اللي ينتخب ياما يشوف: ٤. حصّنتك يا دقون، من كلّ بق مشحون

تفسير العنوان:
كما تعرفون فأنا متخصّص في علمَيْ الميكروبيولوچيا والمناعة (يعني التطعيم جزء من الكار بتاعي)،
وكما تعرفون أيضاً فأنا-في أوقات فراغي-أحاول دراسة ما أصطلح على تسميته "فنّ الضحك على الذقون" وتوفير علاج مجّاني لو ممكن،
وحيث إنّ الوقاية خيرٌ من العلاج (وأوفر كمان)، أحاول من الآن تطعيم القرّاء الأفاضل وذقونهم الغالية عليّ من ماسورة الضحك على الذقون والسخافة والتلاعب والخداع التي ستطفح في صحفنا وإذاعاتنا المسموعة والمرئيّة، وسيصل طفحها طبعاً للجزيرة والعربيّة والسي إن إن والبي بي سي و.. و.. و..

وقد اخترتُ طرح التطعيم في السوق من الآن، حتّى لا يقول قائل مغرض (وده مين ده؟) إنّني باتلكّك وأتصيّد الأخطاء. مافيش أخطاء لسة.. أنا أستعد لها.

فرضيّة: سأفترض جزافاً أنّ مبارك سيحصد ٧٥٪ من الأصوات (+/- ٥٪) وأنّ ابنَ نور سيحصل على ١٠٪-١٢،٥٪ وأنّ هناك مثلاً ٥٪ أصوات باطلة (غالباً كانوا ٢٠٪ وتمّ الاستسهال وأخذ أوّل مرشح حين يكون الصوت باطلاً-مين عارف؟)

أتوقّع المغالطات التالية في الصحف الحكوميّة والمعارضة غداً:

حزمة رقم ١:

ـ فوز كاسح لمرشح الوطني
ـ مبارك يحصُد ٧٥٪ من أصوات المصريّين
ـ ثلاثة أرباع المصريّون يقولون: نعم لمبارك لفترة خامسة
فاصل غنائي: "حوسني توتوري.. توتوري حوسني"- شادية
- Mubarak wins in Landslide
ـ مبارك يحسم الانتخابات لصالحه بأغلبيّة ساحقة
أو من المعارضة:
ـ ربع المصريّين لا يريدون مبارك
ـ الشعب يقول كلمته: رغم الترهيب والترغيب، ٢٥٪ من شرفاء مصر يرفضون التمديد.
إلخ...

ما العيب في هذه الحزمة؟
الخداع هنا يا سادة يكمُن ببساطة في ادّعاء أنّ نسبة الأصوات التي سيحصل عليها مرشّح الوطني هي نسبة "المصريّين" الذين صوّتوا له.
وطبعاً الخطأ واضح، فالمصريّون ٧٥ مليون، ولم يصوّت خمسون مليون منهم للمرشح الفائز، بل أقلّ قليلاً.
والادّعاء نفسه في الزعم بأنّ "ربع المصريّين" صوّتوا لمرشح آخر.

حزمة رقم ٢:

ـ مبارك يستحوذ على أصوات ثلاث أرباع الناخبين
أو
المعارضة تخطف ربع أصوات الناخبين من مرشّح الحزب الحاكم رغم سيطرة الحزب على جميع اللجان

هذه الحزمة أيضاً فيها خداع، لأنّ ليس كلّ الناخبين صوّتوا

بل حتّى لو قيل:
ـ ٧٥٪ من ١٠ مليون ناخب أدلوا بصوتهم لمبارك
فعلينا الاحتراس والذهاب للأرقام الدقيقة.
هل ستكون ٧٥٪ هي نسبة الأصوات الصحيحةأم من جميع الأصوات بما فيها الباطلة؟

