الرسالة التالية تلقيتها بالأمس من فتاة مصريّة-طالبة في الجامعة-عمرها الآن عشرون عاماً - طلبت عدم ذكر اسمها:
تصورت أنى نسيت أو ربما تناسيت تلك الخبرات التى لا تزال بداخلى راكدة كبركان ينتظر لحظة انفجار ... وصف أمر مثل هذا يجعل كل ذرة فى كيانى تنتفض وتنتفض بمجرد انتزاع تلك المشاهد من ذاكرتى :
في أحد أيام خريف عام ٢٠٠٠ (كان عمرى آنذاك ١٤ عاماً) ركبت مترو الانفاق-عربة السيدات- لأكون فى مأمن من تلك العيون التى تلتهم جسدى و تعرينى و أنا واقفة فى مكان.
وإذا بصبى أسمر اللون يبدو من هيأته أنه يكبرنى ببضعة أعوام يدخل العربة، فتذكره سيدة بأن هذه عربة السيدات، يجيبها أنه سينزل فى المحطة القادمة و كانت محطتى ...
و بينما أنا نازلة، شعرتُ بيد تخترق مؤخرتى و أعضائى لثوان وبسرعة البرق يجرى الصبى بعيدا بعد أن تركنى فى حالة ذهول ...
لم انطق بكلمة، توقف الزمن، ما حدث يفوق قدرات إدراكى. شعرت أن عذرويتى تنتهك وما العذرية سوى هذا الإحساس بالنقاء و الطهارة ... شعرت أن جسدى سلعة رخيصة ملقاة فى سلة المهملات فى الشارع يستطيع أى حيوان ضال أن يلتهمها دون ان يعترضه أحد. وظللت اكتم كل شىء فى صدرى، و فى المساء عاودتنى ذكرى كدت أنساها يوم تم التحرش بى و عمرى ٥ سنوات من رجل يكبرنى على الأقل بـ٢٥ عاماً مما جعلنى أكره أنوثتى وأحتقرها من دون وعى.
عشت سنوات لا اعرف لماذا لا أحب العناق والقبلات.. لماذا لا أشعر بأى استجابة أمام التعبير باللمس من الأهل والأصدقاء بل أنفر منه.
بعد هذا الحدث بعام، كنت أسير على كوبرى مشاة وإذا بغاصب جديد يكرر نفس الفعلة القذرة. هرولت الى البيت و كالعادة لم أنطق، حاولت التناسى و الادعاء بأن الأمر لم يجرحنى ولكن قطرات دم نزيف قلبى كانت أبلغ من أن أتجاهلها.
و منذ عام، فى أحد الشوارع الجانبية وفى وضح النهار جاء صبى صغير و غرس أصابعه فى صدرى فرجعت ملوثة بدم عفة كنت أحسب أن لا احد يستطيع أن ينتزعها منى.
غصب عنى هذه المرة قلت كلمة واحدة:"حيوان"
كانت صرختى :"حييييييييييييييييييييييييووواان"
والواقع أنه ليس حيواناً.. هو إنسان يستحق الشفقة والعقاب فى آن واحد.
لقد وجدت من يعلمنى قيمة الجسد و نبل التلامس وعمق الجنس أما هؤلاء فهم حقا بحاجة للرعاية.
ما أكتبه هو صرخة الى كل من يهمه الأمر، عن نفسى فقد وجدت من يضمد جرتحى و يعيننى على تعدى تلك الخبرات بعد أن بحت بها بعد حوالى ١٥ عاماً وأتصور أنى لم اكن لأشفى من آثارها لولا أنى بحت بها..
علّ صرختى تكون بداية لصرخات أخرى نواجه بها هذا الوباء الذى استشرى.
هذه هي الرسالة دون إضافة أو نقصان (إلا قيامي بتصويب الأخطاء اللغويّة)
وبالطبع سيكون السؤال البديهيّ للقارئ هو: وكيف يمكن إثبات صحة هذا أو ما الذي يجعلني أصدقه؟
واجابتي ببساطة هي: أنت ناضج وحر- اختَر آن تصدّق المرسِلة أو لا تصدّقها- هذا لا يعنيني- ما يعنيني هو أن تستمر حلقات البوح، وأن تكون موثّقة أكثر وأكثر-مع ضمان السريّة لمن يطلبها-حتى نستطيع إيجاد حلّ مناسب وحاسم.
Labels: اتكلموا, حملة, ضد التحرش