لشعوب بلا عقول!
- إلخ.. إلخ...
علماً بأنّنا لم نتحقّق بعد إِنْ كُنّا -أنا وقرّائي- نتّفق -أصلاً- على تعريفٍ مشترك للـ"دين" وللـ"أفيون"، ذلك العلاج الذي يُستخدم أيضاً كمخدر.
مرّة أخرة أؤَكِّد لك أنني لا أتلاعب وسأدخُل إلى الموضوع مباشرةً.
العِبارة التي قالها ماركس عن الدين لا يُمكِن أخذََها خارج السياق، ولا يُمكِن تعميمها. ولا يُمكِن تداولها بين أناسٍ لم يقرأوا الكتِاب الذي وردت فيه. فعندئذٍ تصير قُنبُلةً موقوتة، وتصير هي نفسها مُخَدَِراً وأفيوناً. ولا يُمكِن بِحالٍ من الأحوال الاتّفاق معها أو نفيها. لكنّها بالفعل تُنبِّهُنا إلى شيء مهم: هل يوجد أفيون للشعوب؟ هل توجد مُخدِّرات تُسَهِّل قيادة الشعوب؟
(يُتبَع بعد قليل)
اقرأ في بقيّة المقال قريباً:
- السبعينيّات: الكُرة أفيون الشعب المصري؟
- الألفيّة الجديدة: الفيديو كليب أفيون الشعوب؟
- من الذي يُخدِّر من: هل يخدِّر الحُكّام شعوبهم أم يخدِّر الشعوب أنفسهم؟
هوامش:
* زكي نجيب محمود: موقف من الميتافيزيقا- دار الشروق
كتب في هذا الموضوع:
- عمرو إسماعيل: هل الدين هو فعلاً أفيون الشعوب، أم أنّ هناك مفهوم أفيونيّ للدين؟
- شوقي أبو خليل: حول مقولة الدين أفيون الشعوب
1تعليقات:
بلوك بالعربي!......بلوك بالعربي!.....أحمدك يارب
:-)
Post a Comment
<< Home