أدعوكم لمراقبة صحف الغد وبعد الغد ولنرَ من سيحترم عقولنا وسيصدقنا القول:
من سيعطينا في العناوين الرئيسيّة العدد الحقيقيّ للناخبين أو عبارة دقيقة مثل:
"١٠٪ من الأصوات الصحيحة تذهب لأيمن نور"...
وبالمناسبة، هذه هي البوادر، ومن مصادر غير مصريّة
(الجزيرة تتحدّث عن الاكتساح {أمّال ٩٩٪ بتاعة زمان تبقى إيه}، والأسوشيتد پرس عن الـlandslide)

*****

بريق الأعداد:

ثم نأتي للغة الأرقام...
بينما تساءل ميلاد هنا عن النسبة الحرجة للأصوات التي سيحصل عليها مبارك وترضى عنها الجماهير (لتفادي شبهة التزوير وتفادي نقص الشعبيّة في الآن نفسه)، فالأهم من النسبة المئويّة في رأيي هو الأعداد.
مَن مِن الـ٣١ مليون المسموح لهم بالانتخاب أدلى بصوته بالفعل؟

هذا مهم جداً.

فلنفترض أنّ العدد الذي سيعلن هو ١٥ مليون (٥٠٪)، ثم لنفترض أنّه ٦ مليون (٢٠٪)، ولنتوقّع-في الحالة الأولى-حزمةً أخرى من المانشيتات عن "الشعب الذي قال كلمته" وعن "الإقبال التاريخيّ غير المسبوق" وعن "نجاح أول انتخابات تعدّديّة في مصر" {وزغرطي يا كوندي لو كُندي تعرفي!!}.

مأزق الأعداد-في رأيي-يأتي من التوازن بين شعبيّة مبارك ونجاح "ربيع الديمقراطيّة" المصريّ، وبين شعبيّة مرشحي المعارضة.
فلو كان الإقبال ٥٠٪، فهذا عظيم.: أكثر من ١١ مليون يدلون بصوتهم لمبارك. لكن...
آن آن آااان...
أيمن نور في حملة قصيرة جداً يحصل على عشر هذه الأصوات، أي حوالي ١،٥ مليون؟ كثير بالنسبة لمرشح في الأربعين من عمره عليه قضيّة ومتهم بالعمالة.

لو ٢٠٪
صفعة لا بأس بها على وجه لجنة الانتخابات والحزب الوطنيّ ومرشّحه. ٦ مليون فقط يدلون بالأصوات (يعني أقل من عُشر سكّان مصر) ورغم الترهيب والترغيب والحشد والاستنفار، فمبارك سيحصل على ٤،٥ مليون صوت فقط؟ وحشة..
لكنّها سيّئة أيضاً لأيمن نور، فستكون الـ١٠٪ أو ١٢٪ التي سيحصل عليها ٦٠٠ ألف صوت. وهذا عدد ضعيف لو قسِّم على محافظات مصر. لا سيّما حين تبدأ أبواق الوطنيّ في أغنية: "لولا الأخوان لما نال نور سوى أصوات أعضاء حزبه والمتعاونين مع أمريكا الشيكابيكا".

كذلك، قد تقول المعارضة: "الشعب يقول كلمته الحقيقيّة. ٨٠٪ من المصريّين يقاطعون الانتخابات."
هه؟ من قال إنّهم قاطعوا؟ هم بس ما راحوش!!
الكثيرون لا بطاقات لديهم أو لم يجدوا مكانهم في اللجان (مثل الكثير من المدوّنين)، كذلك فهناك من يتكاسلون ويطنّشون. فهل هذا مؤشر على المقاطعة؟ يجب مقارنته بالانتخابات البرلمانيّة مثلاً....

أنا على يقين أنّ خيالي ضيّق جداً، وأنّ الأمثلة التي أسوقها لا تُقاس أمام ما سيتحفنا به أباطرة الصحف "الرسميّة" الجُدد.
هو فين سمير رجب صحيح؟ مش هيكتب تهنئة للرئيس؟
وفين محافظ الدأهليّة؟ ألم يقُل ٨ مليون دأهلاوي عايزين مبارك؟؟؟
وفين الأخ بباوي بتاع ٧٠ مليون مسلم ومسيحي يبايعون مبارك؟

طعّموا ذقونكم، وريّحوا بالكُم.